قيادة جديدة لـ"جبهة النصرة" في الجنوب السوري

عمر البلخي
الأحد   2015/12/20
أخلاق خلافاً لقادة "النصرة" السابقين في الجنوب، الأردنيين بمعظمهم، هو سوري ينحدر من منطقة التضامن في ريف دمشق.
بدأت "جبهة النصرة" في المنطقة الجنوبية، في محافظتي درعا والقنيطرة، إعادة ترتيب أوراقها من جديد. وقامت "النصرة" خلال الأيام الماضية، بعملية عزل ونقل لأهم قاداتها العسكريين والشرعيين، في المنطقة الجنوبية، ممن تواجدوا في المنطقة منذ الأيام الأولى لتشكيل الجبهة.

تصرُّف "النصرة" أثار استغراب الجميع، وترك عدداً كبيراً من إشارات الاستفهام، مع عدم صدور توضيحات رسمية لقراراتها. وأهم التطورات، تمثلت بعزل ونقل الشخصيتين الأبرز في المنطقة الجنوبية: "الشرعي العام" للجبهة الدكتور سامي العريدي، و"الأمير العسكري" إياد الطوباسي المعروف بأبو جليبيب.

والعريدي أردني الجنسية، وقد تسبب بالكثير من الانتقادات لـ"جبهة النصرة" في المنطقة الجنوبية، وبحسب بعض الناشطين، لم يكن العريدي يمتلك قاعدة شعبية، حتى بين العناصر التابعة لـ"النصرة" بشكل مباشر. أما الطوباسي المعروف بـ"أبو جليبيب"، فهو أردني أيضاً، ويشغل منصب "الأمير العسكري" للجبهة في الجنوب السوري.

وقد تم نقل العريدي والطوباسي، برفقة أبو ماريا القحطاني، وعدد من عناصر الجبهة، قُدّر بـ130 عنصراً، إلى إدلب في الشمال السوري، على شكل مجموعات صغيرة. وتم تعيين "المنسق العام" لـ"جيش الفتح" في الجنوب السوري، أبو أحمد أخلاق، زعيماً جديداً لـ"النصرة". وأخلاق خلافاً لقادة "النصرة" السابقين في الجنوب، الأردنيين بمعظمهم، هو سوري ينحدر من منطقة التضامن في ريف دمشق.

وعرف عن أبو أحمد أخلاق، تواضعه وتقاربه مع الكثير من الفصائل، عندما كان يشغل منصب "أمير النصرة" في المنطقة الشرقية من درعا، في وقت سابق. واكتسبت "النصرة" حينها، زخماً كبيراً، وتمدد حضورها في المنطقة الجنوبية.

الناشط الاعلامي عبدالله الحريري، قال لـ"المدن"، إن "جبهة النصرة" كانت في البدايات هي الفصيل الأهم في الجنوب السوري، لكن ما لبث أن تراجع دورها بشكل كبير، وربما أصبح معدوماً في كثير من المناطق. وشهدت الجبهة مؤخراً انفصال عدد كبير من عناصرها، إثر الخلاف الحاصل، والاقتتال مع "لواء شهداء اليرموك"، لتنقسم الجبهة بين مؤيد للقتال ومعارض له، في ظل الدعوات لتوجيه سلاح الجبهة ضد قوات النظام أولاً. وهذا التراجع ربما شكّل سبباً مباشراً، فرض على "النصرة" ترتيبيات جديدة في المنطقة الجنوبية، من العزل إلى النقل.

ويتابع الحريري قائلاً: "بعد عزل الطوباسي والعريدي تصبح المنطقة الجنوبية خالية بشكل كامل، من أي عناصر أجنبية (غير سورية) ما يثير ارتياحاً كبيراً لدى الجميع، الذين باتوا يرفضون أي تواجد لهذه العناصر بأي شكل.

وأرجع ناشطون أسباب العزل إلى تراجع دور "جبهة النصرة" في الجنوب، وانضمام مقاتلين وقيادات منها إلى فصائل أخرى مثل "حركة أحرار الشام الإسلامية". ومن المنشقين عن "النصرة" من عمل على تأسيس فصائل جديدة كـ"جند الملاحم"، الذين يقدر عددهم بأكثر من 500 مقاتل، جميعهم منفصلون عن "جبهة النصرة".

ونقل ناشطون أن سبب العزل هو خلاف طويل استمر لأكثر من سبعة أشهر، بين أبو ماريا القحطاني والعريدي، انتقل على إثره أبو ماريا إلى إدلب مع مجموعة من العناصر. ومجموعة أبو ماريا كانت قد جاءت إلى درعا من دير الزور، في وقت سابق، بعد سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" على المنطقة الشرقية من سوريا. وبعد رحيل مجموعة أبو ماريا إلى إدلب، عُزل العريدي وأبو جليبيب بقرار من زعيم "جبهة النصرة" أبو محمد الجولاني، وتم استدعاؤهم إلى إدلب حيث يقيم.

عضو "الهيئة المستقلة للإعلام" عمر المقداد، قال لـ"المدن"، إن دور الجبهة تراجع بشكل كبير في الفترة الأخيرة، وهناك عدد من المدن لم يعد فيها للجبهة تواجد فعلي. كما أن قتال "النصرة" و"لواء شهداء اليرموك" المبايع لتنظيم "الدولة" سبّب ضعفاً كبيراً في عمليات "النصرة" العسكرية ضد قوات النظام في المنطقة الجنوبية، حتى كادت أن تتوقف نهائياً.

كما أن "الشرعي العام" للجبهة سامي العريدي، كان رجلاً متشدداً ومتفرداً في كثير من القرارات، ما أثار استياء الجميع.

مصدر مطلع قال لـ"المدن"، إن "جبهة النصرة" علقت أيضاً عملها داخل المحكمة الشرعية، منذ مدة، معترضة على عدد من القوانين، في محاولة للتفرد في قرارات المحكمة، وهذا أمر مرفوض في حوران من قبل جميع فصائل المعارضة.

التراجع في دور "جبهة النصرة" في الجنوب يترافق مع ضعف العمليات العسكرية وتوقفها، ما قد يكون دافعاً إضافياً لـ"النصرة" لإعادة ترتيب أوراقها من جديد، خاصة بعد رفض الكثير من الفصائل العسكرية في الجنوب، التعامل معها، في ضل التشدد في قراراتها، ومحاولة فرض إرادتها في كثير من المعارك التي تشارك فيها بشكل مباشر. الأمر الذي فرض عزلة كبيرة على "النصرة" ومشاركتها في المعارك.

كما أن عناصر الجبهة باتوا يرفضون توجد عناصر غير سورية في المراكز القيادية فيها، ويشكل هذا أحد أهم الأسباب في نقل القيادة الأردنية للجبهة، وتعيين سوريين بدلاً منهم. وبهذا قد تصبح القيادة الجديدة لـ"النصرة" قادرة على إعادة التواصل مع فصائل المعارضة، التي تثق وترتاح لسوريين في قيادة "النصرة" أكثر من العناصر غير السورية.