مأزق أوباما: إطاحة بداعش والأسد أو تدخل أميركي بري

حسين عبد الحسين
الأربعاء   2014/10/08
هل يوسع أوباما المشاركة الأميركية، ام يتلقف العرض التركي؟ (أ ف ب)

مثلما وضع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، الغالبية الشيعية الحاكمة في العراق في موقف أجبرها على استبدال نوري المالكي وحكومته بحكومة وحدة وطنية، وضعت تركيا واشنطن امام خيارين كلاهما مرّ: إما توسيع التحالف الدولي ليشمل قوات أرضية من دول مجاورة وتشمل مهمته الإطاحة بتنظيم "الدولة الإسلامية"، ونظام الرئيس السوري بشار الأسد سوية، أو الإبقاء على الصيغة الحالية للتحالف التي تعتمد على ضربات جوية دولية وقوات محلية غير نظامية لمحاربة التنظيم، وهي ضربات يبدو أن نتائجها غامضة حتى الآن.

وفيما كان رئيس الحكومة التركية، أحمد دواد أوغلو، يتحدث عن استعداد بلاده للمشاركة في تحالف شامل يطيح بداعش والأسد معاً، أو تبقى خارج الحرب الدولية الدائرة ضد "داعش"، كانت تقارير بعيدة عن التداول الإعلامي تتواتر الى العاصمة الأميركية مفادها ان "القيادة الوسطى" للجيش الأميركي، كثفت من طلعات مروحيات أباتشي المقاتلة لاستهداف مركبات عسكرية ومرابض مدفعية تابعة لـ"داعش" على أطراف بغداد.


"الطلعات المقاتلة لمروحيات فوق بغداد تثير أسئلة حول وعد الرئيس بإبقاء الجزمات الأميركية خارج العراق وسوريا"، كتب الخبير اليميني المعروف والتر رسل ميد في موقع مجلة "ذي اميريكان انترست". وأضاف ميد: "إذا كانت الاباتشي تطير في مهمات قتالية فوق بغداد، ذلك يعني ان وعد الرئيس صار ملتوياً، إن لم يكن قد انكسر كلياً". وختم بالقول انه على عكس المقاتلات التي لم تسقط في الحروب، شهدت حرب العراق سقوط 12 مروحية أميركية، و"من المؤكد ان داعش تدربت على اسقاط مروحيات النظام السوري".


واستخدام الاباتشي الأميركية في بغداد يأتي في وقت يبلغ عدد المستشارين العسكريين هناك حوالي 1500، في وقت قررت قوات خاصة من المارينز، يبلغ عديدها 2300، نقل مقرها الى الكويت، حيث أناطت القيادة العسكرية بهؤلاء مسؤولية إنقاذ أي طيارين أو مقاتلات أو مروحيات تسقط خلف خطوط "داعش"، ما يعني أن واشنطن استعدت فعلياً لاحتمال إشراك جنود على الأرض تداركاً لأي طارئ.


هكذا، صار يبدو أن واشنطن تنحو، رويداً رويداً، الى الاستناد الى جيشها الصغير المرابض في العراق والكويت في الحرب ضد داعش، وهذا الاستخدام صار يبدو لا مفر منه مع استمرار داعش في التمدد وتشديد قبضتها على بلدات تحاصرها، مثل كوباني – عين العرب السورية، على الرغم من الضربات التي تشنها المقاتلات الأميركية لثني مقاتلي داعش عن تقدمهم.


ولأن المقاتلات الأميركية والعربية والعالمية لم تعد بعد بالنتائج العسكرية المطلوبة على الأرض، تقول الانباء المتواترة في العاصمة الأميركية ان الإدارة عكفت على الاتصال بالحكومات الحليفة، وخصوصاً حكومات منطقة الشرق الأوسط، لحثها على تشكيل تحالف من جيوشها النظامية للمشاركة في دحر داعش.


ويبدو أن هذا التمني الأميركي فتح للأتراك، وربما غيرهم من الحكومات الإقليمية في المنطقة، فرض شرط توسيع الحرب لتشمل نظام الأسد، فضلا عن داعش.


ويقول مسؤولون اميركيون ان الاتراك قالوا إنهم غير مستعدين لاستخدام جيشهم للتخلص من داعش حتى يأتي مكانها "تنظيمات إرهابية أخرى" أو حتى يعود "النظام السوري" الى المناطق التي يتم تحريرها.


هكذا، وجد أوباما نفسه في مأزق، ففكرة تحالف من القوات الأرضية بإشراف أميركي نتائجها مضمونة أكثر بكثير من الغطاء الجوي لميليشيات كالجيش السوري الحر ومقاتلي العشائر العراقية. لكن في الوقت نفسه، يؤمن أوباما – منذ اليوم الأول لاندلاع المواجهات العسكرية داخل سوريا – بضرورة الحفاظ على الجيش السوري النظامي تلافياً لوقوع الأراضي التي يسيطر عليها في ايدي "داعش" او "جبهة النصرة" او تنظيمات أخرى لا تحبذها الولايات المتحدة.


وكان رئيس الأركان الجنرال مارتن ديمبسي قال امام الكونغرس ان قوة من 12 الى 15 ألف مقاتل مطلوبة لاستعادة الأراضي التي استولت عليها داعش في سوريا.


"من دون مقاتلين اميركيين على الأرض لتنظيف المدن والقرى التي احتلها البغدادي، سنكون امام حرب طويلة ومحبطة سينقلب الاميركيون ضدها"، حسب الكولونيل غاري اندرسون الذي خدم مع ديمبسي في العراق. ويقول اندرسون في مقالة في مجلة "فورين بوليسي" ان "ديمبسي تكتيكي بارع... يعرف ان استراتيجية أوباما بشكلها الحالي مصيرها الفشل".


من أين تأتي الولايات المتحدة بـ 15 ألف عسكري في وقت يبدي الاميركيون رفضهم التام حتى لانتشار 1500 مستشار عسكري واشتراك بضع مروحيات مقاتلة في العراق؟ الإجابة تكمن في تحالف دولي واسع تشترك فيه قوات تركية واردنية وسعودية. ساعتذاك، تطيح هذه القوة بداعش والأسد، وتحفظ الأمن ريثما يتم بناء قوات محلية كالجيش الحر والعشائر.


لذا، أطل المسؤولون العراقيون، بعد أكثر من شهر على الطلعات الجوية الأميركية فوق العراق لضرب داعش، ليحذروا من مغبة تجاوز قوات اجنبية لسيادتهم.


هل يوسع أوباما المشاركة الأميركية، ام يتلقف العرض التركي؟ للحصول على الإجابة، لا بد من رصد ديمبسي وتصريحاته في الأيام والاسابيع المقبلة.