استغاثات سوريين على الحدود الأردنية..تضيع في الصحراء

هبة الحياه عبيدات
الثلاثاء   2016/10/11
المومني: الأردن سيسمح بإدخال مساعدات عبر الرافعات إلى الجانب الآخر من الحدود (انترنت)

لم يعد خبر وفاة ثلاثة أطفال داخل مخيم الركبان على الحدود الأردنية-السورية مؤخراً؛ مفاجئاً للعديد من المنظمات الدولية، خصوصاً مع ازدياد الأوضاع سوءاً في المنطقة الشمالية الشرقية من الحدود الأردنية مع الجانب السوري، ومع تجاهل نداءات متتالية وجهتها منظمات دولية وحقوقية تحذر من استمرار إغلاق المنطقة لأسباب عسكرية منذ 21 حزيران/يونيو الماضي على خلفية مهاجمة تنظيم "داعش" حرس الحدود الأردني، ما ينذر بتصاعد أزمة آلاف اللاجئين السوريين العالقين بين البلدين.

إلا أن بصيص أمل ظهر مؤخراً بعد اجتماع، انعقد الأحد الماضي، ضم الإدارة المدنية التابعة لمجلس عشائر تدمر والبادية السورية، وبعض الممثلين عن نازحي مدينة الرقة، وأحد قادة جيش "أحرار العشائر"، مع المنظمات الدولية والسلطات الأردنية على الجانب الأردني.


الحديث عن ملف الركبان وتفاصيله بالنسبة لمنظمات دولية والسلطات الأردنية يبقى مغلقاً أمام أعين الصحافة، حيث ترفض الكشف عن أي تفاصيل تتعلق بهذا الموضوع، ما يفتح باب التأويل لدى العديد من الناشطين.


الناطق باسم مجلس عشائر تدمر والبادية السورية عمر البنية، قال لـ"المدن"، إن الاجتماع تركز على نفي ما تم تداوله من محاولات نقل العالقين في الركبان، وطرح الآليات التي سيتم من خلالها إيصال المساعدات لقاطنيه، والتي انقطعت إمداداتها منذ إغلاق الحدود.


ويأتي الاجتماع بعد إعلان الأمم المتحدة مطلع تشرين الأول/اكتوبر، أن وكالات إغاثة تابعة لها ستسلم دفعة مساعدات لما يقارب 75 ألف سوري متواجدين في الركبان بعد أسابيع من المحادثات المطولة مع الجيش الأردني، والتي من المقرر أن تصل الأحد المقبل، لتكون أول انفراجة في هذه الأزمة منذ شهرين.


ورغم تداول آليات إيصال المساعدات الإنسانية للركبان، إلا أن موضوع إدخال الحالات الإنسانية إلى الأراضي الأردنية لتلقي الرعاية  اللازمة ما زال عالقاً حتى الآن، رغم مطالبات مجلس عشائر تدمر المتكررة بتلبيته في اجتماعهم الأخير مع الطرف الأردني.


وعلى الرغم من تلك المستجدات، إلا أن إدخال المساعدات لا يعني بشكل أو بآخر إعادة فتح الحدود بين البلدين؛ حيث لا يصر الأردن على استمرار إغلاقها، وهو يعرب عن هذا الموقف مراراً، ويبرر رئيس الوزراء هاني الملقي، بأن المملكة لم يعد بمقدورها تحمل عبء أي لاجىء إضافي، ويؤكد أنه لن يتم السماح بدخول اللاجئين إلا ضمن التقديرات الميدانية للحالات الإنسانية، على حد قوله.


تلك التصريحات دفعت صحافيين ونشطاء حقوقيين إلى إطلاق حملة "أنقذوا الركبان"، في محاولة للضغط باتجاه إدخال المساعدات الغذائية والطبية، والسماح للجرحى بالعلاج في المستشفيات الأردنية.


14 حالة وفاة داخل الركبان
تشير أرقام مجلس عشائر تدمر والبادية السورية إلى تسجيل 14 حالة وفاة في الركبان، كان آخرها 3 أطفال أواخر أيلول/سبتمبر الماضي.


بدر التدمري، وهو أحد النازحين في الركبان، أكد لـ"المدن"، أن غالبية حالات الوفاة التي سجّلت كانت نتيجة نقص الخدمات الطبية. وأشار إلى أنه نتيجة لإغلاق الحدود، ازدادت تجارة "المليشيات" في الركبان بالأدوية وغيرها من الحاجيات، عدا عن رفع أسعارها بصورة مبالغ بها، إذ استغلت فصائل معارضة وأشخاصاً من المخيم وضع اللاجئين وحاجتهم.


ومن جانب آخر، كان لمغادرة المنظمات الدولية وكوادرها المنطقة الحدودية بعد إعلانها منطقة عسكرية؛ دور في انتشار أمراض اليرقان، والتهاب الكبد الوبائي، خاصة بين الأطفال، في ظل انقطاع الخدمات الطبية عن المنطقة، وعدم تلقي المصابين أي علاجات.

نداءات دولية
وكانت الانتقادات قد طالت العديد من المنظمات الدولية لصمتها تجاه المطالبات الحقوقية بإدخال أطفال بحاجة إلى علاج فوري داخل المستشفيات في الأردن، خصوصاً مع انصراف عدد من المنظمات الدولية في الأردن، ونشطاء حقوقيين، عن الاستجابة لاستغاثات اللاجئين في الركبان، في ظل عدم قدرتهم على التأثير على السلطات الأردنية؛ وهو ما تجلى بشكل واضح في حادثة إدخال الطفل إبراهيم صالح، الذي كان بحاجة إلى علاج طبي عاجل؛ إذ لم تستطع المنظمات الدولية إدخاله إلا بعد حراك عبر شبكات التواصل الاجتماعي بتوثيق فيديو يظهر مدى سوء حالته الطبية، وتداوله ومخاطبة بعض المنظمات الدولية خارج الأردن.


يشار إلى أن منظمة العفو الدولية أصدرت، منتصف أيلول/سبتمبر الماضي بياناً؛ قالت فيه إن  "شريط فيديو وصوراً بالأقمار الصناعية حصلت عليه من مجلس عشائر تدمر والبادية لمواقع قبور مؤقتة ومدافن تظهر مشهداً نادراً في عمق المنطقة الصحراوية المحايدة بين الأردن وسوريا، حيث تم عزل آلاف اللاجئين العالقين بصورة شبه تامة عن المساعدات الإنسانية لمدة شهرين"، فيما أصدرت منظمة "أطباء بلا حدود" بياناً تؤكد فيه أن العدد الفعلي للمحتاجين للإجلاء الطبي الفوري كبير، بعد توقف أربعة من المستشفيات التي تدعمها المنظمة في الجنوب السوري عن إحالة المرضى إلى الحدود الأردنية، لفهمها أنه لن يتم السماح لهم بالدخول إلى أراضي المملكة.


وتشير بيانات منظمة العفو الدولية إلى أن العدد الإجمالي للخيم في الركبان، ارتفع من 368 فقط قبل سنة، إلى 6,563 في أواخر تموز/يوليو 2016، وتزايد ليصل في الآونة الأخيرة إلى ما يزيد عن 8,295 في أيلول/سبتمبر 2016.


وكان الناطق باسم الحكومة الأردنية محمد المومني، قد أعلن، الاثنين، أن الأردن سيسمح بإدخال مساعدات عبر الرافعات إلى الجانب الآخر من الحدود، حيث يتسلمها شيوخ هناك، ومن ثم يتم توزيعها على نحو 75 ألف لاجئ من العالقين في المنطقة.