الأحد 2015/01/04

آخر تحديث: 17:48 (بيروت)

منع دخول السوريين إلى لبنان.. برضى دمشق؟

الأحد 2015/01/04
منع دخول السوريين إلى لبنان.. برضى دمشق؟
بات الموجودون منهم على الأراضي اللبنانية مشاريع رعايا مخالفين للقوانين الناظمة للإقامة والعمل في لبنان
increase حجم الخط decrease

يوماً بعد يوم، تثبت الحكومة اللبنانية ضياعها في ما يتعلق بمسألة اللاجئين السوريين إلى لبنان. فعدد القرارات التي صدرت في هذا الخصوص تكاد تتخطى القرارات التي تخص البلد نفسه. وآخر تلك القرارات كان ما عنونته المديرية العامة للأمن العام "تنظيم دخول السّوريّين إلى لبنان والإقامة فيه"، لكن في نظرة على الشروط التي يجب توفرها ليحصل السوريون على الإقامة يبدو استخدام كلمة "تنظيم" في القرار الجديد مجرد تلاعب في الألفاظ. فالواقع أن القرار لا ينظم ولا يرتّب بقدر ما يمنع السوريين من دخول لبنان بشكل صريح ومثير للاستغراب، وذلك ضمن مجموعة من القوانين المتعارضة والمتناقضة، إذ يسمح الأمن العام ووزارة الشؤون الاجتماعية، في القرار الأخير، بحصول السوري على إقامة عمل مثلاً، وتمنعه عن هذا الحق وزارة العمل بقرار صدر مؤخراً.

لا جديد في القرار، فمنع السوريين من الدخول إلى لبنان كان سابقاً على هذا القرار بثلاثة أشهر على الأقل، لكن بصورة تحكمها المزاجية أكثر من كونه قراراً يُطلب من الضباط والعناصر على الحدود تنفيذه. وتلك الحالة كانت أكثر وضوحاً في الفترة التي تصاعدت فيها موجة قطع الطرق من قبل أهالي العسكريين المختطفين لدى تنظيم "الدولة الإسلامية" و"جبهة النصرة"، وربما لا ارتباط فعليا بين الحادثتين، إلا أن طريقة الارتجال في اتخاذ القرارات التي تخص السوريين في لبنان، قد تقود إلى أن المنع غير المعلن آنذاك كان بسبب العجز عن مواجهة أهالي العسكريين المختطفين.

ذلك الارتجال كان لبنانياً خالصاً، ولاقى رداً سورياً على المستوى الرسمي، بمنع دخول شاحنات البضائع إلى سوريا لتحميل مواد غذائية إلى لبنان، كما أوقفت وزارة التجارة والاقتصاد السورية دخول الشاحنات التي تحمل محصولي البطاطا والموز من لبنان إلى سوريا، وهي عملية تجارية يبلغ حجمها ثلاثة آلاف طن من المحصولين. وحصل ذلك بعد شهرين من المعاناة التي سُجّلت على الجانب اللبناني من الحدود، وطالت أشخاصاً لهم مكانتهم بالنسبة للنظام، كالفنانين والتجار. وكان يمكن ملاحظة غياب أصناف من البضائع السورية التي كانت تباع في لبنان، لاسيما في المحال الصغيرة، وأبرزها منتجات "الدرة"، فسمح بعدها بدخول السوريين بشكل طبيعي، حتى أنه سمح لبعض الفلسطينيين السوريين بالدخول!

المقلق في القرار الجديد أنه يتلطّى برضىً سوري رسمي بصورة ما، إذ خلافاً للقرارات السابقة لم يصدر حتى الآن أي تعليق من دمشق على القرار الذي يعدّ سابقة في تاريخ البلدين، واتخاذه بين أي دولتين متجاورتين يتطلب وجود عوامل كثيرة، أولها توتر سياسي، مثل الذي حصل بين سوريا والدول الخليجية ففرض على الخليجيين الحصول على تأشيرة دخول إلى سوريا، وهو ما لا يتوفر في الحالة السورية -اللبنانية، الأمر الذي يعني أن الغطاء، المحكوم بمصالح النظام، قد رفع عن السوريين في لبنان الآن، وبات الموجودون منهم على الأراضي اللبنانية مشاريع رعايا مخالفين للقوانين الناظمة للإقامة والعمل في لبنان، علماً بأنهم كانوا يطبقون القوانين بحذافيرها، ولا دلالة على ذلك أكثر من اصطفافهم أرتالاً عند صدور قرار تسوية الأوضاع الأخير.

ما يفسر الرضى السوري عن القرار هو التصريحات التي انهالت على وسائل الإعلام من قبل وزراء الوزارات المعنية، مثل الشؤون الاجتماعية، إذ فنّد وزير الشؤون الاجتماعية، رشيد درباس، بنود القرار كلمة كلمة، وهو ما كان السوريون يفتقدونه عندما كانوا يسألون عن تفسيرات القرارات السابقة، حتى أن البعض منهم كان يقع في أخطاء تفسير موظفي الأمن العام أنفسهم لهذه القرارات.

يبقى أن الطرف الوحيد القادر على التدخل في مثل هذا النوع من القضايا، "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين"، لكنها عاجزة أكثر من السوريين أنفسهم عن مواجهة هذه الكوابيس السمجة، حتى أن البعض يتهم المفوضية بعدم المحاولة حتى في البحث عن حلول لهذه المعضلات، وذلك نابع من تدخل سياسي مباشر في عمل المفوضية، وصل إلى درجة سريان معلومات بين السوريين في لبنان تقول إن نجل رئيس فرع الأمن السياسي في محافظة السويداء في سوريا، كان موظفاً لدى المفوضية في لبنان ونطاق نشاطه "الإغاثي" انحصر في مناطق البقاع، لكن تم تصحيح هذا الأمر ولفلفة الموضوع بسلام.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها