شادن فقيه و"ازدراء الأديان"... وخلاف حول حرية التعبير
|
عدا ذلك، يتكرر النقاش والخلاف. ممثل كوميدي إتهم بازدراء الأديان.. فنان اتهم بالمسّ بالآداب العامة.. مغرد إتُهم بالاساءة لمسؤول أو حزب سياسي... تتكرر الانتقادات، ويتكرر النقاش: أين حدود "حرية التعبير"؟ ومن يضع ضوابطها؟ وهل يجب أن تتوقف عند الحديث عن الأديان؟
|
|
ويتوسع النقاش أكثر الى السجال القانوني: "لبنان ملتزم بمواثيق الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان"، كما يرد في مقدمة الدستور، فيما تنص المادة 474 من قانون العقوبات، في الوقت نفسه، على أن "من أقدم (..) على تحقير الشعائر الدينية التي تُمارس علانية أو حثّ على الازدراء بإحدى تلك الشعائر عُوقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات".
المادتان في القانون اللبناني، تزخّران هذا الاختلاف بين اللبنانيين، كذلك غياب محددات "حرية التعبير". بالنسبة لكثيرين، حرية التعبير مطلقة، لا حدود لها ولا قيود عليها، وتشمل، حكماً، بحسب التفسيرات الأوروبية، السخرية من الاديان، وانتقاد المسؤولين، ومن ضمنهم رئيس البلاد، وحتى السخرية من اي شخصية عامة تمارس العمل في الحقل العام.
مقدسات و"ضوابط"
ومع أن لبنان يراعي تلك الأغلبية بقبول دعاوى قضائية ومنع العنف واحتواء الغضب، إلا أنه يراعي الاقلية التي تعتنق المبدأ الاوروبي في الوقت نفسه، بإسقاط عقوبة الحبس، بالممارسة طبعاً، حيث لم ينفذ القضاء حكماً بالسجن بقضية "رأي وتعبير"، على الاقل منذ عشرين عاماً. وتنتهي تلك الدعاوى باعتذار، أو بتعهد وتراجع عما قيل، وهو ما حدث في "سكيتش" سابق للمثل الكوميدي نور حجار.
|
حصرية الرأي
وادعاء "الحصرية"، ومحاولة تعميم رأي واحد من دون النظر في آراء الاغلبية، تعكس اخفاقات مناصري الحريات في مقاربة ملفات مشابهة. كيف يمكن لشخص مدافع عن الحريات، أن يسقط حق الآخرين في الاعتراض، وتسويق الاعتراض على أنه "تحريض" و"تهديد"، علماً أنه بالمبدأ وبالأصل، ثمة رفض مبدئي للتحريض والتهديد، وأي ممارسة من هذا النوع تستدعي ملاحقة مروجيها قضائياً، بهدف حماية الاشخاص والحد من العنف، وهي دعوة مفتوحة للقوى الامنية والسلطات القضائية لتحمل مسؤولياتها على هذا الصعيد.
حق التقاضي
|
يتمسك هؤلاء الرافضين باللجوء الى القضاء بذريعة أن القضاء مسيس. حسناً، فليكن الضغط في اتجاه تحقيق استقلالية القضاء، لا إسقاط هذا الحق.. علماً أن حق التقاضي، هو مخرج سياسي وجده المشرعون في العالم لاحتواء العنف والتأزم، وللقضاء على مفهوم الثأر، ولتحقيق حصرية الدولة في إحقاق الحق. وأي دفع لرفضه أو انتقاده، هو تشريع ضمني لمنطق الثأر والعنف!