الإثنين 2015/01/19

آخر تحديث: 15:28 (بيروت)

"مسرح المنارة" لدمج العمارة بالفنون

الإثنين 2015/01/19
"مسرح المنارة" لدمج العمارة بالفنون
يتكون المبنى من مسرحين أساسيين للدراما والموسيقى، تُلحق بهما قاعتان أخريان للمعارض
increase حجم الخط decrease
لا شك أنّ المقولة الشهيرة للمعلم المسرحي الروسي كوستانتين ستانسلافسكي (Constantin Sergeyevich) "أعطني مسرحاً، أعطيك شعباً مثقفاً" تشير إلى قيمة المسرح الجوهرية وتاريخه العريق في حضارات شعوب كثيرة. فلا غرابة في أن يوصف المسرح أيضاً بأنه أب الفنون لاشتماله على فنون التمثيل والموسيقى والغناء والرسم والنحت والديكور، فهو أداة من أدوات التعبير الجماهيرية، ومرآةُ المجتمع بحيث يعكس قضايا ومعاناة الإنسان اليومية، كما أنّه وسيلة فعّالة لترسيخ الهوية الوطنية وبث الوعيين السياسي والاجتماعي، والترفيه عن الناس.


المبنى المسرحي، الذي تخيلته مريم قاسم غانم، يقع في منطقة المنارة في بيروت. وهو يتكون من مسرحين أساسيين للدراما والموسيقى، وتُلحق بهما قاعتان أخريان. الأولى هي مساحة عرض للأعمال الفنية ولإقامة معارض الرسم والنحت. أما الثانية فهي قاعة للعرض الدائم، "وقد سميتها قاعة المشاهير، بحيث تُجمع فيها مقتنيات الفنانين الكبار كملابس صباح أو الأدوات الموسيقية الخاصه بوديع الصافي، وهذا ما يشبه متحف أم كلثوم في مصر". هكذا، بدأت فكرة مشروع تخرج مريم لمرحلة الليسانس، وهي مهندسة معمارية لبنانية، ولدت في الكويت في العام 1991 حيث أنهت دراستها الثانوية، ومن ثم انتقلت الى بيروت لتنهي دراستها الجامعية في "جامعة بيروت العربية".

وعن مدّة تنفيذ المشروع، تشرح غانم: "نعمل على مشروع التخرج عادة لمدة فصلين دراسيين. ونطوّر خلالهما القضية ونحولها إلى مبنى يترجم متطلبات المنطقة المعمارية، ويحقق الهدف من اختيار المشروع في المقام الأول، ويبقى المشروع متابعاً بشكل شبه يومي من أساتذة المادة، حيث يخضع لنقاشات عديدة قبل الوصول إلى شكله النهائي".

واختيار المسرح موضوعاً يرجع، وفقها، إلى "أنني أرى المسرح من أهم الأسس الضرورية في كل مدينة، لتكون غنية فكرياً وثقافياً وفنياً، ولأن بيروت تحديداً كانت من الأغنى في هذا المجال وقد فقدت ما فقدته بسبب الحروب، مما أدى إلى إغلاق العديد من المسارح".

وبما أن المشروع نظري فقد كان الهدف الأساسي منه التذكير بضرورة عودة الإهتمام بالمسرح كـ"فن، وبالمباني والمساحات الحاضنة له ولشاغليه ورواده"، على ما تقول غانم. اذ كانت "رسالة التخرج تتناول، بشكل خاص، شارع الحمرا ومسارحه، التي أصبحت متاجر ومخازن ومقاهي، لتندثر هويته الثقافية والفنية، فيصبح شارعاً تجارياً بحتاً". والحال أن هذا المشروع يبقى فكرة وحلماً أولياً يتحقق جزئياً لكل تلميذ معماري. "وهي المرحلة التي يستطيع فيها وضع أفكاره بحرية تامة، ويتعلم كيف يدافع عنها ليثبت جدارته".


نضال الغرافيتي
من جهة أخرى، تشتغل مريم على فن الشارع. وهي تعتبر"الغرافيتي أحد صور النضال، حيث أصبحت الرسومات من أقوى أساليب التعبير في عصرنا. وتبلغ ذروة تأثيرها في الفترات التي تشهد تغيرات سياسية واجتماعية، فيصبح الغرافيتي بحد ذاته شكلاً من أشكال القوة لمقاومة وضع معين أو لإلقاء الضوء على وضع معين". على أنها تستعمله أيضاً كـ"طريقة لإيصال أفكاري وأرائي، خصوصاً في المواضيع المُعاشة يومياً. ذلك أن وظيفة الفن يجب ألا تقتصر على المعارض، إذ ليس في هذه الدوائر المغلقة يبدع الفنان، وهو لا يستمد منها أحاسيسه وإنسانيته وقدرته على التفاعل الإنساني".

لكن ليس ضرورياً أن يكون الطالب موهوباً في الرسم كي ينجح في اختصاص العمارة. إذ "هناك الكثير من المعماريين العالميين الذين لم يجيدوا الرسم. لكنه يبقى وسيلة مساعدة ومهارة مهمة في اختصاصنا". يبقى أن الأهم "هو التخيل، التحليل والتفكير بالحلول. فالعمارة على الرغم من تلبيتها لوظيفة عملية مباشرة لا علاقة لها بالفن، إلا انها تبقى فن توصيل الأحاسيس من خلال الفراغات"، وفقها. هكذا، يبقى حلم مريم المستقبلي "دمج الهندسة المعمارية بالفنون الجميلة لتأسيس شيء خاص بي. ربما يكون هدفاً بعيد المدى لكنني سأحققه يوماً ما".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها