مليشيات إيران تفرض مطالبها.. والخارجون من كفريا إلى حلب

خالد الخطيب
الأحد   2016/12/18
من المقرر أن تكون وجهة الـ4 آلاف شخص الخارجين من بلدتي كفريا والفوعة، هي مدينة حلب (ا ف ب)
نجحت المليشيات الإيرانية في تحقيق السقف الأعلى من مطالبها ضمن الاتفاق الخاص بإجلاء المدنيين والمقاتلين من أحياء شرق حلب، بعد عرقلة اتفاق سابق، ظهر الجمعة. وكان قرابة 10 آلاف مدني ومقاتل، بينهم جرحى ومرضى، قد تمكنوا من الخروج قبل توقف عملية التهجير.

الجولة الأخيرة من المفاوضات التي انتهت ليل السبت/الأحد، نصت على خروج 4 آلاف شخص من بلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين المُحاصرتين من قبل المعارضة في ريف إدلب، مقابل خروج من تبقى من المدنيين ومقاتلي المعارضة من أحياء السكري والمشهد والزبدية والأنصاري. وهي الأحياء التي ما تزال خارج سيطرة النظام وحلفائه في حلب، ويضاف إليهم قرابة 1000 شخص سيخرجون من الزبداني ومضايا المُحاصرتين من قبل مليشيا "حزب الله" والنظام في ريف دمشق، معظمهم جرحى ومرضى.

مليشيات "حزب الله" اللبناني و"حركة النجباء" العراقية وأخرى مسلحة من كفريا والفوعة، كانت قد اختطفت قافلة سيارات تقل مدنيين مهجرين من حلب الشرقية في منطقة الحمدانية لثلاث ساعات، الجمعة، أثناء عبورها مناطق سيطرتها غربي حلب متوجهة نحو ريف حلب الغربي، كما هو مخطط بحسب الاتفاق. وذلك بهدف إجبار المعارضة على القبول بالعدد الذي طالبت المليشيات بخروجه من بلدتي كفريا والفوعة، بعدما كانت قد قبلت تحت الضغط الروسي بخروج 500 شخص فقط في وقت سابق.

المعارضة قدمت الكثير من العروض خلال الجولات المستمرة من المفاوضات بحضور ممثلين عن النظام وروسيا، إلا أن المليشيات أصرت على خروج 4 آلاف، وهو ما عارضته في البداية "جبهة فتح الشام"، لكنها عادت ووافقت عليه بعدما تم ادخال ملف الزبداني ومضايا ضمن الاتفاق الجديد.

القائد العسكري في "أحرار الشام الإسلامية" والمفاوض عن فصائل المعارضة في حلب الفاروق أحرار، قال لـ"المدن"، إن المليشيات الإيرانية طلبت في البداية إخراج 500 شخص من بلدتي كفريا والفوعة في ريف ادلب، و"وافقنا من جهتنا كمعارضة على المطلب، لكنهم سرعان ما نقضوا الاتفاق ورفعوا سقف مطالبهم الذي وصل بعد جولات من التفاوض، وأخذ ورد إلى 4 آلاف" وأضاف "نتمنى أن يلتزم الجانب الروسي بتطبيق الاتفاق إلى نهايته من دون أي خروق من قبل المليشيات".

وأشار الفاروق إلى أن الأوضاع الإنسانية الصعبة لعشرات الآلاف من المدنيين المحاصرين في حلب تطلبت مرونة عالية في المفاوضات مع المليشيات، وتلبية لطلباتها. فالمدنيون في الأحياء المحاصرة جنوب غربي الأحياء الشرقية، ينتظرون منذ 48 ساعة استئناف عمليات الخروج، لأنهم يعيشون في ظروف قاسية، فلا ماء ولا طعام ولا أفران. لا يوجد شيء من مقومات الحياة، والمليشيات تستغل المأساة الإنسانية لأكثر من 50 ألف مدني لتحقق المزيد من المكاسب.

ومن المقرر أن تكون وجهة الـ4 آلاف شخص الخارجين من بلدتي كفريا والفوعة في ريف ادلب، هي مدينة حلب، التي خرج منها أكثر من 60 حافلة نقل داخلي منتصف ليل السبت/الأحد. وينص الاتفاق على خروج ذلك العدد على دفعات بالتوازي مع خروج المهجرين من حلب المحاصرة، لضمان سير العملية دون أن يعرقلها أحد الأطراف.

قائد "غرفة عمليات الراشدين" النقيب أمين ملحيس، ناشد في حديثه لـ"المدن"، المعارضة المسلحة بكل مكوناتها تسهيل العملية لإنهاء معاناة المحاصرين في حلب، "لأن أي تأخير أو تعطيل للعملية قد يتسبب بكارثة انسانية بحق آلاف المدنيين الذين ينتظرون الخروج بالقرب من معبر العامرية"، وأكد ملحيس أن المعارضة ضاعفت أعداد الحافلات التي تنتظر الإذن بالدخول باتجاه الأحياء المحاصرة لإخراج المقاتلين والمدنيين في أسرع وقت ممكن، و"هناك أكثر من خمسين حافلة جهزتها المعارضة لنقل المهجرين".

وتوقع النقيب أمين الانتهاء من العملية خلال 24 ساعة إذا أوفت روسيا والنظام بتعهداتهما. والعملية تشمل كلاً من حلب، ومضايا والزبداني، وبلدتي كفريا والفوعة، وستكون عمليات الخروج بالتزامن، وسيتم التنسيق المباشر لإخراج الأعداد المتفق عليها في الملفين الملحقين بملف حلب.

المعارضة لم تحصل على أي ضمانات إضافية عن الاتفاق الأول في اتفاقها الجديد، وسترافق قوافل المُهجّرين فرق الهلال الأحمر والصليب الأحمر، وسيسمح أيضاً بخروج المدنيين ومقاتلي المعارضة المسلحة في سيارات خاصة، إذا لزم الأمر، لتسريع العملية.

وعلى الرغم من تصريحات الفاروق أحرار، المفاوض نيابة عن المعارضة، والتي تؤكد أن الاتفاق سوف يدخل حيز التنفيذ خلال ساعات ما بعد منتصف الليل، إلا أن دخول بلدات كفريا والفوعة، والزبداني ومضايا على الاتفاق قد يتسبب بتأخير العملية، وتعرضها لعراقيل كثيرة، أو على الأقل سيزيد من معاناة الآلاف الذين ينتظرون الخروج من حلب في أسرع وقت ممكن بسبب انعدام مقومات الحياة في ظل الطقس السيء.

القوافل لم تخرج من حلب في ساعات الصباح، وسط توقعات بأن تباشر الدفعات الأولى خروجها من الأحياء المحاصرة، ومن بلدات كفريا والفوعة ظهر الأحد. فالحافلات في كلا الطرفين تنتظر السماح لها بالدخول وكذلك فرق الصليب والهلال الأحمر.

المعارضة تحاول جاهدة إنهاء ملف التهجير في حلب، وهي كريمة مع المليشيات التي تستغل الفرصة كي تستفز المعارضة أكثر، وتحسن ظروف الاتفاق لصالحها. المعارضة في موقع الضعيف الذي يخشى على آلاف من المدنيين والعسكريين المحاصرين في حلب من مذبحة شنيعة قد ترتكبها المليشيات في ظل التخاذل الدولي الواضح إزاء ما يحصل في حلب، كما أنها تدفع باتجاه انجاز العملية في أسرع وقت ممكن، والاستفادة من الدور الروسي الضامن على الرغم من هشاشته أمام تلاعب وضغط المليشيات.