الخميس 2016/10/13

آخر تحديث: 08:56 (بيروت)

الكرز العرسالي.. من الاتحاد السوفياتي إلى "المجموعات المسلحة"

الخميس 2016/10/13
الكرز العرسالي.. من الاتحاد السوفياتي إلى "المجموعات المسلحة"
كان العراسلة يعتبرون الكرز متنفسهم الاجتماعي والإقتصادي (Getty)
increase حجم الخط decrease

تعود بدايات زراعة الكرز في عرسال إلى العام 1952، حين دخلت البلدة على يد اثنين من أبنائها، هما عبدالحليم الجباوي (أبو علي) وخضر الحجيري، بعدما حضرا ندوة زراعية في المركز الثقافي السوفياتي في بيروت بدعوة من الحزب الشيوعي اللبناني. وخلال مجريات الندوة ونقاشاتها تقدم أحد المهندسين بنصيحة إلى ابني عرسال بأن يزرعا في أراضيهما المشمش والكرز، لأن طبيعة هذه البلدة ومناخها يلائمان هذين النوعين من الأشجار.

كانت البداية مع 200 شتلة كرز، تبرعت قيادة الحزب بثمنها، ليصل عدد أشجار الكرز والمشمس إلى 4 ملايين شجرة تقريباً في السنوات الماضية. في البداية، قوبلت زراعة الكرز بنوع من السخرية والتهكم. ذلك أن جرود عرسال جردية لا تحتوي ينابيع، ولا تعيش فيها إلا الأشجار الحرجية. لكن الكرز سرعان ما بدأ يتمدد بدءاً من سبعينيات القرن الماضي وازدهر بقوة في الثمانينيات، وتطور في التسعينيات وأصبح يعيل مئات العائلات في البلدة.

وحتى بداية الأزمة السورية، كان العراسلة يعتبرون الكرز متنفسهم الاجتماعي والإقتصادي، إذ اشتهر الكرز باعتباره بعلياً يتميز بنكهة خاصة، وفتحت الأسواق السورية أمامه عبر الجرود المشتركة. كما كان ينقل إلى الداخل اللبناني لإعادة تصديره إلى دول الخليج وبعض الدول الأوروبية. فلا تكاد تجد بيتاً في عرسال لا يمتلك بستان كرز أو أكثر في الجرود.

لكن، مع بداية الأزمة السورية في ربيع 2011، بدا أن بساتين الكرز هي أول المتضررين، حيث توقفت تجارته عبر الحدود مع سوريا، فانخفضت الأسعار بشكل ملحوظ، وسُدت منافذ التصدير.

كان المزارعون قادرين على الوصول إلى حقولهم حتى العام 2014. لكن، بعد معركة عرسال في 2 آب من ذاك العام، وتحول منطقة الجرود إلى ساحة حرب يومية، وبعد المعركة التي نفذها حزب الله ضد المسلحين، حيث بات يسيطر على نحو 70% من أراضي الجرود التي تضم بساتين الكرز والمشمش، إلى جانب إقفال الجيش اللبناني معظم الطرقات الجردية، بات متعذراً على الأهالي الوصول إلى أرزاقهم.

رغم ذلك، حاول بعض المزارعين قطف مواسمهم، إلا أنهم تعرضوا للقصف. وقتل منهم المواطن حسن الفليطي وأصيب ابنه. بالإضافة إلى الفلتان الأمني في الجرود، الذي أتاح لكثير من اللصوص سرقة محاصيل الكرز.

في العام 2015 وبعد جولات الأهالي على المسؤولين ومطالبتهم بحل مشكلة الجرود أو التعويض عن المواسم، طرح الموضوع على مجلس الوزراء لكنه لقي رفضاً عنيفاً من وزيري حزب الله، اللذين رفضا أي نقاش لهذه المسألة. ما اعتبره البعض متسقاً مع مشروع محاصرة عرسال إقتصادياً، بهدف الضغط على أهلها وربما تهجيرهم فيما بعد.

وبعد المشاكل التي واجهتها الزراعة اللبنانية مؤخراً من التفاح إلى القمح، ومساهمة الحكومة بحل جزء منها عبر التعويض المادي، عاد المزارعون العراسلة إلى طرح مشكلتهم، مطالبين بحل لها ولجرودهم أيضاً. فنزلوا إلى ساحة رياض الصلح، وسمعوا وعوداً من اللواء محمد خير المكلف من مجلس الوزراء. وهم سيتحركون مجدداً، بالتزامن مع جلسة الحكومة، الخميس في 13 تشرين الأول، لكنهم غير متفائلين بالوعود التي قطعها لهم المسؤولون الذين التقوا بهم.

وإذا كان إيجاد حل جذري لمشكلة جرود عرسال صعباً في الوقت الحالي، نظراً لارتباط هذه الجرود بحل أكبر على المستوى السوري، إلا أن هناك حلولاً مؤقتة أو جزئية، كالتعويضات، أو فتح الطرقات أمام المزارعين إلى المناطق التي يسيطر عليها الجيش اللبناني، على الأقل.


* ينظم مزارعو الكرز اعتصاماً في ساحة رياض، الخميس الساعة العاشرة صباحاً بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها