يستطيع الفيلم أن يفرش بساطا إنسانيا في الصالة التي يعرض فيها، دون أن يتخلى عن الجرعات العاطفية التي تعبث بمشاعر الجمهور والتي يحرص أن يبقيها حية بين اللوحة والتي تليها، وكان مغاليا في حقن "الحث الوطني" التي كانت الشخصيات تلقيها أو تهتف بها كحوارات متبادلة أو كانت تظهر كشعارات مكتوبة وموجهة للمشاهد وليس للسلطة التي تثور الجماهير ضدها، كان الفوران "الوطني" عالة على الهمّ الإنساني الذي أجتهد الفيلم بقوة ليظهره بقوة، فطن المخرج الى أن شخصياته بتركيباتها البسيطة عاجزة عن التعبير "بوطنية متطرفة" ففرضها كنهاية مكتوبة للفيلم، وظهر تقليديا مرة ثانية عندما أذاع مرة أخرى خبر تنحي مبارك مختلطا مع فرحة جماهير الحلاقة المحتشدين فيما، زوجة الحلاق تخبره بأنها حامل ككناية عن مرحلة جديدة تطوي مرحلة خطاب التنحي.
تبنى الفيلم النهاية العظمى للثمانية عشر يوما واحتفى بطريقة مبالغ فيها بخطاب التنحي وكأنه نهاية كل شيء، ومن بعده تبدأ الولادة الجديدة، لم يتطرق الفيلم الى ما قبلها ولكنه كان واضحا في إدانة لما قبلها بتحميله كل ما شهدته اللوحات من بؤس وقتل وتعذيب، لم يخف الفيلم تفاؤله ولم يبرره كذلك، حمل تقديرا كبيرا لكل اللحظات التي قادت الى لحظة التنحي وشكل كل واحدة منها بشعور ذي طبيعة إنسانية صرف ووضع لوحاته العشر كسلم تم الإرتقاء فوقه لنشاهد عمر سليمان وهو يقرأ الخطاب الشهير واللوعة تأكل قلبه، ولكن الفيلم كان مهتما أكثر بفرح الجماهير العفوي والتواق الى تغيير حاسم، ظهر فرح الجمهور وظهرت مشاعر "المخرجين" الذين أهملةا السياسة ولجؤوا الى ابسط الناس ليستعير ابتساماتهم ونزقهم وردات أفعالهم العفوية ليشكل لوحاته العشر بعد أن يرش فوقها بعض "الحماس الوطني".
(*) "18 يوم" فيلم مصري انتج عام 2011 ينتمي الى فئة الأفلام المستقلة، يتناول عدة قصص تدور حول ثورة 25 يناير وشارك فيه 10 مخرجين و 8 مؤلفين وعدد كبير من الممثلين المعروفين، ويتكون من 10 افلام قصيرة لكل منها مخرج ومؤلف وممثلون بشكل منفصل
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها