الأحد 2014/09/21

آخر تحديث: 12:56 (بيروت)

ميشال حايك.. 42 عاما من البحث في النباتات

الأحد 2014/09/21
increase حجم الخط decrease
عمل بصمت وصبر كبيرين. وهو، رغم تقدمه في العمر، لا يزال كما هو، حتى لقبه بعض الأكاديميين في "الجامعة الأميركية" في بيروت بـ"المبتسم الصامت". علاقة تاريخية، على ما يمكن أن يقال، تجمع البيئي ميشال حايك بعالم النباتات الطبية، وهو الذي عرف كيف يطوعها على طريقته الخاصة لينتج بعد مضي 42 عاماً موسوعة فريدة من نوعها في لبنان.

الخطوة الأولى على هذه الدرب البيئية الطويلة كانت في العام 1972، وتحديدا عندما دفعه عدم إيجاده كتابا واحدا مخصصا لنباتات لبنان الطبية نحو الإنطلاق للبحث عنها. وزاده حماسة إيجاده كُتيبا أعده بروفسور فرنسي عن هذه النباتات ليعرف، عندها، أن المشروع جدياً ويستحق الإهتمام.

ويقول حايك في حديث لـ"المدن": "فكرت لسنتين في آلية التنفيذ. وفي العام 1974 رحت أبحث في الحقول عن النباتات كأبله، حاملا اغراضي كالكاميرا والافلام والطعام والماء. وشغلت نفسي في الحقول من الصباح الى المساء، حتى غدت مع الوقت مطبوعة في ذاكرتي ومجلداتي".

يضيف: "بدأت عملي من جبال ووديان منطقة كسروان. أحيانا كنت أتعرف على النباتات فوراً. وفي أحيان أخرى كان التعرف على نبتة ما يستغرق أسبوعاً كاملا. وفي حال عدم معرفتي الإسم اللاتيني لأي نبتة كنت أتجاهلها، لأن هذا الاسم بمثابة هويتها. وسعت بعدها دائرة البحث إلى أن حلت الحرب الاهلية في العام 1975، والتي دفعتني إلى العمل في مناطق آمنة فحسب".

ويستذكر حايك كيف كان مسلحو "القوات اللبنانية" وغيرها من الميليشيات يحاولون نزع الكاميرا منه، فيجيبهم: "أنا أصور النباتات والزهور، بإمكانكم فحص الفيلم وإذا تبين لكم عكس ذلك فبإمكانكم سجني. وهكذا، كانوا يتركونني أكمل عملي".

وبعد أن إنتهى من مناطق جنوب لبنان، وتحديدا من حقول مدينة النبطية ومناطق دير الزهراني وصربا وعربصاليم، وضع برنامجا زمنيا لترجمة هوايته في الجمع والتصوير. والتزم بهذا البرنامج حتى العام 2005، حيث تعرض لأزمتين في القلب، مما إضطره إلى حصر نشاطته بالمطالعة والأبحاث ومواصلة الكتابة.

ويؤكد إبن الـ77 عاما أنه حتى اليوم لا يعرف كل النباتات. "أصدرت المجلد الأول من "موسوعة النباتات الطبية" في العام 1973. واليوم باتت موسوعتي تضم سبع مجلدات في كل منها صور ملونة لحقول لبنان من أقصى الجنوب إلى النهر الكبير. واكتشفت أن مجموع هذا النوع من النباتات هو 730 نوعا وربما أكثر بقليل، ومنها عدد بسيط نادر".

ويكشف حايك، الذي عمل في "مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية" في الفنار منذ أوائل السبعينات وحتى تقاعده في العام 2001، أنه في صدد إصدار كتاب يحتوي على 1760 نبتة طبية من لبنان وخارجه.

واللافت في موسوعته الجديدة أن كتابتها استغرقت 12 عاما (متقطعة)، وكان حايك خلالها يكتب في مكتبه من الساعة الثانية بعد الظهر وحتى الساعة السادسة والنصف من صباح اليوم التالي، ومن ثم ينام حتى الواحدة بعد الظهر.

في مقابل ذلك تعاون، عبر عمله في "مصلحة الابحاث العلمية الزراعية" مع "بنك نباتات بريطانيا"، الذي كان يرسل خبيرا إلى لبنان كل عام ليتعرف على نباتات ويأخذ عينات منها إلى بريطانيا. "سافرت معه خمس مرات. بعدها أرسل البنك كتابا يطلب مني التعاون معه وتمثيله في لبنان وبراتب مغر. رفضت العرض لأنني كنت منغمسا في عملي في الحقول وتصوير النباتات. لكني شعرت بالندم لاحقا على ضياع هذه الفرصة". والمشكلة، وفقه، أن "الكتابة والمطالعة، للأسف، لا تطعمان خبزا هذه الأيام، ولو كنت أفكر بالربح آنذاك لأستغليت الفرصة البريطانية".

بخور مريم

وإذا ما أخذنا المعجم السادس، الصادر في العام 2003 عن "مكتبة لبنان"، كنموذج نجد أنه أخذ من المعاجم ترتيبها وتنظيمها. وهو يذكر التسمية العربية لكل نبتة مع مقابلاتها الإنجليزية والفرنسية والألمانية واللاتينية والإيطالية. أما الشروحات فهي تتناول النوع والمركبات والخصائص والاستعمال وطريقته. وقد زود المعجم بأربعين صورة ملونة، وهي تمتاز بخاصتين: ندرة بعضها، و"أصالتها" جميعاً، لأنها حصيلة عمل ميداني وليست اقتباساً من أي معجم أو من بنوك المعلومات.


وتحتوي الموسوعة على أنواع نادرة من النباتات ومنها "بخور مريم"، غير الموجود إلا في لبنان، وفي 3 أمكنة تحديداً. وأيضاً عيزقان لبنان، وهو نادر في سوريا وفلسطين وتركيا، المليسة، العشبة الذهبية، دازي أو مخرم.

وبشكل عام فإن الموسوعة تهدف إلى تلبية رغبة الناس في معرفة خصائص النباتات، والاستفادة من استعمالاتها، والابتعاد عن مضارها، في زمن يشهد عودة إلى التداوي بالنباتات.

increase حجم الخط decrease