"سوريا الديموقراطية" إلى الباب.. وانتهاكات في منبج

عبيدة أحمد
الثلاثاء   2016/08/16
تشكيل مجلس وهمي لمدينة يُشكل فيها العرب، غالبية ساحقة، يدل على النزعة التوسعية لـ"قسد" (انترنت)
تتطلع "قوات سوريا الديموقراطية"، بعد سيطرتها على مدينة منبج في ريف حلب الشرقي، للسيطرة على مدينة الباب، إلى الشرق من حلب بمسافة 50 كيلومتراً، وذلك بعد إعلانها الأحد عن تشكيل "مجلس عسكري" لمدينة الباب، على غرار "مجلس منبج العسكري".

وجاء الإعلان عن تشكيل "مجلس مدينة الباب العسكري" في ريف منبج الغربي، في ريف حلب الشمالي الغربي، باستخدام أسماء لفصائل عسكرية لم تكن موجودة سابقاً، وكذلك بأسماء اشخاص لا يعرفها أهل الباب ولم يعهدوها من قبل. وصُمِّمَت راية "المجلس" على غرار أعلام "وحدات حماية الشعب" الكردية المكون الرئيس لـ"قوات سوريا الديموقراطية" والذراع العسكري لحزب "الاتحاد الديموقراطي" الكردي، الفرع السوري لحزب "العمال الكردستاني". ويتكون "مجلس الباب العسكري" من فصائل "جبهة ثوار مدينة الباب" و"لواء شهداء قباسين" و"لواء السلاجقة" و"كتائب شهداء ريف الباب" و"كتيبة أحرار عريمة" و"لواء الشهيد سلو الراعي" و"لواء شهداء الكعيبة".

في المقابل، أصدر "المجلس المحلي والثوري لمدينة الباب وريفها" التابع للمعارضة السورية، بياناً، الثلاثاء، يستنكر فيه إعلان "قوات سوريا الديموقراطية" تشكيل "مجلس عسكري" في الباب، مؤكدأ وجود "مجلس عسكري" تم تشكيله سابقاً، ويضم أبناء مدينة الباب. وأوضح المتحدث في البيان، أن "المجلس العسكري" المُشكّل من قبل "قسد"، هو شكل لا قيمة له، ولا مشروعية لوجوده، وشخصياته مجهولة على الصعيد السياسي والإجتماعي والعسكري، تمّ إعلانه في ظروف غامضة.

"المجلس العسكري لمدينة الباب"، بفصائله الوهمية، عيّن جمال موسى رئيساً له. وموسى من بلدة قباسين ذات الغالبية الكردية، شرقي مدينة الباب، وكان يقيم في الباب، فيما بقية عناصر وفصائل "المجلس" من أكراد ريف الباب، ومن بلدتي تل حاصل وتل عرن في ريف حلب الجنوبي.

العملية ذاتها، تم تنفيذها سابقاً في معركة منبج، عندما ضمّ "مجلس منبج العسكري" فصائل عربية شكلية، في مسعى لتهدئة مخاوف العرب السنّة من الحضور الكردي الهائل في "قسد". حتى أن القيادي في "مجلس منبج" عدنان أبو أمجد، الذي ادعت "قسد" في البداية أنه عربي، ثبت أنه كردي، وكذلك معظم قيادات "مجلس منبج العسكري".

وبحسب ما قالت مصادر من مدينة الباب، لـ"المدن"، فإن الأسماء المذكورة للفصائل وللأشخاص، غير معروفة، وهي تدل على رغبة "قسد" بالتوسع غربي الفرات، بغرض وصل كانتوني كوباني وعفرين، الكرديين المعلنين "إدارات ذاتية" من قبل "الإتحاد الديموقراطي"، عبر الاستيلاء على مناطق العرب السنّة الواصلة بينهما.

ويطرح توجه "قسد" إلى مدينة الباب، والتخلي عن مدينة جرابلس الإستراتيجية، تساؤلات عن خطة "الإتحاد الديموقراطي" لوصل مدينتي عفرين ومنبج، وتجاوز خطوط تركيا الحمراء بما يخص المدن الحدودية كجرابلس.

وتسعى "قسد" للوصول إلى مدينة الباب، عبر محورين عسكريين؛ من منبج شرقاً، ومن عفرين غرباً، وتفصل بين مناطق سيطرة "قسد" حوالى 40 كيلومتراً. وبحسب مصادر "المدن"، ستقوم "قسد" بتطويق الشمال السوري؛ من مدينة منبج مروراً بمدينة الباب وصولاً إلى قرية حربل، ومن ثم إلى عفرين. وحتى تتمكن من التحرك بسهولة، اختارت "قسد" أن تدير ظهرها لقوات النظام في ريف حلب الشرقي، ومواجهة "الدولة الإسلامية" شمالاً. كما أنها تُفضّلُ عدم الاصطدام، لا مع فصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي، ولا مع الجيش التركي على الحدود. وذلك في خطة أولية، قد تتغير لاحقاً، لضرب فصائل المعارضة السورية، في محيط مدينة إعزاز شمالي حلب.



تشكيل مجلس وهمي لمدينة يُشكل فيها العرب، مرة أخرى، غالبية ساحقة، يدل بطريقة أو بأخرى على النزعة التوسعية لـ"قسد" وسط سياسة باتت مكشوفة في إحداث تغيير ديموغرافي للمنطقة. الأمر الذي سيصبح علنياً في ما لو تمكنت "قسد" من الوصول إلى عفرين غرباً. عندها سيكون "الاتحاد الديموقراطي" قد وصل مناطق سيطرته في كامل الشمال السوري، من القامشلي إلى عفرين، مروراً بعين العرب "كوباني".

ويبدو أن مناطق سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية"، أصبحت الكعكة التي يسعى الكل لقضمها، إلا أن النصيب الأكبر بات بيد "قسد" التي تحظى بدعم كبير من "التحالف الدولي". ويُشكّل حزب "الاتحاد الديموقراطي"، نقطة توافق نادرة في الحرب السورية بين أميركا وروسيا، ويتنافس الطرفان على دعمه، رغم الاتهامات التركية له بأنه الفرع السوري من حزب "العمال الكردستاني"، المصنف عالمياً كتنظيم إرهابي.

في المقابل، لا تحصل فصائل المعارضة السورية العسكرية، على دعم مماثل، رغم أنها تقاتل "داعش" في ريف حلب الشمالي، ومعظم أبناء مدينتي منبج والباب في صفوف الجيش الحر الأولى، لقتال التنظيم بغرض استعادة مناطقهم من التنظيم. إلا أن "الخطط الدولية" أصبحت واضحة، وسط سعي حثيث لتقسيم سوريا، وإعطاء الأكراد فرصة لإنشاء دولة قومية لهم، على حساب العرب في الشمال السوري.

وفي كل مرة تسيطر "قسد" على مناطق كانت تحت سيطرة "داعش"، يبدأ مسلسل الانتهاكات بحق المدنيين. وآخر تلك الانتهاكات ظهرت في منبج، بعدما باشرت "قوات سوريا الديموقراطية" بنقل الحبوب المُخزّنة في صوامع منبج، إلى مدينة عين العرب "كوباني". إضافة إلى طلبها مبالغ مالية من المدنيين، لتخليصهم من الألغام التي زرعها التنظيم في المدينة. هذا عدا عن عمليات السرقة لمئات المنازل وإعتقال العشرات بتهم "الدعشنة".

ويبقى ريف حلب الشرقي، تحت رحمة "التحالف الدولي" و"قسد" و"داعش"، في احتكار غير مفهوم للمعركة بينهم، التي تُمنع فيها مشاركة الجيش الحر والمعارضة السورية. بل إن معارك المعارضة مع "داعش" لا تحظى بدعم حقيقي من "التحالف الدولي" وتترك الفصائل في مواجهة التنظيم من دون حماية جوية أو معلومات استخبارية، أو ذخيرة كافية على عكس "قسد". و"داعش" يُدرك هذا الأمر، وصار كلما اشتد الضغط عليه من "قسد" يبحث عن انتصار ضد المعارضة السورية. ويفر مقاتلو "داعش" من المدن والأرياف، أمام "قسد"، باتفاقات ضمنية بينهما، ولكن فقط بعد تدمير مناطق العرب السنة، وتحويلها أكواماً من التراب.