الجدال في موضوع الانتخابات أو اجتماع الحكومة، بات نوعاً من الكوميديا السوداء، لإلهاء اللبنانيين عن حقائق الأزمات الشديدة الخطورة التي يعانونها. ولو اجتمعت الحكومة ما هي الخيارات التي يمكن القيام بها داخلياً وخارجياً، في ظل غياب أي مؤشرات عن وضع خطة واضحة لمعالجة الأزمة؟
فأي اجتماع للحكومة سيكون مرتبطاً بنضوج صفقة بين القوى المتصارعة، وإلا فإنه سينعكس سلباً على كل المستويات، لانه ينطوي على تنازلات من جهات متعددة، لصالح فريق رئيس الجمهورية من جهة، وحزب الله من جهة أخرى، في ما يتعلق بالسياقات القضائية، الإدارية، والتعيينات، والانتخابات. وهذه التنازلات عناوينها مموهة، منها احترام الدستور أو الحرص على الاستقرار.
في المقابل، ترتبط التنازلات التي يقدمها عون وحزب الله على الضفة الأخرى بالأمور المالية والاقتصادية، واستمرار المسار القائم حتى الآن. وهذا يعني أنه ينعكس سلباً على اللبنانيين على المستويات المعيشية. أما في حال لم تنضج الصفقة فالتعطيل مستمر، في ظل النزاعات والخلافات السياسية التي تؤدي إلى استنزاف اقتصادي ومالي. وجزء من الصراع سينتقل حكماً إلى المجلس النيابي الذي سينعقد في دورة إستثنائية.
وبحال نضجت الصفقة تُقر قوانين جديدة تتعلق بها، وإذا استمر النزاع فلا يقر أي قانون أساسي يرتبط بوضع الناس المعيشي.
تحويل الناس مضاربين
هذا كله يؤدي إلى تحول جذري في التكوين الاجتماعي والطبقي في لبنان، قد يستمر عقوداً، لن تتاح فيها القدرة للبناني على استعادة مستوى معيشته السابق بأي شكل من الأشكال، خاصة إذا كانت أي محاولة للتخفيف من حدة الأزمة مجزأة، وتشمل أحد القطاعات دون القطاعات الأخرى.
العقدة الرئيسية للدخول في بداية الحل تنطلق من ضبط سعر صرف الليرة، للحد من تحول الناس إلى مضاربين، إلى جانب مضاربة المصرف المركزي والسلطة المالية. وهذا لا يمكن أن يكون حلّه فقط في إقرار الموازنة، التي تؤدي إلى ارتفاع أسعار الخدمات بشكل كبير جداً، ويتعذر معها توفير الأساسية والضرورية منها. والبلد متجه بوضوح إلى هذه الحال. وهنا لا يمكن اعتبار أن حاكم مصرف لبنان يتصرف وحده أو من بنات عقله، بل يعبر عن موقف الجناح المالي في السلطة.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها