غير أن الحضور الأكبري، تركز في مناسبات تتصل مباشرة بقصة المبادئ التي يروج لها. فقد جلس قبل أيام على منصة المشاركين في ندوة بحثية بعنوان "طوفان الأقصى والتحولات الإستراتيجية"، أقامها كل من مركز اللغات والترجمة في حركة "الجهاد الإسلامي الفلسطيني" واتحاد الكتّاب العرب، وأعطى الحاضرين دفعة معنوية كبيرة، فأشار "إلى نفاد صبر محور المقاومة والشعب الفلسطيني الذي أجبر العدو على الاستسلام ففشل في فلسطين، وأمام محور المقاومة في العراق الذي رد على اعتدائهم بشكل قوي".
ثم عاد إلى القاعة ذاتها بعد يومين ليشارك في ندوة في اتحاد الكتّاب العرب بعنوان "خمسة وأربعون عاماً من الإنجازات والفعل المقاوم"، بقراءات في "ثقافة ودعم المقاومة في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية والإرهاب المدعوم غربياً"، فتحدث باسم بلاده وباسم سوريا، مؤكداً وقوف البلدين إلى "جانب الشعب الفلسطيني لأن مطالبه محقة في إقامة دولته على أرضه".
وفي حضور السفير، قام باسل الدنيا، مدير مؤسسة أرض الشام الممولة من إيران، بإهداء الحضور كتاب "الحاج قاسم سليماني" للدكتورة صفاء قدور والدكتور سليم حربا، وكتاب "سورية وإيران.. وحدة الهدف والمصير" لزُبير قدوري.
ويبدو أن كومة الانشغالات المبدئية، منعت السفير من حضور مناسبة مماثلة لجهة أخرى، مدعومة من الجمهورية الإسلامية، تسير أعمالها من حي السيدة زينب جنوبي دمشق، هي "مؤسسة صباء بيت الفن والأدب". فبعدما شرعت منذ شهور بالعمل كأداة ثقافية، تستهدف الجيل السوري الشاب، وعلى وجه الخصوص الكتّاب والشعراء والفنانين والموسيقيين، أثمر عملها عن إطلاق سلسلة روايات بعنوان "يقيناً كله خير"، تتحدّث عن "قيمة الشهادة والشهداء في الوجدان السوري، وأن الشهادة هي استمرار لنهج المقاومة في تحرير الأرض"، وذلك خلال فعالية أقيمت قبل ثلاثة أيام في "مكتبة الأسد".
لا يُخفي الإيرانيون، وعبر ما سبق ذكره، أن حضورهم في سوريا لا يتوقف عند الحفاظ عسكرياً على بقاء نظام الأسد، ولا عند السيطرة الاقتصادية، ولا الحضور الديني الذي بات مسيطراً في شوارع دمشق القديمة. بل يتصل وبشكل حثيث، بالثقافة وما ينطوي تحتها من شؤون وقضايا، وذلك بالتعاون مع المؤسسات الرسمية السورية ذات الصلة، أي وزارة الثقافة واتحاد الكتّاب العرب. كما أنهم يتعمدون ألا يُنقل مما يجري هنا من أحداث، سوى تلك الفعاليات المرتبطة بهم، حيث تبدو التغطيات الخبرية تحت سيطرتهم الإعلامية الواضحة. فسوى قناةٍ سورية وأخرى فنزويلية، تُظهر شعارات القنوات والوسائل الإعلامية التي غطت البارحة حديث أكبري للصحافة، أنها إيرانية، أو تتلقى تمويلاً من طهران.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها