التجديد للطوارئ: محك للديبلوماسية اللبنانية ونفوذ اسرائيل

منير الربيع
الأحد   2024/05/05
تدفع واشنطن حوالى 60 بالمئة من تكاليف عمل ونشاط اليونيفيل في لبنان

على هامش ارتباط لبنان واستحقاقاته بتوقيت "الحرب على غزة"، هناك ترقّب وتحسب مسبقين لاستحقاق أساسي يتصل بوضع الجنوب، وهو مصير قوات اليونيفيل، علماً ان وجود هذه القوات هو العمود الفقري لتطبيق القرار 1701. كل المفاوضات الإقليمية والدولية التي تتناول خفض التصعيد بين حزب الله واسرائيل تدور حول التطبيق الفعلي للقرار 1701، ما يلزم الوصول الى اتفاق أو ترتيبات تمنع تفاقم المواجهة في الجنوب وإرساء نوع من الحل قبل الوصول الى موعد التجديد لقوات الطوارئ الدولية.

 

ضغوط الدول و...اسرائيل
في هذا السياق، تقول مصادر متابعة إنه في حال الوصول الى لحظة التمديد لقوات الطوارئ الدولية (في 31 آب) ولم يتم الوصول الى ترتيبات ديبلوماسية وسياسية تنهي الإشتباك القائم وتكرس الإستقرار فهناك صعوبة كبيرة ستكون قائمة حول التجديد لهذه القوات، خصوصاً أنه في السنتين الفائتتين، ارتفعت أصوات دولية تطالب بتخفيض ميزانية اليونيفيل طالما أنها غير قادرة على ممارسة صلاحياتها والقيام بدورها، وطالما أنها لا تنجح في منع حزب الله من زيادة ترسانته العسكرية.

تتوزع مواقف القوى الدولية بين من يتمسك ببقاء اليونيفيل ويطالب بتطوير وتوسيع وتعزيز صلاحياتها، وبين من يعتبر أنه في حال الفشل بذلك، فلا بد من تقليص عديدها وتخفيض ميزانياتها، وهناك دول قد تذهب باتجاه سحب قواتها العاملة في الجنوب.

مثل هذه المواقف ستتكاثر في المرحلة المقبلة، خصوصاً أن هناك من يتلمس حركة اسرائيلية استباقية لموعد التجديد لليونيفيل هدفها تشكيل عناصر ضاغطة بقوة على الموقف اللبناني من خلال ضغوط تمارس على الدول المقررة في هذا المجال. ومنذ سنوات يحاول الإسرائيليون الدفع باتجاه اعتماد الفصل السابع في التجديد لليونيفيل، وهو ما يعتبره لبنان مشروع حرب، ولا يمكن تطبيقه لأن حزب الله لن يلتزم به ولبنان في الأساس لا يوافق عليه.


لا عودة لقبل 7 تشرين
تقول مصادر ديبلوماسية غربية إن الوضع بالنسبة الى القوى الدولية قد تغير كثيراً بعد أحداث 7 تشرين الأول/اوكتوبر، خصوصاً أن اسرائيل تستخدم دوماً التلويح بالمخاوف الكبيرة لديها من قيام حزب الله بعملية مشابهة لعملية طوفان الأقصى، ولذلك هي تطالب بضمانات أمنية وعسكرية دولية، وتسعى لتكريسها من خلال قوات الطوارئ الدولية. تشير المصادر إلى أنه لن يكون هناك قبول لدى الدول المعنية بالتجديد لليونيفيل بالعودة إلى ما كان عليه الوضع قبل 7 تشرين الأول، وهذا سيشكل أحد عناصر الضغط الأساسية على الموقف اللبناني.

لبنانياً، تفيد مصادر متابعة لهذا الملف بأنه من الواجب الوصول الى ترتيبات ديبلوماسية وسياسية برعاية دولية قبل 31 آب، وإلا سيواجه لبنان مشكلة كبيرة خصوصاً بما يتعلق بالشروط القاسية التي سيتم فرضها، وحينها سيكون لبنان أمام خيار الرضوخ للشروط الدولية التي سيتم فرضها أو سيكون مهدداً بتقليص عديد اليونيفيل وربما عدم التجديد لها . عندها، ستضغط دول كثيرة لعدم استمرار اليونيفيل بمهامها، طالما أنها غير قادرة على التأثير أو ممارسة عملها كما يجب.  

 

مخاطر افشال الفرنسيين
لن يكون موقف لبنان سهلاً حينها، إذ ستتفاقم الضغوط عليه كما العزلة الدولية. هنا أيضاً يتحسب لبنان لمخاطر افشال المبادرة الفرنسية وعدم التجاوب معها انطلاقاً من التركيز على الموقف الأميركي والرهان عليه. وتفيد مصادر متابعة إلى أنه تم لفت نظر المسؤولين اللبنانيين لضرورة ابقاء خطوط التواصل مفتوحة مع باريس حول مبادرتها وعدم قطع شعرة التفاوض، لأن افشال المبادرة الفرنسية سيؤدي الى مشكلة حقيقية، خصوصاً ان فرنسا هي حاملة القلم في الامم المتحدة وهي التي ستعمل على اعداد المسودة وكتابتها، ومعروف أن لباريس الكلمة الفصل على المستوى الأوروبي حول لبنان.

جزء آخر من الضغوط قد تفرض نفسها على لبنان في حال عدم حصول تعديلات جدية تتصل بعمل اليونيفيل، من خلال الضغوط التي ستتعرض لها الإدارة الأميركية أيضاً على مشارف الدخول في المرحلة الإنتخابية، لا سيما أن واشنطن هي التي تتولى دفع حوالى 60 بالمئة من تكاليف عمل ونشاط اليونيفيل. وفي حال لم تنجح الإدارة الأميركية في التسويق لإنجازات تتصل بمهام هذه القوات وصلاحيات عملها، فإن انتقادات كثيرة ستطالها وتطال توجهاتها في دفع هذه الأموال من دافعي الضرائب الأميركيين، لصالح تمويل قوات الطوارئ الدولية التي لا تبدو قادرة على فعل أي شيء في ضمان الأمن والإستقرار الإقليميين انطلاقاً من الساحة الجنوبية للبنان. بالتالي ستشن حملات كثيرة على بايدن بأنه يبدد الأموال بلا أي أفق أو نتيجة.