الإثنين 2015/12/07

آخر تحديث: 15:30 (بيروت)

مخيمات وادي الحميد في عرسال..حياة ما بعد "الحاجز"

الإثنين 2015/12/07
مخيمات وادي الحميد في عرسال..حياة ما بعد "الحاجز"
الأوضاع الكارثية في وادي حميد يمكن أن تكون لها تداعيات خطيرة جداً (getty)
increase حجم الخط decrease
تحولت عرسال أو كادت، من بلدة لبنانية الى مخيم كبير للاجئين السوريين، حيث تتوزع المخيمات في مختلف أرجائها ويسكنها أكثر من 100 ألف لاجئ سوري، أي ما يزيد عن ثلاثة أضعاف سكانها. والحال أن هذه المخيمات تتشابه، إلا أن مخيم وادي حميد يبقى الأكثر إثارة للجدل. وهو يحمل اسم "مخيم ورا الحاجز"، في إشارة الى حاجز الجيش في وادي حميد، الذي يفصل عرسال عن منطقة وادي حميد. قبل معركة عرسال في 2 آب 2014، كان المخيم كغيره من المخيمات، لكن بعد المعركة، تغيّر وضعه، حيث فرض الجيش إجراءات مشددة، وفصل عرسال البلدة عن محيطها وعن جرودها. 


يمثل حاجز وادي حميد، آخر نقطة للجيش اللبناني، قبل الدخول الى منطقة سيطرة المسلحين. وهو يفتح عند السادسة صباحاً ويقفل عند السادسة مساءاً. يشهد الحاجز زحمة دائمة، بسبب إجراءات التفتيش الدقيقة عليه، وتسجيل أسماء اللاجئين الذين يعبرونه في الاتجاهين، اذ يفرض الجيش اللبناني، اجراءات صارمة بالنسبة لتحديد كميات المحروقات، التي ينقلها أهالي عرسال لتشغيل أكثر من 200 معمل حجر وآليات المقالع في منطقة وادي حميد، وذلك خوفاً من وصولها إلى المسلحين. وهذا ما ينطبق أيضاً على المواد الغذائية.

مشهد الحاجز وما وراءه سوريالي إلى حد ما. ففي حين ان هناك حصاراً على ما وراء الحاجز وتقنين في إدخال المواد الغذائية، تجد في وادي حميد عدداً من السوبرماركت، تحتوي كل ما تشتهيه النفس، بالإضافة إلى عدد من محطات الوقود. لكن الاسعار ترتفع خلف الحاجز لتصل الى الضعفين بالنسبة لبعض السلع. ويشير أحد سكان مخيمات وادي حميد لـ"المدن" إلى أن "كيلو البطاطا قبل الحاجز بـ20 متراً سعره 1000 ليرة، لكن بعد الحاجز بـ20 متراً، يصبح سعره 1500 ليرة، وكل شيء على هذه الحالة، من ربطة الخبز إلى البنزين والمازوت". أما الجمعيات الإغاثية التي تهتم بمساعدة اللاجئين، فكانت تقوم بالتوزيع لسكان ما وراء الحاجز في وادي حميد قبل معركة عرسال في آب 2014. لكن بعد المعركة، أصبحت مراكز التوزيع داخل عرسال البلدة، وهنا تكمن مشكلة نقل هذه المساعدات إلى المخيم، ما اضطر اللاجئين إلى "تقسيم المساعدات حصصاً صغيرة، حيث نمررها على الحاجز على دفعات".

تنتشر تجمعات الخيم في أرجاء وادي حميد، لكن التركيز يبقى على الأراضي الواقعة بالقرب من معامل الحجر للاستفادة من الكهرباء خلال أوقات عمل هذه المعامل. لكن لدى السؤال عن سبب السكن في منطقة وادي حميد وليس داخل عرسال، يجيب أحد اللاجئين: "ليس لدينا القدرة لتسوية أوضاعنا عند الأمن العام، وبسبب ذلك لا يمكننا اجتياز الحاجز. عدا عن أن العمل في وادي حميد متوفر، عبر العمل في مناشر الحجر من دون أن نضطر للمرور على الحاجز يومياً". ولا يخفي لاجئ آخر أن بعض العائلات تسكن في تلك المنطقة لأن لديها أبناء مع مسلحي الجرود. في كل الأحوال، تبدو المعيشة في وادي حميد أشبه بالحجيم، اذ "لا نستطيع أن ننام بسبب أصوات القصف والطيران والاشتباكات، وفي أي لحظة يمكن أن تنزل قذيفة على خيمتنا، وفي الليل لا نجرؤ على إضاءة شمعة في الخيمة، اذ أن أي حركة أو ضو في المنطقة، يمكن أن يجذب القذيفة إليك".

هكذا، أصبح وادي حميد منطقة عشوائية، حيث يمكنك ايجاد كل شيء من الدكان والخياط والميكانيكي إلى مطعم الفلافل، بإستثناء المدارس. يقول أبو أحمد، أحد اللاجئين لـ"المدن": "حاولنا تأمين مكان لتعليم الأولاد، لكننا لم نجد التزاماً من الأهل ولا من الأولاد، فألغينا الفكرة". أما الأوضاع الصحية فكارثية، حيث يتناقل اللاجئون قصصاً عن حالات مأساوية حدثت معهم، من امرأة ولدت وماتت هي ومولودها لعدم القدرة على إسعافهما ونقلهما إلى داخل عرسال، أو حالة أحد جرحى القصف الذي مات وهو ينزف. أما القانون في وادي حميد فهو خاضع للمحاكم الشرعية، التي يقيمها المسلحون حسب الشريعة الإسلامية، وبشكل عام تكون مرضية للطرفين، حسب ما يفيد اللاجئون هناك. وهذه الأوضاع الكارثية يمكن أن تكون لها تداعيات خطيرة جداً، ومن واجبات الدولة حل هذه المشكلة قبل تحولها الى كارثة حقيقية، من خلال استيعاب اللاجئين أو تسوية أوضاعهم أو ترحيلهم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها