الغوطة الشرقية: "الأنصار" يخطف المدنيين..والمجلس العسكري يتنكر للقضاء الموحد

الغوطة الشرقية - محمد اليوسف
الخميس   2015/01/29
المجلس العسكري لمّح في نهاية قراره، عدم اعترافه بسلطة "القضاء الموحد"، الذي شكلته المعارضة في الغوطة الشرقية (أ ف ب)
أصدر المجلس العسكري التابع للمعارضة المسلحة، في مدينة سقبا بغوطة دمشق الشرقية، الأربعاء، قراراً يعلن فيه اتخاذ إجراءات ضد الخطف والقتل العشوائي؛ هذه الحوادث التي أصبحت مؤخراً تقض مضجع الغوطة الشرقية.

المجلس العسكري لمّح في نهاية قراره، الى عدم اعترافه بسلطة "القضاء الموحد"، الذي شكلته المعارضة في الغوطة الشرقية، منذ عام تقريباً. وتتبع أغلب الفصائل الموقعة على القرار إلى جيش الإسلام. في حين غاب عن التوقيع "الإتحاد الإسلامي لأجناد الشام"، ذو التوجه الإخواني، والمقرب من القاضي الأول في القضاء الموحد.

وكان القرار قد صدر بعد قيام مسلحين، يُعتقد أنهم من "تنظيم الأنصار" المشتبهُ بتبعيته لتنظيم الدولة الإسلامية، بخطف رجل "من حضن زوجته" ليلاً، بحسب تعبير أهالي المدينة، ممن أصبحت حوادث الخطف والقتل العشوائي أحاديثهم اليومية.

وقد قامت إحدى المجموعات العسكرية في المدينة، صباح الخطف، باعتقال مجموعة تتبع لـ"جبهة النصرة"، يقع مقرها بالقرب من موقع الخطف، لأنها لم تحرك ساكناً حين وقوع الجريمة، واستحالة عدم انتباههم لما حدث.

ويعلن القرار الصادر، منع تجول أي شخص ملثم في المدينة، وأن الجهة الوحيدة التي يحق لها اعتقال المدنيين والعسكريين في سقبا، هي المكتب الأمني في المدينة، وأن هناك قاضياً خاصاً لها. الأمر الذي يعني أن المجلس لم يعد يعترف بشرعية القضاء الموحد، والمخفر التابع له في المدينة. وتعتبر هذه أول حالة سحب اعتراف جماعية، من شرعية القضاء الموحد في الغوطة الشرقية، ما ينذر بتداعيات قد تظهر على علاقة التشكيلات العسكرية الكبرى ببعضها، في ظل تكوين القضاء الموحد الذي يعتبر تشاركياً بين تلك القوى.

ولم يخفِ العديد من قادة التشكيلات العسكرية في سقبا، في اجتماعاتهم مع القوى المدنية، رفضهم للقضاء الموحد والمخفر التابع له، لأنه "ضعيف" ولا "يتخذ الإجراءات اللازمة". 
لكن "الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام"، الذي يُعد مؤسسه أبو سليمان طفور، القاضي الأول في القضاء الموحد، رفض التوقيع، واعتبر القرار "شقاً لوحدة الصف"، وأشار إلى أن "الحل يكون بدعم القضاء الموحد وتمكينه". ويبدو أن التشكيلات العسكرية التابعة لجيش الإسلام اختارت هذا القرار لأنها تسعى لإلغاء أي سلطة تتبع لغيرها في المدينة، بذريعة حماية المدنيين، كما حدث في دوما منذ أسابيع بعد الاقتتال الذي حدث بين جيش الإسلام وجيش الأمة المتهم بفساده الفاحش. وقد انتهى الاقتتال بالقضاء على جيش الأمة.

وقد كان القضاء الموحد قد تشكل في بداية العام 2014، نتيجة جهود استمرت شهوراً من أجل انتزاع اعتراف من كافة القوى العسكرية والمدنية به. وقد تم له ذلك، لكنه ظل ضعيفاً وغير قادر على اعتقال المجرمين التابعين لتشكيلات عسكرية كبرى ومحاسبتهم. كما أنه لم يستطع السيطرة على السجون التابعة للتشكيلات العسكرية المختلفة، أو طلب تحويل المساجين إليه للاطلاع على قضاياهم، والبت بأمورهم، بما فيها السجون التابعة لجيش الإسلام.

تنظيم الأنصار، الذي تشكل بعد القضاء على تنظيم الدولة، كان قد قام بعمليات خطف بحق المدنيين، وإعدامهم ميدانياً أمام السكان، بتهم "شتم الذات الإلهية" أو "الإفساد في الأرض"، وهو ما أثار نفوراً عاماً منهم من سكان الغوطة الشرقية، الذين يعانون الجوع والحصار والقصف اليومي من قبل قوات النظام. ولم يستطع القضاء الموحد أو المخافر التابعة له، وضع حد لجرائم هذا التنظيم.

ولا يبدو أنه بإمكان أي قضاء مستقل، أن يتشكل في الغوطة الشرقية، في ظل استمرار الحرب، وفرض الفصائل المسلحة لمنطق القوة في ما يخص الشؤون المدنية.