جبهة الساحل منضبطة بقرار دولي

عبدالسلام حاج بكري
الإثنين   2016/08/08
النظام الذي يخطط لإقامة دولته الطائفية غربي نهر العاصي ما زال يتمتع بحرية التقدم في مناطق المعارضة (انترنت)
المأزق الذي يعيشه النظام بعد خسائره الكبيرة في حلب، وفقدانه السيطرة على أهم مواقعه العسكرية فيها، دفعه إلى محاولة تحقيق انتصار على جبهة أخرى يوظفه إعلامياً لتخفيف غضب أنصاره. لذا فقد بدأت قوات النظام هجوماً، الجمعة، على قرية شلف وقلعتها وناحية كنسبا في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، استمر حتى الاثنين، واستخدمت فيه مختلف صنوف الأسلحة، وقُصف فيه المحور المستهدف وقرى جبل الأكراد وطرق إمداد المعارضة، بعشرات القذائف والصواريخ والبراميل المتفجرة.

وتوّجت قوات النظام والمليشيات الداعمة لها هجومها، بالسيطرة على نقاط في قرية شلف وقلعتها صباح الأحد، الأمر الذي مكّنها من السيطرة على بلدة كنسبا، الاثنين، حيث دارت اشتباكات عنيفة مع فصائل المعارضة التي حاولت وقف تقدمها.

وقال مراسل "شبكة إعلام اللاذقية" مجد الناجي، لـ"المدن"، إن قوات النظام تكبدت عشرات القتلى والجرحى خلال معارك الأيام الثلاثة الماضية، وتعرضت مراصدها التي تقصف منها مناطق المعارضة في ريف اللاذقية، لقصف مركز بصواريخ "غراد" حديثة حصل عليها الثوار مؤخراً.

وسيزداد حرج النظام أمام مؤيديه إن لم يحتفظ بانتصاره الصغير هذا. وعبّرت شبكات إعلام مؤيدة، في مواقع التواصل، عن الغضب من هزائم الجيش في حلب، وذلك على الرغم من تلقي قوات النظام دعماً غير محدود من روسيا وإيران، ومشاركة عشرات الميليشيات الطائفية ميدانياً إلى جانبها في غالبية المعارك. وبات جمهور المؤيدين ينتظر أخبار انتصارات "ولو صغيرة" تحمل لهم أملاً بانتصارات قادمة أكبر، بحسب شبكاتهم الإعلامية.

وكانت قوات المعارضة في ريف اللاذقية، قد سيطرت على كنسبا وشلف خلال المرحلة الثالثة من "معركة اليرموك" التي أطلقتها في 27 حزيران/يونيو. وتحاول قوات النظام منذ ذلك الوقت استعادة السيطرة عليهما نظراً لأهميتهما الكبيرة، حيث تطلان على الطريق الدولي الواصل بين اللاذقية وحلب، وتشرفان على عدد كبير من القرى التي سيطرت عليها قوات النظام، الشتاء الماضي، بفضل الغطاء الجوي الروسي.

وشنّت قوات النظام والمليشيات، هجمات متكررة، على كنسبا، وتمكنت من السيطرة عليها ثلاث مرات، بيد أن قوات المعارضة كانت تتمكن من استعادتها خلال فترة وجيزة. ويُصر الطرفان على التشبث بالبلدة، إلا أن أيا منهما لم يستطع ذلك لفترة طويلة. فقوات النظام تقتحمها معتمدة على كثافة القصف الجوي والبري بكل أنواع الأسلحة، بما فيها العنقودية والفسفورية المحرمتان دولياً، بالإضافة إلى استهدافها منذ الأسبوع الماضي، بصاروخ بالستي، أطلقته بارجة روسية من عرض البحر مقابل "المينا البيضا" في اللاذقية. الأمر الذي أرغم مقاتلي المعارضة على الانسحاب منها، ولكنهم لم يتأخروا في العودة إليها عند انخفاض مستوى القصف.

حرب الاستنزاف تمنح قوات النظام أفضلية ميدانية نظراً لخطوط إمدادها المفتوحة، بالسلاح والذخيرة، فالسفن الإيرانية والروسية لا تتوقف عن شحن السلاح إلى الساحل. في حين تعاني فصائل المعارضة من محدودية تسليح، ويضطر بعضها للمغادرة أحياناً، للمشاركة في معارك حلب وريفها الشمالي وريف حماة.

المقدم المنشق محمد حمادو، قال لـ"المدن"، إن على فصائل المعارضة إن كانت تريد الحفاظ على المواقع التي تسيطر عليها، الاستمرار في الهجوم، والسيطرة على بقية المواقع التي خسرتها الشتاء الماضي. وأشار حمادو إلى ضرورة تقدم الثوار إلى القرى الموالية للنظام، وهذا ما سيحدُّ من استخدام الطيران في القصف، وبذلك تتوازن القوى إلى حد كبير.

وفي الوقت ذاته، أشار حمادو إلى أن إيقاع جبهة الساحل مضبوط بقرار دولي، مؤكداً على أنه ممنوع على المعارضة دخول القرى الموالية للنظام، في حين أن النظام، الذي يخطط لإقامة دولته الطائفية غربي نهر العاصي ما زال يتمتع بحرية التقدم في مناطق المعارضة. الأمر الذي سيجعل من ريف اللاذقية، في أسوأ الحالات، منطقة فاصلة عن الداخل المعارض، على حد تعبيره.

وحصلت "المدن" على معلومات من مصادر خاصة، تُفيد بأن "معركة اليرموك" كان مخططاً لها الاستمرار لتسع مراحل، وتصل حدود أهدافها إلى استعادة السيطرة على كافة القرى والمواقع التي سيطر عليها النظام مطلع العام 2016. ولم توضح المصادر إن كانت بقية المراحل ستستأنف أم لا.

مصادر متطابقة من الجيش الحر والفصائل الإسلامية، تؤكد أن المعركة لم تتوقف، وعلى أنها ستستأنف في أقرب وقت. وقد رأى مراقبون في وصول أنواع جديدة من الصواريخ لفصائل المعارضة في ريف اللاذقية، والتي بدأ استخدامها الأحد في قصف مواقع قوات النظام في تلة غزالة، مؤشراً إلى احتمال استئناف "معركة اليرموك" في أي لحظة.