"أجناد الشام" تتفرق بين "فيلق الرحمن" و"جيش الإسلام"

معاوية حمود
الأحد   2016/02/21
الإشكال إنتهى إعلامياً، بعدما نشر كل من "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن" بياناً مشتركاً (انترنت)
أعلن "الإتحاد الإسلامي لأجناد الشام" في غوطة دمشق الشرقية، في بيان له في 18 شباط/فبراير، عن إندماجه التام تحت راية "فيلق الرحمن" ثاني أكبر قوة عسكرية للمعارضة في ريف دمشق بعد "جيش الإسلام".

البيان أشار إلى أن الإندماج جاء "سعياً لتوحيد صفوف الثوار، وجمع كلمتهم للسير في صف واحد في درب الثورة المرسومة بتضحيات شعب عظيم حتى تحقيق أهدافه في الحرية والكرامة".

في اليوم التالي لإعلان الاندماج، الجمعة، خرجت بيانات عن كتائب ومجموعات من "الإتحاد الإسلامي لأجناد الشام" تعلن إنضمامها إلى "جيش الإسلام" لا "فيلق الرحمن". ومن تلك المجموعات، كتيبة "الأنصار والمهاجرين" و"المكتب الأمني للأجناد" و"إدارة الإستخبارات العامة للإتحاد الإسلامي لأجناد الشام".

المتحدث السابق بإسم "الإتحاد الإسلامي لأجناد الشام" وائل علوان، نشر تغريدات في "تويتر" قال فيها إن "جيش الإسلام يحاصر بعض مقرات الإتحاد الإسلامي لأجناد الشام في الغوطة الشرقية ويجبر عناصرها على تصوير بيانات إنضمام للجيش بعد معرفته بإتفاق الإتحاد للإندماج مع فيلق الرحمن".

وعلى الأرض، قامت مجموعات تابعة لـ"جيش الاسلام" بمحاصرة مقر "الكتيبة الأمنية" التابعة لـ"الاتحاد الاسلامي لأجناد الشام"، ومداهمته، وإجبار أعضاء "الكتيبة الأمنية" على تصوير بيان إنضمام إلى "جيش الإسلام". وجاء ذلك رداً على اندماج "الاتحاد الاسلامي" في قطاع الغوطة الشرقية مع "فيلق الرحمن"، وإدعت المجموعات التي داهمت مقر "الكتيبة الأمنية" بأن مدينة دوما هي لـ"جيش الإسلام" ولن يسمح برفع العلم الخاص بـ"فيلق الرحمن". 

ولم يكن علوان هو الوحيد من قيادات "أجناد الشام" الذي أشار إلى النزاع مع "جيش الإسلام". القائد السابق لـ"الأجناد" أبو محمد الفاتح، قال بإن "جيش الإسلام" اقتحم مقرات "الأجناد" في دوما وزملكا، وأنذر مقاتليهم بالإلتحاق بصفوف "جيش الإسلام" أو الخروج من المدينتين.

الإشكال إنتهى إعلامياً، بعدما نشر كل من "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن" بياناً مشتركاً، السبت، يقول باتفاقهما على حلّ اللبس الذي وقع بين "جيش الإسلام" و"أجناد الشام"، ومباركة "جيش الإسلام" للاندماج بين "فيلق الرحمن" و"أجناد الشام".

التحركات العسكرية والحواجز وإطلاق النار، ومحاصرة المقرات العسكرية على الأرض، لاقت صداها في بيانات متناقضة. وفي حين بقيت المعطيات على الأرض مبهمة، لأن المقرات العسكرية للفصائل معزولة ومحمية، إلا ذلك يعكس حالاً من التخبط، والصراع على النفوذ والسيطرة، في الغوطة الشرقية المحاصرة. وتتألف الفصائل المتوجسة من بعضها، في الغوطة الشرقية، من أبناء الطائفة السنية، ولا يوجد بينهم "غرباء" ولا "مقاتلين أجانب يحملون ثقافات مغّايرة". وجميع الفصائل متفقة على حماية "فسطاط المسلمين"، وتعتقد بأن أرض الغوطة ستشهد "الملحمة الكبرى" للمسلمين.

وليست هذه المرة الأولى التي تشهد فيه الغوطة اشتباكات على السيطرة والنفوذ بين الفصائل، إذ سبق ذلك تصفية "جيش الإسلام" لـ"جيش الأمة". وفي 27 آب/أغسطس 2014، كانت فصائل الغوطة الشرقية قد أعلنت عن تشكيل "القيادة الموحدة" وترأسها القائد السابق لـ"جيش الإسلام" زهران علوش، الذي قُتل مؤخراً في غارة روسية. القائد السابق لـ"أجناد الشام" أبو محمد الفاتح، عُيّن نائباً لعلوش في "القيادة الموحدة"، التي تعهدت بالعمل لكسر حصار الغوطة الشرقية. ولكن النتائج تبين بأن تلك الفصائل لم تتفق مع بعضها، ولم تنفذّ ما وعدت به أهل الغوطة، على الرغم من أنها قاتلت قوات النظام بشراسة وكبدتها خسائر فادحة ودافعت عن الغوطة. ولكن علاقة الفصائل المسلحة مع بعضها لم تعد مقبولة للأهالي المحاصرين، ولم تعد شرعية الفصائل تُستمد من قتال قوات النظام فقط.

الناشط من الغوطة يوسف البستاني، قال لـ"المدن": "من المخجل أن تخرج أخبار من داخل الحصار عن صراع الثوّار وأن يصل الأمر للصدام المسلح". ويضيف بأن أهل الغوطة قد تململوا من الفرقة، وهم يراقبون ويهتمون بما يجري لأن ذلك يعتبر بالنسبة لهم مسائل مصيرية. فالمدنيون ينتظرون مزيداً من الوحدة والوصول لإدارة موحدة، ولا ينتظرون سماع مثل هذه الخلافات. البستاني أشار إلى أن الناس لا يشعرون بأن هذه الإندماجات والإتفاقات نابعة عن قناعة تامة بضرورة التجمع.

الإندماج الأخير، شمّل "الأجناد" و"فيلق الرحمن" في الغوطة الشرقية فقط، ولم يتوسع ليشمل بقية امتداداتهم في سوريا. القيادي في "أجناد الشام" أبو البشر، قال لـ"المدن"، إن باقي القطاعات لم تندمج، وبقيت على حالها، وأن هذا الإندماج هو فقط لقطاع الغوطة الشرقية. أما في درعا وجنوب دمشق والغوطة الغربية والحرمون وقطاع الشمال وحماة، فقد بقيت على حالها.

وقد تشكّل "الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام" نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2013، بعد اندماج خمسة من القوى الإسلامية المسلحة في محيط العاصمة دمشق: "كتائب شباب الهدى الإسلامية" و"ألوية الحبيب المصطفى" و"تجمع أمجاد الإسلام" و"كتائب الصحابة" و"لواء درع العاصمة". وكانت تلك الفصائل منتشرة في الغوطتين الشرقية والغربية، وأحياء جنوبي دمشق. وأعلن "الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام" فور تشكيله بأن تعداد مقاتليه فاق 15 ألفاً، وإنه في إطار إستقطاب المزيد. وبالفعل إمتد الفصيل ليشمل بعض الكتائب في درعا وفي الشمال السوري، وتحديداً في ريف حماة الشمالي.