السبت 2014/12/27

آخر تحديث: 13:47 (بيروت)

خياطو "الرجّالي": مهنتنا تندثر

السبت 2014/12/27
خياطو "الرجّالي": مهنتنا تندثر
الطلب على الخياطة تراجع كثيراً (مازن مجوز)
increase حجم الخط decrease
لم تعد الألبسة الجاهزة التي تغرق السوق اللبنانية السبب الوحيد لتراجع مهنة الخياطة اليدوية في لبنان، بل أيضاً ميل الشباب اللبناني إلى مواكبة الموضة و"عصر السرعة". هكذا، قلّ الطلب على ما يسمى بـ"التفصيل"، إضافة إلى تراجع إقبال كبار السن عليه بنسبة تزيد عن 80 في المئة، ما دفع ببعض الخياطين للعمل في "التصليحات" (كالتقصير والتضييق)، والبعض الآخر إلى عرض تشكيلة من "الثياب الجاهزة" في محله لعلها تعوض بعضاً من خسائره.

يقول خياط الأجواخ أحمد الريس: "لم يلجأ كل الناس إلى الألبسة الجاهزة، إذ لا يزال هناك نحو 10 في المئة ممن هم في العقد الخامس أو السادس من العمر يفضلون القماش الإيطالي والإنجليزي، وهؤلاء يعرفون قيمة الخياطة ويقدرون القماش لمعرفتهم بقدرته على الصمود لسنوات. وقد كنا نشتري هذه الأقمشة من أجواخ العجة في كورنيش المزرعة وأقمشة مكي في الحمرا".

يضيف: "سعر متر القماش الإيطالي أو الإنكليزي يصل إلى 80 دولاراً. وخياطة البدلة تحتاج إلى 4 أدرع (المتر = دراع ونصف) ويصل سعرها إلى 600 دولار وما فوق، فيما يتراوح سعر البدلة الجاهزة بين 100 و200 دولار، لكن قماشها متوسط النوعية. وهذا ما دفعني إلى شراء العشرات منها، وعرضها في محلي مواكبة للموضة".

ويعمل الريس (54 عاماً) في الخياطة و"التفصيل" منذ 37 عاماً، حيث كانت بداياته في منطقة باب ادريس، في سوق الزهور تحديداً. ثم افتتح محلاً له في حارة حريك، فيما إفتتح شقيقاه محمد وعلي محلاً في الحمرا. وهو يؤكد أنهم "جميعاً تعلموا المهنة على يد والدهم حسن الريس الذي خاط عدداً من الألبسة للفنانين الراحلين عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش". على أنه يبدي أسفه حيال زبائن يفتقدون الى "الذوق في إختيار الألوان والملابس".

بدوره يرى خيّاط القمصان محمد شور أن أهم أنواع القماش في الماضي كان "لو فوال"، وذلك في أيام "سوق الوقية" المشهور في وسط بيروت، حيث كان سعر ثلاث قطع من النوعية العالية يصل إلى 5 ليرات، مشيرا إلى أن السبب هو أن "التجار كانوا يستوردون هذه البضاعة وقد قُصت الى قطع لتفادي الرسوم الجمركية، وكانت خياطة كل قميص تحتاج الى 3 قطع بتكلفة 5 ليرات أيضا".

أما اليوم فإن الطلب على خياطة القمصان تراجع كثيرا، فـ"أجرة خياطة القميص 35 دولاراً ومع القماش يصل سعره الى 75 دولاراً مقابل 18 ليرة في السبعينيات و12 إلى 15 دولاراً لقماش "البوبلين" قديماً، أما اليوم فثمنها 50 الى 60 دولارا، في حين أن بعض الماركات يصل سعرها اليوم الى 100 دولار"، وفق شور.

ويوضح شور (65 عاما)، وهو مالك لمحل في رأس النبع، أن "المضاربة أدت الى تراجع هذه المهنة. وفي الوقت الذي لا زلنا نشتري القماش الايطالي والسويسري نجد أن القماش الصيني والتايواني قد أغرق السوق بأسعاره الزهيدة".

أما حسين سليمان (60 عاماً) والذي يعمل في المهنة منذ 40 عاماً، فيتذكر: "كنت أخيط القمصان والسراويل بقماش وطني (سبورات) نظراً للطلب الكثير عليها آنذاك، وفيما كانت تكلفة الخياطة في منتصف التسعينات 15 الفاً كانت عندي 10 آلاف، إذ كنت أختصر الوقت باعتماد طريقة المعامل في الخياطة".

أمّا اليوم فإن الطلب على الخياطة تراجع كثيراً -مقارنة مع فترة الثمانينات- ما دفع بسليمان إلى العمل في "التصليحات". ويقول: "تأخذ التصليحات جزءاً كبيراً من وقتنا، شأني شأن معظم الخياطين في صيدا".

ويشدد سليمان على أن "الثياب الجاهزة ضربت السوق عندنا لأنها تجاري الموضة أكثر". فمثلاً "تكلف خياطة الجاكيت الرجالي اليوم 50 دولاراً، فيما يمكنك إيجادها جاهزة في السوق بسعر يتراوح بين 40 و50 الف ليرة أو 30 ألف أحيانا".

يضيف سليمان: "معمل الثياب يخيط 1500 قطعة ويشتري القماش بسعر الجملة، وبدل أن يشتري الدراع بـ5 دولارات، كما يفعل الخياطون، يشتريه بدولارين، وهذا هو الفارق بين أرباحنا وأرباحه".

ويختم: "أنا مطمئن لأن أحد أبنائي أحب المهنة وتعلم كل شيء فيها وعمره اليوم 34 سنة، وأشعر أنني مرتاح البال لقيامه بمتابعة هذه المهنة مع الزبائن، لكن في المقابل لدي قلق وخوف عليها من الاندثار".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها