معركة إدلب قد تطول.. وتشمل عفرين

خالد الخطيب
الإثنين   2017/10/09
لا يعرف مقاتلو المعارضة ما هي وجهتهم النهائية (المدن)
ما زال المئات من مقاتلي فصائل "درع الفرات"، ممن وصلوا إلى تركيا فجر الجمعة قادمين من ريف حلب الشرقي، مُعسكِرين في ثكنات عسكرية تركية بين مدينتي أنطاكية والريحانية قبالة الحدود مع إدلب. ومن المقرر أن تنطلق دفعة ثانية من المقاتلين، عبر معبر حوار كيليس في ريف حلب الشمالي، خلال اليومين المقبلين، لتنضم إلى الدفعة الأولى. ولم تنتشر، حتى اللحظة، المجموعات العسكرية المعارضة على خطوط التماس بين تركيا وإدلب، ولم تصدر أوامر لهم بالتحرك بعد.

ولا يعرف مقاتلو المعارضة ما هي وجهتهم النهائية، هل هي باتجاه عفرين أم التوغل في إدلب؟ وقد تقتصر مهمتهم على التمركز وحماية النقاط العسكرية الأربع التي اتفق عليها الجانب التركي مع "هيئة تحرير الشام"، في منطقة سمعان الجبلية بالقرب من دارة عزة في ريف حلب، في مواجهة "وحدات حماية الشعب" الكردية في منطقة عفرين.

وأكد قيادي عسكري معارض، لـ"المدن"، أن الوفد العسكري التركي الذي دخل إلى ريف حلب، الأحد، قام بجولة ميدانية في المناطق الجبلية في سمعان والشيخ بركات في ريف حلب الشمالي الغربي، وتفقد وضع النقاط المتفق عليها مع "الهيئة". ومن المحتمل أن يتم العمل على تحصين المواقع والبدء بعملية الانتشار، التي لن تنتهي قبل أسبوع. ورجّح المصدر أن تشغل قوات "درع الفرات" هذه المواقع، بإشراف تركي مباشر، إلى أن يتم تجهيز قواعد عسكرية محصنة ومجهزة لاستقبال مزيد من القوات، خاصة التركية منها.

ومصدر اللغط يعود إلى عدم التوافق بين التصريحات التركية الرسمية وغير الرسمية، بشأن العملية العسكرية في إدلب، والتي سبقت الأفعال على الأرض بأشواط كثيرة. فالعملية ما تزال تراوح مكانها في انجاز الخطوات الأولى، والمؤشرات على الأرض هي باتجاه التمركز في محيط عفرين، لا باتجاه التوغل في إدلب بحسب الخطة التركية.

ولا تبدو تركيا مستعجلة في تنفيذ خططها العسكرية في إدلب وريف حلب، على عكس ما تصوره وسائل الإعلام عامة، والتركية بشكل خاص. وتحرص القوات التركية على منع التصريحات، وضبطها، خاصة من قبل القادة العسكريين المعارضين، في "درع الفرات" وريف حلب الغربي وإدلب. كما منعت القوات التركية تناقل صور التعزيزات التي أرسلتها فصائل "درع الفرات" إلى الحدود مع إدلب، وضغطت على بعض الفصائل لسحب بيانات أصدرتها قبيل الخروج من ريف حلب بساعات وأعلنت فيه انطلاقها نحو ادلب لتحريرها من "القاعدة". فلا تريد تركيا إثارة المشاكل مع "تحرير الشام"، في الوقت الراهن، بينما تضع في قائمة أهدافها عفرين التي تسيطر عليها "وحدات حماية الشعب" الكردية.

مصدر عسكري رجّح في حديثه لـ"المدن" أن تجرّ تركيا "هيئة تحرير الشام" لمعركة ضد "وحدات الحماية" في عفرين، ولكن بعد أن يقطع الطرفان شوطاً في الاتفاق حول إدلب وأرياف حماة وحلب، وفي الاتفاق على شكل "الهيئة" التي ستحلّ نفسها وتعيد التشكّل بطريقة مختلفة. الخطوات الأولى بالنسبة لتركيا تتركز على بناء حائط صدّ وحماية في مواجهة "وحدات الحماية" في عفرين، ومن ثم العمل على تهيئة الأجواء المناسبة لأي تحرك بهذا الاتجاه.

وفي الطرف المقابل، يبدو زعيم "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني، ممسكاً بزمام الأمور ضمن جماعته المسلحة، ملتزماً بتفاهماته مع القوات التركية حتى الآن. وتمكن الجولاني من ضبط عدد من المجموعات المسلحة والشخصيات الأكثر تشدداً في التنظيم، ومن بينها قائد "مجاهدي اشداء" الشرعي أبو اليقظان المصري. وتتألف "أشداء" من بضع مئات من المقاتلين، وكانت قد خرجت من حصار حلب نهاية العام 2016. "أشداء" كانت قبل أيلول/سبتمبر 2016 تابعة لـ"أحرار الشام"، وأبو اليقظان، كان أحد شرعيي "الحركة"، لكنه انشق على خلفية إصدار "الأحرار" فتوى تجيز التعاون والتنسيق مع الجيش التركي لمقاتلة تنظيم "الدولة الإسلامية". وانضمت "اشداء" مباشرة إلى صفوف "جبهة فتح الشام" حينها. ويبدو أن "أشداء" هي من استهدفت، الأحد، جرافة عسكرية تركية قرب الحدود عند بلدة كفر لوسين، وهو الخرق الوحيد لالتزام جماعة الجولاني. ونُسبت لأبي اليقظان المصري، تصريحات هاجم فيها العملية العسكرية التركية في ادلب، قبل أن يعود إلى التناغم مع بيان "الهيئة" الأخير الذي هاجم روسيا و"درع الفرات" مغفلاً ذكر القوات التركية. أبو اليقظان، عاد بشكل سريع لتأييد الجولاني في "تلغرام"، وقال: "أشهد الله تعالى أنني لم أر في الساحةِ الشامية أحرصَ عليها، ولا أفهم بما يُحاك لها من القائد الفذ الشيخ الجولاني".

وطرأ تغيّر ملحوظ على انتشار عناصر "هيئة تحرير الشام"، مؤخراً، بالتزامن مع تجهيزات القوات التركية لاشغال نقاطها في مرتفعات سمعان قبالة "وحدات الحماية". وخفّضت "الهيئة" انتشارها قرب المناطق الحدودية في ريفي حلب وإدلب؛ في حارم وسلقين وأطمة، وعلى جانبي معبر باب الهوى الحدودي الذي انتشر فيه مقاتلو "فيلق الشام".

ومن المبكر حالياً الحديث عن معركة ضد "وحدات الحماية" في عفرين، أو حصارها على الأقل. فتركيا تحاول إحراز تقدم متزامن في جبهتي عفرين وادلب، مستفيدة من الدعم الدولي لخطوتها في ادلب، وتعمل جاهدة على أن تكون خطواتها مدروسة. ومن المؤكد أن تفاهمها مع "هيئة تحرير الشام" يتضمن الكثير من البنود التي سيتم تطبيقها على مراحل، إذ تحاول تركيا في الوقت الحالي أن تؤمن لقواتها موطئ قدم، قبل أن تنطلق في خطوتها التالية.