"ما زال الغضب موجوداً ولا أريده أن يتوقف، إذ كما يقول ممدوح عدوان، لا نتعود يا أبي إلا إذا مات فينا شيء"، يقول هاني السواح، الملقّب بـ"الدرويش" لـ"المدن"، وهو اللقب الذي استقرّ عليه أخيراً لأنه يُشبهه، ويجمع بين إعجابه بسيد درويش وبالتغيير الذي أحدثه في الموسيقى العربية، وبين تعلّقه بمدينته حمص، التي هي مركز الدراويش والمتصوفين. "الراب جعلني أستثمر هذا الغضب وأوجّهه بدلاً من أن أتركه يستهلكني".
ساهم مجيء هاني السواح الى بيروت العام 2012 وتعاونه مع مازن السيد الملقبّ بـ"الـراس" - وهو موسيقي ومغني راب لبناني من مدينة طرابلس، في استكمال سعيه الى التواصل مع نفسه ومع الناس. في هذا الاطار يقول لـ"المدن": "أول أغنية مشتركة مع "الراس" كانت "يا ديب"، التي تحكي عن حمص، مدينتي التي تركتها أول الثورة وعدت إليها بعد فترة لأجدها ركاماً، الثانية كانت عن طرابلس في بداية التوترات التي شهدتها المدينة على خلفية الخلاف حول الثورة السورية واسمها "ميناء حمص"، عبّرنا فيها عن رغبتنا بأن تشدّ طرابلس الحيل، لأننا معها للحياة وليس للموت، والثالثة كانت عن اللاجئات السوريات، بعنوان: لاجئات لا سبايا".
ألبوم "أرض السمك" هو أيضاً نتاج عمل مشترك بين "الدرويش" الذي كتب الكلمات وغنّاها و"الراس" الذي عمل على الموسيقى وعلى الإنتاج، بدعم من الصندوق العربي للثقافة والفنون.
"ليس عندي منهجية ولا عمل ثابت في بيروت ولا بيت واحد فيها. الراس دقّ وتداً وربطني بحبل. ساعد في أن يكون الألبوم موجوداً ضمن سردية واحدة على مستوى الصوت والمشاعر والموسيقى"، يقول هاني.
يحاول "الدرويش" من خلال عمله الجديد، مشاركة تجربته وقول آرائه من دون تعميم، وتعريف "الأنا" والــ"نحن" و"الآخر" وإعادة استنباط روح الثورة والتذكير ببداياتها وبالأسباب التي دفعت الناس للنزول الى الشارع.
وهو سعيد بأنه ينتمي الى نوع موسيقي آخذ في التطور في العالم العربي. "في العام 2009 كانت النظرة العامة لمغني الراب في منطقتنا سلبية جداً لاعتبارهم مجرّد مقلدين للغرب، أشكالهم ولبسهم غريب ولا طعم لما يقولون. بدأت هذه النظرة تتغير مؤخراً، خصوصاً عند الشباب والأطفال. عملت خلال إقامتي في لبنان على فكرة التحريض على الكتابة عن طريق الراب، في مخيمات مع أطفال سوريين وفلسطينيين ولبنانيين. الحماس كان كبيراً جداً، حتى أن بعض الأطفال في عمر العاشرة وأكثر، عندما سمعوا عن دروس الراب في المخيم، قرّروا أن يتعلّموا القراءة والكتابة".
إطلاق ألبوم "أرض السمك" سيكون في "مترو المدينة"، الذي يشكّل بالنسبة إلى هاني السواح وفنانين غيره، حالة مختلفة عن الأماكن الأخرى في بيروت. "وجود مكان مثله هو الذي دفعني الى البقاء في هذه المدينة وجعلني على ما أنا عليه اليوم، في علاقتي مع الجمهور وفي وقفتي على المسرح وأدائي. يمثل المترو الجانب الإيجابي والمريح لبيروت، نصف الكأس الممتلئ"، كما يختم هاني السواح، الذي ينتظر يوم الجمعة 15 الجاري، لكي يُخبر حكايته "اللي بتخاف تعيد حالها وبدها تخلق سرد جديد".. ومعها حكاية بلد ومدينة وشوارع.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها