وقد تسلم الجيش اللبناني جثة المغدور من سوريا، وعاد بها إلى المستشفى العسكري، حيث سيتم تشريحها بمشاركة وفد من أطباء ينتمون إلى القوات اللبنانية.
وبوصوله أولاً إلى القاع، ثم إلى زحلة، كان المواطنون يستقبلون الجثمان بقرع أجراس الكنائس ونثر الأرز وإطلاق المفرقعات النارية ورفع البخور.
القوات: جريمة سياسية حتى..
وقد صدر عن الدائرة الإعلامية في حزب "القوات اللبنانية" بيان أكدت فيه "أنّ التحقيق في جريمة قتل الشهيد باسكال سليمان يجب أن يكون واضحًا وشفافًا وعلنيًّا وصريحًا ودقيقًا بوقائعه وحيثيّاته، وحتى صدور نتائج هذا التحقيق نعتبر أنّ باسكال سليمان تعرّض لعملية اغتيال سياسيّة". معتبرة أنّ "ما أدى إلى عملية الاغتيال هذه بغض النظر عن خلفياتها، عوامل جوهرية وأساسية:
- العامل الأول يتمثّل بوجود "حزب الله" بالشكل الموجود فيه بحجة ما يسمى مقاومة أو حجج أخرى، وهذا الوجود غير الشرعي للحزب أدى إلى تعطيل دور الدولة وفعالية هذا الدور، الأمر الذي أفسح في المجال أمام عصابات السلاح والفلتان المسلّح. فالمشكلة الأساس إذًا تكمن في جزيرة "حزب الله" المولِّدة للفوضى، وما لم يعالَج وضع هذه الجزيرة، فعبثًا السعي إلى ضبط جزر الفلتان. فهذه العصابات موجودة ولكنها تتغذى من عامل تغييب الدولة.
- العامل الثاني يتمثّل بالحدود السائبة التي حولها "حزب الله" إلى خطّ استراتيجي بين طهران وبيروت تحت عنوان وحدة الساحات فألغى الحدود، وما لم تُقفل المعابر غير الشرعية وتُضبط المعابر الشرعية، فستبقى هذه الحدود معبرًا للجريمة السياسيّة والجنائيّة وتهريب المخدرات والممنوعات، وبالتالي مَن يُبقي الحدود سائبة و"فلتانة" هو المسؤول عن الجرائم التي ترتكب إما بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر.
- العامل الثالث يتمثّل في "خصي" إدارات الدولة القضائية والأمنية والعسكرية وغيرها، من خلال منعها من العمل في مناطق معينة، أو في قضايا معينة، أو في أي أمر يتعلق بأي شخص ينتمي إلى محور الممانعة".
وتؤكد الدائرة الإعلامية بأنّها تنتظر "انتهاء التحقيق وبأسرع وقت، لتبني على الشيء مقتضاه، ولكنها في الوقت نفسه تدعو اللبنانيين إلى مواصلة النضال سعيًا إلى إنهاء مسبِّبات الاغتيال والجرائم على أنواعها، الأمر الذي يستحيل تحقيقه إلا من خلال العبور إلى الدولة الفعلية التي تبسط فيها وحدها سيادتها على كل أراضيها، والتي لها وحدها حصرية السلاح، وليس محرَّمًا عليها لا الدخول إلى أي منطقة تريد، ولا التحقيق في أيّ أمر تريده".
الكتائب: ليتحمل نصرالله مسؤولياته
من جهته، عقد المكتب السياسي الكتائبي المصغّر اجتماعًا برئاسة رئيس الحزب النائب سامي الجميّل، تمحور حول قضية اغتيال سليمان وأصدر بياناً أسف فيه "للمآل الدراماتيكي للأحداث".
وجدد الحزب مطالبته "كل المعنيين في السلطات السياسية والأمنية والقضائية بالكشف للرأي العام عن تفاصيل من حرّض وخطّط ونفّذ الجريمة، وما هي الدوافع الحقيقية الكامنة وراءها، وقد ترافقت مع معطيات مشبوهة وتضليل إعلامي موصوف، وذلك حسمًا لكل الغموض الذي يلف القضية".
وجاء في البيان "مؤسف ومضلل ما سمعه اللبنانيون من أمين عام "حزب الله" من خطاب الاستهزاء ورفع الإصبع بوجه شريحة كبيرة من اللبنانيين المتمثلة بالمقاومة اللبنانية التي قاومت ودافعت عن لبنان بوجه جيوش ومنظمات محتلة على عكس مغامرات نصرالله الذي يجر لبنان إلى حروب لا علاقة له فيها تلبية لطموحات إيران ومصالحها في المنطقة.
إن كلامه الذي ساق فيه عمدًا سلسلة من التعميات والمغالطات في الحاضر والماضي ينم، أبعد من الحادثة المشؤومة، عن ضيق صدرٍ من مواقف الكتائب وكل من يقف في وجه مشروعه الذي لم يجر على لبنان واللبنانيين سوى الويلات والحروب والمآسي.
إن هذه التصريحات، وفي هذه الأوقات بالذات تزيد من الشرخ الحاصل بين اللبنانيين وترسخ الشعور العام بأن حزب الله ينفصل أكثر من أي وقت مضى عن الدولة اللبنانية والشراكة فيها، فليتحمل نصرالله مسؤولياته.
كتلة تجدد: إلى المجلس العدلي
بدورها، عقدت كتلة تجدد اجتماعًا طارئًا في مقرها في سن الفيل، بغياب النائب أديب عبد المسيح بداعي السفر. وأصدرت بياناً اعتبرت فيه أن "هذه الجريمة قد نفذت على يد عصابة اجرامية منظمة، وبطريقة مخطط لها، ما يطرح تساؤلات جدية تخالف الروايات الرسمية المتعددة والمتناقضة التي يتم ترويجها"، مطالبة بـ"التوسع في التحقيق، لتقديم الصورة الكاملة والحقيقية للرأي العام حول دوافع الجريمة، والجهة التي تقف وراءها، وعن كيفية تحرك المجموعة الخاطفة والقاتلة بهذه السهولة، وقدرتها على اقتياد الشهيد لمسافة طويلة في لبنان وإدخاله الى سوريا"، وأكدت أن حرصها "وجميع اللبنانيين على السلم الأهلي، لا يعني أبداً القبول بتغييب العدالة وبالخضوع لنهج الترهيب الدائم بالخطف والاغتيال". وأثنت "على روح المسؤولية التي تحلت بها عائلة المغدور وحزبه، منعاً لتحقيق أهداف القتلة بتكريس ثقافة الترهيب، وقطعاً للطريق على فتنة كبرى يراد إشعالها". وطالبت الحكومة "بتحويل ملف الجريمة إلى المجلس العدلي، باعتبارها جريمة سياسية تمس السلم الأهلي"، ودعت "إلى المشاركة الكثيفة بتشييع الشهيد سليمان".
كيروز يرد على نصرالله
ورداً على كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، على خلفية خطف وقتل سليمان، كرر النائب السابق إيلي كيروز موقف القوات مؤكداً أنها "جريمة خطف وقتل باسكال سليمان هي جريمة سياسية ولا يمكن تعميتها بتهويل من هنا وإختلاق سيناريوهات من هناك".
وقال "إن القوات اللبنانية بشخص رئيس الحزب اعتمدت منذ اللحظة الأولى للجريمة موقفاً متحفظاً وحرصت على الدعوة إلى التروي وضبط النفس والابتعاد عن منطق الاستسهال أو الاستعجال في إطلاق الأحكام المسبقة أو الأحكام السياسية".
وأضاف "غير أن الرواية الأمنية المتناقضة بكل حلقاتها حول عملية الخطف، وصولاً إلى اكتشاف جثة الشهيد باسكال، لم تكن مقنعة. لأنها ربطت الجريمة بسرقة السيارة. إن هذه الرواية بكل فروعها طرحت تساؤلات إضافية ورسّخت القناعة بأن الجريمة ليست مجرد عملية سطو بسيطة يمكن أن تمرّ مرور الكرام. وهو ما يذكرنا بأسلوب وجرائم سابقة. إن كشف الحقيقة الناصعة هو وحده يسمح بتبديد كل الشكوك، بعد أن علمت التجربة اللبنانيين أن هناك قدرة عالية على كشف ملابسات كل جريمة لا يقف وراءها حزب الله".
واعتبر إن "العودة إلى أحداث عين الرمانة في كلمة الأمين العام تعيد إلى أذهان اللبنانيين تلك المظاهرة المدججة بالسلاح والتي انحرفت قصداً وعمداً عن مسارها الطبيعي لتصُبّ في شوارع عين الرمانة مع كل الشعارات والهتافات الاستفزازية والفتنوية. وإن التحريض المتواصل وهذه المرة على القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية هو تَجنٍ مفضوح ومردود لأصحابه".
"إن مخاطبة المسيحيين لا تكون بالإصبع المرفوع للأمين العام، والذي بدا في لغة الجسد متوتراً وخارجاً عن هدوئه المعهود.. إن المسيحيين واللبنانيين يسألون اليوم إلى أين يأخذ حزب الله لبنان واللبنانيين وحكومة لبنان؟
"إن أكثرية اللبنانيين باتوا يرفضون تبعية حزب الله للجمهورية الإسلامية في إيران وكل حروبه العبثية، البعيدة كل البعد عن لبنان الدولة والكيان والجمهورية والدستور والعيش المشترك والشراكة".
اجتماع للمنظمات الشبابية
إلى ذلك، دعت الحركات والمنظمات الطالبيّة والشبابية في القوات اللبنانية، الكتائب اللبنانية، الوطنيين الأحرار، حركة الاستقلال، حزب الحوار الوطني، حزب الاتحاد السرياني، إلى اجتماع طارئ في مبنى الأمانة العامة لحزب القوات اللبنانية في ضبية مساء اليوم، للتنسيق في تداعيات اغتيال المغدور ورسائله السياسية وكيفية مواكبة ترتيبات الدفن والمشاركة الكثيفة فيه.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها