الخميس 2020/04/09

آخر تحديث: 20:24 (بيروت)

علي رامي مخلوف يحتفل بعيد ميلاده.. وأشياء مستفِزّة أخرى

الخميس 2020/04/09
علي رامي مخلوف يحتفل بعيد ميلاده.. وأشياء مستفِزّة أخرى
increase حجم الخط decrease
إن كان الفيديو الذي نشره علي مخلوف، ابن رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، احتفالاً بعيد ميلاده في "أنستغرام" مستفزاً للسوريين، فإن مقاطع فيديو أخرى انتشرت خلال الأسبوع تفسر سبب الاستياء، وتعطي لمحة عن معنى الحياة في سوريا الأسد، حيث تتعزز الفوارق الطبقية في البلاد بشكل غير مسبوق، ويتحكم في الثروة قلة من فاحشي الثراء.

وتعمد مخلوف، إظهار الرفاهية التي يعيشها، من منطلق "فائض القوة" أو ربما من الرغبة في التباهي بالثراء. ورغم أن الفيديو القصير المنسوب له، لا يتضمن صوره على يخت فاخر أو مع سياراته الباهظة، بل صور في غرفة أمام طاولة عليها كعكة عيد الميلاد فقط، إلا أن تصوير مخلوف لمحادثته مع أصدقائه عبر ستة أجهزة تقنية مختلفة، بين هواتف ذكية وأجهزة لوحية وحواسب محمولة، أثار استياء واسعاً.

وظهر مخلوف مرتدياً كمامة طبية، قبل أن يبدأ بإطفاء شموع الاحتفال عن طريق جهاز هوائي (سيشوار)، فيما أصدقاؤه يرددون أغنية "هابي بيرثداي تو يو"، وعلق على الفيديو في "أنستغرام" بعبارة" "مكافحة كورونا". في وقت تعيش فيه مناطق النظام ضائقة اقتصادية ومعيشة خانقة مع ترد في الخدمات، في حال وجودها، ما أدى لموجة تظاهرات نادرة ضد النظام في محافظة السويداء مطلع العام.

View this post on Instagram

The right celebration these days 🎉😷

A post shared by علي رامي مخلوف (@ali_r_makhlouf) on


وفيما تنتشر مقاطع فيديو وصور، بشكل يومي، لطوابير السوريين من أجل الحصول على الخبز أو الغاز وغيرها من متطلبات الحياة اليومية، برز مقطع فيديو لرجل سوري طاعن في السن، أجرى معه التلفزيون الرسمي مقابلة قبل أيام، تذمر خلالها من غلاء الأسعار في العاصمة دمشق. وقال عبارة باتت شعاراً ردده السوريون في "فايسبوك" و"تويتر": "وين عايشين نحنا بأميركا".

وتشهد مناطق سيطرة النظام ضائقة اقتصادية وعجزاً في تأمين احتياجات السوريين الأساسية، ما يجعلهم يقفون في طوابير طويلة للحصول على الخبز، رغم التعليمات المتكررة التي تدعو للتباعد الاجتماعي وحظر التجول. وزادت المسألة سوءاً بعد قرار منع بيع الخبز في الأفران واللجوء لسيارات توزيع الخبز على الأحياء، التي حولت مشهد الطوابير التقليدي إلى مشهد التزاحم حول السيارات.



ويكتمل هذا المشهد المظلم، بمقاطع فيديو يبثها الإعلام الرسمي، وبالتحديد لفنانين موالين وهم يدعون لرفع العقوبات المفروضة على النظام، بوصفها "عقوبات غير إنسانية" و"تساهم في زيادة معاناة السوريين". ويتم فيها لوم الولايات المتحدة على كل مشاكل البلاد، وحرف الأنظار عن الأسباب التي أدت لفرض العقوبات بالدرجة الأولى.

وبرز هنا مقطع فيديو للممثلة وفاء موصللي، الشهيرة في دور فريال في سلسلة "باب الحارة" التلفزيونية، وهي تدعو لرفع العقوبات عن النظام السوري. ولا يتم الإشارة بالطبع في هذه النوعية من المقاطع الدعائية، إلى رموز النظام وزعماء الميليشيات ذوي النفوذ، الذين باتوا يتحكمون بالاقتصاد السوري.



ومنذ العام 2011 يحافظ الموالون على موقف ثابث يفصل بين النظام وبين المسؤولين الفاسدين فيه، وبين الرئيس الأسد كشخص "نبيل" و"الأشرار" المحيطين به في الحكومة التنفيذية ممثلة بالوزراء، وبين النظام ككيان سياسي وبين طبقة التجار كيكان اقتصادي، رغم أن حدود الفصل بين تلك التقسيمات تكاد تكون معدومة. فعلى سبيل المثال مازال النظام حتى اليوم يدافع عن طبقة التجار ورجال الأعمال في خطابه الرسمي، لا الإعلامي، وهو ما تجلى في تصريحات بثينة شعبان، المستشارة الإعلامية للأسد، مطلع العام، عندما قالت أن الاقتصاد السوري اليوم أفضل مما كان عليه العام 2011 "بـ50 مرة" وأن سعر صرف الدولار ليس مرتفعاً بل هو ارتفاع وهمي فقط، في رد على الاحتجاجات الشعبية التي رافقت انهيار سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الرئيسية حينها.

وبالعودة إلى حالة مخلوف المحتفل بعيد ميلاده، تجب الإشارة إلى أن أرباح شركة "سيريتل" التي يملكها والده رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، خلال ثلاثة أشهر فقط 13.9 مليار ليرة سورية وفق الهيئة العامة للشركة خلال اجتماعها السنوي الفائت.

وبحسب تقارير ذات صلة، فإن هنالك عدداً من الوجوه الجديدة التي باتت تملك الثروة في سوريا، وتقدم الدعم المالي للنظام، وتسهم في بقائه في الحكم بأساليب أسهمت في انهيار ما تبقى من اقتصاد البلاد، فيما تركت الحرب في البلاد الناس منقسمين بين أغنياء أو فقراء، وبات الأغنياء قلة تتربح من الحرب، وتدير اقتصاده الذي لم يعد سوى هيكل عظمي عما كان قبل الحرب، بموازاة تمزق النسيج الاجتماعي أيضاً.وفي مثل هذه الظروف فإن الفقير يزداد فقراً ويزداد الغني غنى، ما يفسر حجم الاستياء الشعبي من فيديو مخلوف في مواقع التواصل.

ويعني ذلك أن الحرب قضت على الطبقة المتوسطة، وتوسعت الثغرة القائمة أصلاً، بين الفقير والغني داخل سوريا، حيث تعيش نسبة 80% من السكان تحت خط الفقر بحسب تقدير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية. وتراجعت ميزانية سوريا من 60 مليار دولار قبل الحرب إلى 15 ملياراً العام 2016، كما أن الحرب والتجنيد واللجوء والموت شكلت عوامل قضت على القوة العاملة، ما أجبر الشركات على البحث عن عمالة، في الوقت الذي يواجه فيه أصحاب الأعمال مشكلات في انقطاع الطاقة، ومحاولات الدولة والميلشيات النافذة الحصول على أموال منها، كما أن التجارة الدولية توقفت بسبب العقوبات على النظام، فيما فاقم الفساد من الأزمة، حيث تصنف منظمة الشفافية العالمية، سوريا كثاني دولة فاسدة في العالم.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها