الطائفية تتصاعد في مصر: مواجهة أقباط ومسلمين تحرج السيسي

عبد الرحمن يوسف
السبت   2016/07/23
مسلمون هاجموا منازل الأقباط في قرية بمحافظة بني سويف اعتراضاً على رغبة السكان بتحويل أحد منازل الأقباط إلى كنيسة (انترنت)

هل وصل المسيحيون في مصر إلى مفترق الطريق مع نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي؟ سؤال بات يتردد صداه في مصر على وقع تصاعد أحداث ذات طابع طائفي، منذ نهاية أيار/مايو الماضي، حين نُزعت ملابس سيدة مسيحية مسنة خلال خلاف نشب بين أفراد أسرتها ومسلمين، في محافظة المنيا، وهي القضية التي هزت المجتمع المصري آنذاك وعرفت باسم سيدة الكرم، وحاول السيسي تطويقها بالتشديد على الوحدة الوطنية وعدم وجود فرق بين المسلمين والمسيحين وأهمية إنفاذ القانون.

وما لبثت تلك القضية أن أخذت بالانسحاب من التداول اليومي بين الناس، حتى جددت أحداث البيضاء في العامرية، في الإسكندرية، حديثاً مشابهاً، على خلفية مهاجمة مسلمين لمبنى خدمي بحجة تحويله إلى كنيسة من دون ترخيص، ما أدى إلى صدامات عنيفة، ألقي القبض بموجبها على 5 أقباط، وسط فرحة كبيرة من مسلمي القرية. إلا أن التصعيد الأكبر جاء الأسبوع الماضي على خلفية قتل شاب مسيحي وإصابة ثلاثة آخرين بعد اعتداء عليهم من مسلمين، بسبب شجار بين أطفال في قرية طهنا في المنيا، فضلاً عن اعتداءات قرية أبو يعقوب التي أُحرقت فيها بعض منازل وممتلكات الأقباط، إثر أقاويل بتحويل منزل إلى كنيسة، إضافة إلى مهاجمة منازل الأقباط ورشقها بالحجارة، الجمعة، في محافظة بني سويف، إثر أحاديث عن تحويل منزل إلى كنيسة أيضاً.


هذه الوقائع لم تكن محرك السؤال بشكل رئيس، بقدر رد فعل السلطات في مصر، سواء الأمنية أو النيابية، فالواقعة الأخيرة شهدت إخلاء سبيل 16 متهماً، فيما تصاعدت الدعوات لحل هذه المشاكل عرفياً وهو الأمر الذي أثار حفيظة قطاعات واسعة من المسيحيين، بمن فيهم بعض القيادات الدينية كالأنبا مكاريوس، أسقف المنيا، التي تعتبر من أكثر المحافظات في مصر حضوراً في المواجهات بين مسلمين ومسيحيين.


ورغم موقف الأنبا مكاريوس القوي، وجهره بعدم الرضى عن الجلسات العرفية، إلا أن تصاعد غضب شباب الأقباط لم يتوقف، بسبب ضعف موقف الكنيسة الرسمي، ممثلاً في البابا تاوضروس الثاني، الذي يبدو أنه يفتقد كاريزما سلفه البابا شنوده الثالث، ولا يستطيع أن يتخذ موقفاً قوياً من السلطة، على الرغم من مساندته لها على طول الخط من دون الحصول على أي مقابل، وهو عبّر عنه بشكل ضمني القمص مرقص عزيز، المقيم في الولايات المتحدة، حيث هاجم السيسي في مقطع بثّ على "يوتيوب" بالقول: "أنت خدعتنا"، واتهمه بأنه أسوأ رئيس للجمهورية وينحاز إلى السلفيين، مطالباً الأقباط "بنزع صورته من منازلهم لأنه لم يعد رئيسهم".


كلمات عزيز كان لها ما يعبر عنها في أوساط الشباب القبطي، الذي رأى كثيرون منهم أن السيسي لا يحرك ساكناً تجاه الانتهاكات المتصاعدة ضد الأقباط، معتبرين أن كلام الرجل عن الوحدة الوطنية وأن زيارته السابقة للكاتدرائية لا تعيد حق ميتٍ، ولا تغير في ثقافة مجتمع.


المراقب للشأن القبطي في مصر أحمد بدراوي، يقول لـ"المدن"، إنه "على الرغم من أن الأقباط ككتلة يحركها ضغط الشباب، لحسابات الكنيسة الخاصة بها، فإن (خروجهم) من عباءة السيسي محكوم بسلطة الكنيسة، التي تدير الأمور بطريقتها لحماية أبنائها من الانجراف نحو خروج، أو تظاهرات، في وقت هم أحرص على أمرين، ألا تسقط الدولة المصرية في شبح حرب طائفية دينية، والثانية ألا تتدخل جهات دولية للمزايدة على الأقباط وضم ملف الأحداث الطائفية لتقاريرها عن مصر، ضمن تقارير أخرى عن الحالة الاقتصادية وحالة حقوق الإنسان والسجون والحريات".

واعتبر بدراوي أن "الأقباط بشكل عام لن يخرجوا (في تظاهرات)، لكن سيظلوا في حالة جفاء مع الرئاسة ما لم يحصلوا على حقوق قانونية عادلة، تظهر دعم الدولة الحقيقي واستجابتها لضغوطهم".