لماذا تحارب "فتح الشام" "صقور الشام"؟

أحمد مراد
الجمعة   2017/01/27
قرار "فتح الشام" استئصال الفصائل "المعتدلة" يفرض عليها تصفية الفصائل، إما بالحرب أو الإذعان (انترنت)
هاجمت "جبهة فتح الشام" مقرات "صقور الشام" في محافظة إدلب، بعد سيطرتها على مقرات "جيش المجاهدين"، ومستودعات بلدة الحلزون القريبة من الحدود التركية. انضمام "صقور الشام" وفصائل عسكرية أخرى إلى حركة "أحرار الشام الإسلامية"، لتجنب الصدام المباشر مع "فتح الشام"، لم يدفع "الأحرار" لاتخاذ موقف حاسم من الهجوم على مقرات تلك الفصائل، رغم التزام الحركة بالدفاع عنها.

بعد سيطرة "فتح الشام" على مقرات "جيش المجاهدين" في بلدة الحلزون، وسيطرتها على مستودعات الأسلحة، وعلى "سجن إدلب المركزي" غربي إدلب، الثلاثاء، وهو يخضع لسيطرة المعارضة منذ بداية العام 2013 ويتولى "صقور الشام" إدارته، حشدت "الجبهة" أرتالاً في مُحاولةً للسيطرة على جبل الزاوية من محورين؛ الأول من العمق، بهجومها على بلدة إحسم، كبرى بلدات جبل الزاوية، والثاني من الجهة الشرقية، شمالي معرة النعمان، من بلدتي الدانا وبينين، القريبتين من بلدة سرجة المقر الرئيس لـ"ألوية صقور الشام" ومسقط رأس قائدها أحمد الشيخ، الملقّب بـ"أبو عيسى".

أرتال "فتح الشام" قطعت كافة الطرق المؤدية إلى جبل الزاوية في سيناريو مشابه لما حصل نهاية العام 2014 حين هاجمت مقرات "جبهة ثوار سوريا" في ذات المنطقة، وأحكمت سيطرتها على قرية دير سنبل، المقر الرئيس لقوات جمال المعروف. وترافق هجوم "فتح الشام" على "الصقور" بنزوح مدنيين من قرى احسم ومرعيان وابديتا وبينين والدانا، نحو مناطق أكثر أمناً بعد استخدام الدبابات وقذائف الهاون في الهجوم من قبل "فتح الشام".

الصحافي أحمد عاصي، قال لـ"المدن"، إن هذه العمليات ستؤدي لتسليم كامل المنطقة للنظام ومليشياته "متعددة الجنسيات". وأضاف "ما تزال ألوية صقور الشام تلقى قبولاً لدى الحاضنة الشعبية، لتاريخها الثوري الطويل، ومساهمتها الفاعلة في تحرير إدلب، وهي الفصيل الوحيد الذي أعلن وقوفه في وجه النصرة، في حين اتخذت أحرار الشام كعادتها موقفاً ضبابياً من كل ما يحدث". فقرار "فتح الشام" استئصال الفصائل "المعتدلة" في سوريا يفرض عليها التخلص من الفصيل الأقوى، وتتم لاحقاً تصفية الفصائل، إما بالحرب أو الإذعان، لذلك حاولت الإجهاز على أكثرها تأثيراً، وتبقى تصفية الفصائل الأخرى مسألة وقت.

ويبدو أن المتسبب الرئيس في اندلاع فتيل حرب الفصائل، وهي "حركة أحرار الشام"، لن تتخذ أي موقف تجاه ما تتعرض له فصائل كانت قد أعلنت الأربعاء انضمامها للحركة، ومبايعة أميرها. مصادر في "أحرار الشام" تحدثت لـ"المدن"، عن موقف "الحركة" مما يجري، بعد إرجاع قائد الحركة إلى "بيت طاعة" المتمثل بمجلس الشورى، مقابل إعلان القائد السابق للحركة هاشم الشيخ، حل "جيش الأحرار". الرجوع المشروط لأكثر عناصر "مجلس الشورى" المحسوبين على التيار المتشدد، أحكم الخناق على دائرة صنع القرار، رغم البيان الذي أصدره القائد العام علي العمر، الأربعاء، بقبول انضمام الفصائل إلى الحركة، وتعهده بحمايتها.

وأضاف المصدر "ما يُظهر أن اندماج الفصائل الستة تحت راية أحرار الشام، تكتيكي، هدفه تجنيب تلك الفصائل ويلات النصرة وطفلتها المدللة جند الأقصى". فـ"ألوية صقور الشام" كانت انضمت في وقت سابق لـ"الأحرار" بعد هجوم "جبهة النصرة" على "ثوار سوريا" و"ألوية الأنصار" و"حركة حزم". وكذلك أعلن قائد "تجمع فاستقم كما أمرت" أبو قتيبة، انضمامه لـ"أحرار الشام"، بعد سيطرة "حركة نور الدين زنكي" على مقراته في حلب خلال الحصار، قبيل إخلاء الأحياء الشرقية، ليعود للانفصال عنها لاحقاً. ولا تتقاطع أهداف تلك الفصائل مع "الأحرار" بحلتها الجديدة، بعد محاولات التقرّب مع "فتح الشام" التي يقودها أبو جابر الشيخ، فهو أحد عرّابي الاندماج مع "فتح الشام".

صراع التيارات داخل "حركة أحرار الشام"، ومحاولة التيار الأصولي استعادة زمام المبادرة، والتقارب مع "فتح الشام"، دفع تيارات من "الأحرار" لمؤازرة "الصقور" في معردبسة، جنوبي سراقب، بقيادة قائد "لواء أهل السنة" في "الأحرار" حسام سلامة. سلامة قال في تسجيل مصور، إن "جبهة فتح الشام تصدر الفتاوى الشرعية وتعمل بعكسها، كتحريم قتال الفصائل، ومهاجمتها في الوقت ذاته، وفتاوى ببغي جند الأقصى، وحمتهم حين قاربت أحرار الشام على استئصالهم". سلامة أشار إلى تقارب أفعال "فتح الشام" التي فكت ارتباطها بـ"القاعدة" بتنظيم "الدولة الإسلامية"، في عدم الالتزام بالشرع. وهذا ما قاله الجولاني في وقت سابق في إحدى لقاءاته المتلفزة، بإن الخلاف بين "النصرة" و"داعش" هو "خلاف داخل الأسرة الواحدة".

رسالة سلامة، عن اتباع "فتح الشام" سياسة "التغلّب"، ترجمها اتفاق بلدة الحلزون، الذي وقعته "فتح الشام" بعد سيطرتها على القرية وطرد "جيش المجاهدين" منها، إذ تعهدت بالخروج من القرية، وتسليم الأهالي ممتلكاتهم الخاصة، مقابل تسليم الأهالي كل مستودعات الذخيرة.

وكانت "جبهة فتح الشام" قد أصدرت بياناً دعت فيه إلى "التصدي للمشاريع المستوردة وإجهاضها، والتصدي للمؤامرة التي يحيكها المجتمع الدولي بمساندة فصائل عاملة على الأرض ضد الجبهة"، ما فرض عليها "اتخاذ خطوات استباقية" لمواجهة هذه المشاريع.

ويبدو، بحسب مراقبين، أن "فتح الشام" تحاول اتباع التجربة الأميركية في احتلال العراق، وشنّ حرب استباقية "قبل وقوع الكارثة". حرب ستشكل وبالاً على السوريين في حال كسبتها "فتح الشام"، ما يعني تعميم مصطلح "الإرهاب" على كافة المناطق الخارجة عن سيطرة في الشمال السوري، وإعلان "الإمارة الإسلامية" في إدلب.