حلب: اندماج "كتائب ثوار الشام" و"الجبهة الشامية"

خالد الخطيب
الخميس   2016/01/28
بقي محمد حركوش قائداً عاماً لـ"الجبهة الشامية"، وأصبح النقيب علي شاكردي، قائداً عسكرياً للجبهة (خالد الخطيب)
أعلنت "الجبهة الشامية" –كبرى فصائل المعارضة الحلبية- و"كتائب ثوار الشام" الأربعاء، عن اندماجهما في جسم عسكري وسياسي وإداري واحد، تحت مسمى "الجبهة الشامية". وجاء الاندماج بعد مشاورات دامت لأكثر من خمسة أشهر، بين الطرفين، تم خلالها وضع ضوابط ناظمة لآلية الاتحاد، ووزعت فيها المقاعد القيادية العسكرية والإدارية. وكان من المفروض أن يتم الإعلان عن هذه الخطوة، نهاية العام 2015، لكن تمّ تأخيرها بسبب بروز عدد من القضايا العالقة.

وجاء في البيان الصادر عن "الجبهة الشامية": "إيماناً منا بضرورة التوحد ورص الصفوف، خاصة في هذه المرحلة، وأخذاً بأسباب النصر، وإدراكاً منا لحجم المخاطر والتحديات والرغبة في استعادة روح الثورة، نحن كتائب ثوار الشام والجبهة الشامية، نعلن اندماجنا الكامل على كافة المستويات السياسية والعسكرية والإدارية". وأكد البيان التزام طرفيه بـ"مبادئ وأهداف ثورتنا المباركة لتحقيق آمال وطموحات شعبنا في العيش الحر الكريم"، وحثّ بقية الفصائل على "توحيد كلمتهم ورص صفوفهم لمواجهة زيادة المخاطر وتكالب الأعداء"، لردّ "عدوان النظام وحلفائه روسيا وإيران وتنظيم الظلم والاجرام".

وبقي محمد حركوش "أبو عمرو" قائداً عاماً لـ"الجبهة الشامية"، وتم تعيين نائب جديد له يدعى أبو ياسين، كما أصبح النقيب علي شاكردي، قائداً عسكرياً للجبهة، وهو القائد السابق لـ"كتائب ثوار الشام" بعدما خلف المقدم أبو عبدالرحمن، منذ نهاية العام 2015، إثر مقتله في  معارك ريف حلب الجنوبي ضد المليشيات الشيعية.

وتبرز أهمية هذه الخطوة في أنها تأتي في الوقت الذي تتعرض فيه المعارضة الحلبية لضغوط شتى، من قبل النظام وتنظيم "الدولة الإسلامية"، وحشد المليشيات الشيعية العراقية واللبنانية والإيرانية، بالإضافة لغارات الطيران الروسي. جميع تلك القوى تسعى للتقدم على حساب المعارضة، ومحاصرتها في مناطق جغرافية مغلقة في الداخل وقطع طرق إمدادها. وتشير التوقعات إلى أن حلب ستشهد معركة طاحنة خلال الفترة القادمة، وما يحصل من ضغط عسكري على المعارضة، إنما هو مقدمات عملية برية واسعة تشمل القطاعات الشمالية والجنوبية بالتزامن مع الزحف المستمر لقوات النظام شمال غربي كويرس باتجاه مدينة الباب الواقعة تحت سيطرة تنظيم "الدولة".

المتحدث الرسمي باسم "الجبهة الشامية" العقيد محمد الأحمد، قال لـ"المدن": "الجبهة الشامية حققت انجازاً مهماً مطلع العام 2016 من خلال ضمها لكتائب ثوار الشام، المشهود لمقاتليها بالقوة والحنكة العسكرية، وميادين القتال جنوبي حلب وبقية الجبهات تشهد لهم بذلك. وسيكون هذا الاندماج فاتحة لخطوات مشابهة خلال الفترة المقبلة، وهي تندرج في إطار رص صفوف فصائل المعارضة في حلب بشكل عام والتهيؤ لأي مستجد على الأرض. وسيظهر الأثر الإيجابي بشكل سريع على جبهات القتال كنتيجة طبيعية لهذه الخطوة المباركة".

وأضاف العقيد الأحمد، بأن "الجبهة الشامية" مستعدة لأي خطوة من شأنها توحيد الجهود العسكرية والسياسية للمعارضة، ورأب الصدع وتجاوز المحنة التي تمر بها حلب، بشكل خاص. حيث يسعى النظام ومن خلفه روسيا وإيران لفرض معادلة جديدة على الأرض من خلال التقدم والسيطرة على المفاصل المهمة في المحافظة، وشلّ حركة المعارضة في الأحياء الشرقية من المدينة، وفي الضواحي الشمالية والغربية، وقطعها بشكل كامل عن الشمال الاستراتيجي المتصل بتركيا عبر معبر باب السلامة الذي تعتبره المعارضة شريان الحياة لها في حلب. الأحمد يرى بأن ذلك يحتم على المعارضة أن تبادر إلى لم شملها من جديد وتحمل مسؤولياتها خلال الفترة القادمة.

وتتواجد "الجبهة الشامية" باعتبارها القوة الأكبر في حلب، في نصف جبهات المدينة والريف ضد قوات النظام وتنظيم "الدولة الإسلامية"، ويبلغ عدد مقاتليها 7 ألاف. ومع انضمام "كتائب ثوار الشام" إلى صفوفها، أصبح العدد الكلي لمقاتلي "الجبهة الشامية" يزيد عن عشرة ألاف مقاتل، يتوزعون على كامل الجبهات الشمالية والغربية والجنوبية، وفي قلب المدينة حلب.
وفي "كتائب ثوار الشام" كتيبة "مضاد دروع" مجهزة بصواريخ مضادة للدروع من نوع "تاو"، بالإضافة إلى أسلحة وعتاد ثقيل، من مدرعات ومدافع هاون ورشاشات ثقيلة. وهو ما يشكل إضافة نوعية لتسليح "الجبهة الشامية" التي تعتبر أقوى الفصائل الحلبية لامتلاكها عتاداً متنوعاً وذخائر، بالإضافة إلى عدد مقاتليها الضخم.

من جانب آخر، استقدمت "جبهة النصرة" تعزيزات ضخمة دخلت مناطق سيطرة المعارضة في حلب، قادمة من إدلب، حيث قامت باستعراض عسكري داخل الأحياء الحلبية. وقالت "النصرة" إن تعزيزاتها تهدف إلى التصدي لقوات النظام والمليشيات بعد ورود أنباء عن تجهيز النظام لمعركة كبيرة في حلب، بمساندة روسية.

وفي السياق، دارت اشتباكات عنيفة بين قوات المعارضة في "غرفة عمليات الشمال"، وتنظيم "الدولة الإسلامية" في محيط بلدة غزل في ريف حلب الشمالي، بهدف استعادة السيطرة على القرية. وتزامنت الاشتباكات مع قصف جوي من طائرات تابعة لـ"التحالف الدولي" على مواقع التنظيم في المنطقة.

وشهدت جبهات حندرات وباشكوي اشتباكات متقطعة بين قوات المعارضة والنظام، تمكنت خلالها المعارضة من تدمير آليتين عسكريتين، منها دبابة بصاروخ مضاد للدروع "تاو". وشنّ الطيران الروسي عشرات الغارات الجوية، استهدف مدن تل رفعت والباب وتادف ومنبج، وطرق المواصلات في ريف حلب، ما أدى إلى مقتل عددد من الأشخاص، وسقوط جرحى في صفوف المدنيين. كذلك قصف الطيران الروسي بلدة كفر حمرة وحي السكري، دون وقوع إصابات، بينما قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة قرى تلجبين ومعرستة الخان وتل مصيبين ورتيان وأطراف قرية باشكوي في ريف حلب الشمالي.

من جانب آخر، تستمر الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام وتنظيم "الدولة الإسلامية" في محيط قرية وديعة في ريف حلب الشرقي، وسط تقدم لقوات النظام وسيطرتها على قرية عين الحنش. وترافقت الاشتباكات مع غارات الطيران الروسي على مناطق الاشتباك. ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الطرفين. وشهدت "معامل الدفاع" شرقي مدينة حلب انفجارات متعددة، ناتجة عن تفجر خط الإنتاج في معمل تصنيع "البراميل المتفجرة"، ما تسبب في مقتل عشرين عنصراً من قوات النظام بينهم أربعة ضباط.