وفُتح ملفه أيضاً بعدما باتت مديريات التربية في عوز مدقع، فيما الإرشاد يعيش نعيم القبض بالدولار النقدي، واستحوذ على كل مشاريع الدول المانحة. وهذا أصل المشكلة في ظل العوز الحالي لأحزاب السلطة الذين جعلوا التربية مغارة علي بابا.
لا للإصلاح
لا يريد أي طرف البحث الجدي بهذا الجهاز. وفتح ملفه مؤخراً أتى في إطار الكباش السياسي. وسريعاً ألبس البعض الجدل حول عدم قانونية هذا الجهاز وجدواه التربوي، ابعاداً طائفية وسياسية، كي تطمس قضيته كسائر القضايا في لبنان. بينما البحث الجدي يستوجب إعادة تقييم وضعه لمعرفة الفائدة منه.
تضخم الجهاز
تضخم الجهاز واستحوذ على كل المشاريع وصلاحيات المديريات. وعوضاً عن تفرغ المرشد للإرشاد، بات يعمل بكل المجالات التي لها مراكز ووحدات ومديريات وموظفين، يتقاضون رواتبهم من الدولة، في وزارة التربية. وعلى سبيل المثال، حل المرشد ورئيسة الجهاز مكان المركز التربوي للإنماء والبحوث، وباتا يضعان المناهج ويشرفان على تدريب الأساتذة على برامج التعليم، وبات أستاذ الأدب العربي واللغات الأجنبية، متخصصاً بكورونا ويشرف صحياً على المدارس، في وقت جميع المدارس بعوز كبير لمدرسين.
لكن ماذا يعني التفرغ للإرشاد؟ لا جواب. وحتى نص إنشاء هذا الجهاز لا يحدد صلاحيات المرشدين. وهو أنشأ بمرسوم وليس بقانون وعين رئيسه بالتكليف، وأدخل إليه موظفون من دون مباراة في مجلس الخدمة المدنية.
دولة داخل الدولة
رغم كل الكتب من مجلس الخدمة المدنية والمفتشية التربوية حول وضع هذا الجهاز غير القانوني، لا أحد يبحث بعدم قانونيته وجدواه. وإلا لكان حُلّ منذ سنوات. فمرسوم إنشاء الجهاز ينص على إلحاقه برؤساء المناطق التربوية. أي ليس له هيكلية خاصة ومدير. بل هو جهاز، والمسؤول عنه هو مسؤول المنطقة التربوية. وكل موظف يجب أن يخضع لمباراة في مجلس الخدمة المدنية. لكنه تحول إلى مديرية من دون قانون يسوغ وجوده. وعُيّن له مدير بالتكليف لا بالأصالة. وتحول مع رئيسته الحالية إلى جهاز بمثابة دولة داخل الدولة. وبات لديه 520 موظفاً في الملاك، ومئات المتعاقدين، منهم نحو مئة أستاذ علم نفس، يموَّل مشروعهم من الدول المانحة، ونحو مئة موظف في مشروع S2R2، وغيرهم الكثيرين. وتوسع نحو الارشاد الصحي والتربوي والتوجيه المهني ومراقبة المدارس الخاصة المجانية.. وحتى بات لديه مراكز خاصة في كل المناطق، ينفق عليها عشرات ألوف الدولارات. ولديه ميزانيته الخاصة، رغم عدم وجود حتى هيكلية قانونية له. ولأن أقصى عمل شاق لبعض المرشدين، وليس كلهم، التعليم لنحو أربع ساعات في الأسبوع (نصاب الأستاذ عشرون ساعة)، كل أستاذ يريد التقاعد من العمل يتوسط للالتحاق بالإرشاد، كما تقول المصادر.
صلاحيات الوزير
ورغم أن كل إدارات الدولة والمديريات بحاجة إلى إعادة هيكلية وتعديل وظائف وإلغاء أخرى، بما فيها مديريات التربية، إلا أن وضع هذا الجهاز مختلف عن سائر المديريات. فهو غير موجود قانوناً وبات واقعياً أكبر من الوزارة كلها. وعوضاً عن خضوعه أصلاً لرؤساء المناطق التربوية، بات له مدير يخضع له، فيما ينص قانون إنشائه على أن وزير التربية ينظم ويراقب عمل المرشدين. فهل يجوز أن تناط صلاحيات وزير بموظف فئة ثالثة (بات بعد التكليف في فئة ثانية) فيما يفترض أن ينوب عن الوزير المدير العام للتربية؟ تسأل المصادر.
وتؤكد المصادر، أنه لا يمكن البحث بهذا الجهاز إلا من هذه النواحي القانونية. أما تناوله للنكد السياسي والطائفي ولتوزيع مغانمه أو لرفع عدد ساعات التدريس للمرشدين، فكلها مضيعة للوقت، في حين بات لبنان بحاجة للإصلاح أكثر من أي وقت مضى. ولا ينفع في هذا المجال كتاب من رئيس الحكومة من هنا أو تحقيق من وزير التربية من هناك. بل يجب بدايةً حل الجهاز وإعادة الأساتذة إلى مدارسهم. وفي حال أراد المسؤولون الإبقاء عليه، يجب إصدار قانون من المجلس النيابي لجعله مديرية كسائر المديريات. لكن قبل ذلك يجب إيجاد صلاحيات وهيكلية محددتين له.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها