"جند الأقصى" يُثير الشغب في ريف إدلب

عقيل حسين
الأحد   2015/07/26
لم يستطع اجتذاب الكثير من العناصر السوريين
طالب القائد العسكري لـ"حركة أحرار الشام الإسلامية" أبو صالح الطحان، بمحاسبة جميع المتورطين في عملية اغتيال القيادي في "فيلق الشام" مازن قسوم، والذي قتل ظهر السبت، قرب مدينة إدلب، على يد مجموعة تابعة لجماعة "جند الأقصى". 

و"فيلق الشام" فصيل عسكري قريب من جماعة "الإخوان المسلمين" في سوريا. ومازن القسوم، في منتصف العقد الثالث من العمر، من بلدة كفر بطيخ بريف إدلب، ومؤسس "لواء سهام الحق"، الذي انضم لـ"فيلق الشام" العام الماضي، وكان أحد قادة غرفة عمليات "جيش الفتح" في إدلب. ولعب "لواء سهام الحق" دوراً مهماً في طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" من ريف إدلب أواخر العام 2013. وقد اغتال تنظيم "الدولة الإسلامية" والد القسوم بتفجير عبوة ناسفة قبل نحو عام. كما قُتل شقيقه قبل أشهر، خلال مواجهات مع قوات النظام، بمحيط مطار أبو الظهور، الذي تحاصره قوات المعارضة في ريف إدلب الجنوبي.

وبينما لم تصدر مواقف رسمية عن أي من الفصائل العسكرية في ريف إدلب حول الحادثة، عبّر العديد من القادة والشخصيات الثورية في الشمال، عن إدانتهم لهذه "الجريمة"، وطالبوا بالتعامل بحزم مع تجاوزات لواء "جند الأقصى"، المتهم بارتكاب العديد من الجرائم.

وفي السياق، قال القيادي السابق في "جبهة النصرة" وأحد مؤسسيها، أبو محمد الحموي: "إن 60 في المئة من جماعة جند الأقصى مبايعون لداعش، وإن 30 في المئة منهم يعتبرون نصرة التنظيم واجبة، بينما يعتبر العشرة في المئة المتبقون أن قتاله فتنة".

ويعود ظهور "جند الأقصى" إلى عام 2012 في ريف إدلب، وقد أسسه أبو عبد العزيز القطري، (قُتل لاحقاً) بالتعاون مع عائلة من مدينة إدلب، كانت قد اضطرت لمغادرة المدينة أواخر العام 2011، بعد ملاحقة النظام للعديد من أفرادها.

الفصيل لم يستطع اجتذاب الكثير من العناصر السوريين. وحسب التقديرات، فإن عدد عناصر "جند الأقصى"، يتراوح بين الـ400 والـ600 عنصر، معظمهم من الخليج العربي، وهو ما يفسر تمتع هذا الفصيل بالسيولة المالية، حيث يعتمد في تمويل عملياته أو أنشطته الدعوية على الأموال التي يحصل عليها من متبرعين خليجين، كما يقول مقربون من اللواء.

وكانت اتهامات واسعة قد طالت "جند الأقصى"، بالوقوف وراء العديد من عمليات التصفية أو الاغتيال، التي وقعت في الأشهر الأخيرة بمدينة إدلب وريفها، وطالت قادة في الجيش الحر وفصائل إسلامية معادية لتنظيم "الدولة"، وكذلك نشطاء وقضاة منشقين.

وبينما ظل الدليل على وقوف الجماعة خلف هذه العمليات غير متوفر، لعبت الصدفة الدور الرئيس، في الكشف عن تورط "جند الأقصى" في عملية اغتيال مازن قسوم، القيادي في "فيلق الشام". وقال بيان للفيلق إن "مجموعة من خمسة أشخاص، كانوا يستقلون سيارة سياحية بيضاء، من نوع كيا، قاموا بإطلاق النار ظهر السبت على الشيخ القسوم، في المنطقة الصناعية في مدينة إدلب، ثم لاذوا بالفرار، قبل أن تلقي دورية من شرطة أمن الطرق، التابعة لثوار سراقب القبض على المجموعة، التي كانت تحاول الفرار، بعد تعطل السيارة التي كانوا يستقلونها".

وفور الإعلان عن اعتقال المجموعة، حضرت قوة كبيرة من "جند الأقصى" إلى مكان احتجاز أفرادها، وأجبرت الجهة التي تعتقلهم على إطلاق سراحهم، قبل أن يتم تسلميهم لـ"جبهة النصرة" من أجل محاكمتهم، بعد تدخل فصائل أخرى تسعى لنزع فتيل التوتر الذي أعقب هذه الحادثة.

ويعتبر "جند الأقصى" أحد المُكونات البارزة في المحكمة الشرعية التي أحيل عليها المتهمون.

وعلّق حذيفة عزام، وهو نجل الشيخ عبد الله عزام أحد أشهر منظري التيار الجهادي في العالم، على هذه الحادثة بالقول، إن ما جرى طبيعي من وجهة نظر "جند الأقصى"، طالما أن "فيلق الشام" يتبع لـ"الاخوان المسلمين". وغرّد عزام، المعروف بنقده الحاد للتيار السلفي الجهادي، في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، معلقاً على عملية اغتيال القسوم بتهكم: "إن الإخوان المسلمين حسب اجتهادات القوم (جند الأقصى) كفار، فلماذا الغضب من هذه العملية؟!".

بدوره، أبرز المرجعيات الشرعية للجيش الحر في الشمال عباس أبو شريفة، حمل على منظري التيار الجهادي، بسبب ما وصفه، بالصمت عن هذه الجرائم، وطالبهم بالكف عن التحريض على الثوار السوريين. وقال شريفة عبر مجموعة تغريدات عقب الحادثة: "بالأمس، المنظرون، ومن وراء الحدود استشاطوا غضباً بسبب الحبر الذي سكبه لبيب النحاس في مجلة غربية، أما اليوم، فلا نسمع لهم ركزاً على دماء تسفك!".

شريفة أشار في تغريدته، إلى المقال الذي نشره رئيس مكتب العلاقات الخارجية في "حركة أحرار الشام" لبيب النحاس، في صحيفة "التلغراف" البريطانية، الثلاثاء الماضي، والذي تعرض لهجوم حاد من المرجع الجهادي الأردني أبي قتادة الفلسطيني.