الأحد 2017/05/21

آخر تحديث: 01:28 (بيروت)

"النجماوي الأول" وسام بليق.. أرشيف كرة القدم اللبنانية

الأحد 2017/05/21
"النجماوي الأول" وسام بليق.. أرشيف كرة القدم اللبنانية
كان نادي النجمة محور حياته إلى جانب عائلته (فايسبوك)
increase حجم الخط decrease

قبل نحو عام أغمض وسام بليق عينيه للمرة الأخيرة، إثر تعرضه لرصاصة "طائشة" استقرت في مؤخرة رأسه، أثناء عودته إلى منزله في بيروت ليل 21-22 أيار 2016، برفقة والدته وزوجته وأولاده الثلاثة. نزل خبر وفاته كالصاعقة على محبّي كرة القدم اللبنانية عموماً، ونادي النجمة خصوصاً. إذ إن عاشق الفريق النبيذي ذاع صيته في الشارع الكروي اللبناني لامتلاكه أرشيفاً واسعاً من مقاطع الفيديو والمجلات المتخصصة بكرة القدم اللبنانية.

"منذ طفولته أحبّ وسام فريق النجمة وواظب على تسجيل مبارياته على أشرطة فيديو. كان يشتري المجلات المتخصصة بكرة القدم مثل شوت والنجوم"، يقول محمد الوزان، وهو أحد أصدقائه المقربين وأكبر داعميه في نشر أرشيفه الثمين على الشبكة العنكبوتية.

مع مرور الوقت استمر الشغوف بممارسة هوايته بتجميع كل ما هو متعلق بالفوتبول اللبناني بشكل عام وفريق المنارة بشكل خاص، وقصد معارفه ليأخذ منهم شرائط فيديو ومجلات تسهم في تكبير مكتبته الخاصة. "أصبح لدى وسام غرفة كاملة تحتوي ما يفوق 150 شريط VHS تختص بالنجمة وأندية أخرى كالأنصار إضافة إلى المنتخب اللبناني"، يضيف محمد.

لاحقاً، ساعد محمد صديقه، وقدّمه إلى أحد المتخصصين بتحويل أشرطة الفيديو إلى صيغ رقمية وحفظها على أقراص مدمجة. كلفت وسام هذه العملية كثيراً من الوقت والمال، إذ إنه "دفع نحو 6 آلاف ليرة لبنانية عن كل شريط وهو مبلغ فيه مراعاة لكبر الكمية. لكنه أصر على إتمام ما بدأه خوفاً من تلف الأشرطة مع مرور الوقت"، يروي محمد.

لم يكتف وسام بمقاطع الفيديو، بل عمد إلى تحويل صفحات المجلات إلى ملفات يستطيع الجميع تصفحها على شبكة الإنترنت أيضاً. "كان يستفيد من أوقات الراحة والفراغ في مكان عمله في أحد محال الصيرفة للقيام بعملية Scan لكل المجلات، التي كان عددها كبيراً. كان يقضي في بعض الأحيان 10 ساعات يومياً في هذا العمل المضني". قام المشجع النجماوي بإنشاء قناة خاصة به في موقع يوتيوب في العام 2007، وأضاف إليها صفحة في فايسبوك تحت عنوان "أرشيف الصحافة الرياضية اللبنانية".

تضم قناته اليوم ما يفوق 1000 مقطع فيديو وأكثر من 1500 مشترك، إضافة إلى ما يتعدى مليونين ونصف المليون مشاهدة. فيما تجمع صفحة فايسبوك نحو 9700 معجب، ويديرها حالياً محمد، إضافة إلى أبو بشير، وهو أحد الأشخاص المهتمين بالصحافة الرياضية وذوي الخبرة والاطلاع، والناشط المعروف على منتدى "كووورة لبنانية" الشهير.


قطع هذا الأخير عهداً على نفسه بعد رحيل وسام بالاستمرار في العمل الذي بدأه صديقه. تكمن أهمية الأرشيف بأنه يخلّد فترة زمنية متعلقة بكرة القدم اللبنانية لم تعد مشاهدها متوافرة في قنوات التلفزيون المحلية. فـ"بعد حرب تموز 2006 وأحداث 7 أيار 2008، فقدت قناتا المنار والمستقبل أرشيفيهما. فالمنار كانت تعرض ملخصات للمباريات ضمن برنامج غول. أما المستقبل فكانت الناقل الحصري للدوري اللبناني وكانت تبث مشاهد عنها في برنامجها الرياضي. لولا وسام لكان أرشيف كرة القدم اللبنانية اختفى نهائياً"، وفق محمد.

مشروع الأرشيف ثمرة مجهودٍ شخصي نابع من شغف "النجماوي الأول" وحبه لكرة القدم ونادي النجمة، الذي كان يشكّل صلب اهتمامه إلى جانب عائلته وعمله في الصيرفة وتطوعه في فوج الإطفاء. "أعطاني ملفاً على تطبيق مايكروسفت إكسل يحتوي على كل نتائج مباريات النجمة في جميع المسابقات محلياً وقارياً منذ العام 1975 حتى 2016، إضافة إلى الترتيب وأصحاب الأهداف مقسمةً بحسب المواسم. نعم! لهذه الدرجة بلغ عشقه للنادي واهتمامه به"، يروي محمد. وهو يعتبر أن حياة وسام كانت تتمحور حول الفريق النبيذي، ورغم محاولته الابتعاد غير مرة بسبب المشاكل التي عصفت بالنادي، لم يستطع وكان يعود دوماً بحماسة أكبر. "أنشأ وأدار صفحات النجمة الرسمية على فايسبوك وتويتر. كان يستحق أن يشغل منصب المسؤول الإعلامي للنجمة لامتلاكه لغة عربية رصينة، إضافة إلى الشغف والمعلومات والأرشيف غير الموجود أصلاً في النادي"، وفق محمد.


كل من عرف وسام بليق عن قرب، يعلم مدى طيبته وعفويته وميله إلى مساعدة الآخرين. وما من كلمات تصف شخصيته بشكل أدق مما كتب هو في فايسبوك: "هكذا أنا دائماً أضحك بصدق.. وأحب بصدق.. وأحزن بصدق. لا أجيد أبداً لعب الأدوار. ولا أتقن لبس الأقنعة. عندما أبكي فأنا حقاً أتألم. وعندما أضحك فأنا فعلاً سعيد".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها