الأحد 2014/08/17

آخر تحديث: 11:38 (بيروت)

التكنولوجيا والأطفال: لعبة مفتوحة

الأحد 2014/08/17
التكنولوجيا والأطفال: لعبة مفتوحة
ابتكر ريتشارد ساه تطبيقاً جديداً يتيح للآباء والأمهات تحديد أوقات استخدام أطفالهم للهواتف الذكية (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

أصبح امتلاك الأطفال دون العشر سنوات هاتفاً ذكياً أمراً طبيعياً. وبات انغماس مراهق في التطبيقات والألعاب المتنوعة أمراً حتمياً، بعدما اجتاحت الثورة التكنولوجية المنازل والمدارس والجامعات. وأمام هذا الواقع "المرير"، الذي أفضى الى تفشي ظاهرة "هوس الأطفال بالهواتف الذكية"، ابتكر ريتشارد ساه تطبيقاً جديداً حمل اسم "دينر تايم بارنتل كونترول"
(DinnerTime Parental Control)، وهو يتيح للآباء والأمهات تحديد أوقات استخدام أطفالهم للهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر اللوحية.

لماذا يحتاج طفل أو مراهق إلى هاتف خاص، خصوصاً أن الهواتف الأرضية والخلوية تحيط به من جميع الجهات؟ تقول مروى، وهي أم لولدين، حسام (7 سنوات) ونور (13 سنة)، إنه مع فوضى انتشار الهواتف بأيدي رفاق أولادي، اضطررت لمواكبة الموضة، فاشتريت هاتفا لابنتي، وهي تقضي معظم وقتها في الدردشة على "الواتس اب" أو "الفايسبوك".

تضيف: "اعتقدت بداية أن الهاتف سيساعد نور على تطوير قدراتها الذهنية، لكن المشكلة برزت مع انشغالها التام بالألعاب الإلكترونية، وسماع الأغاني، والتحدث مع أصدقائها، لتهمل واجباتها المدرسية". وتتابع: "بذلت جهداً كبيراً لإقناعها بضرورة تخصيص وقت للدراسة، حتى أنني لجأت للغة التهديد بحرمانها من هاتفها وحققت بذلك نتيجة مرضية".

أما بهاء فهو على قناعة بأن شراء الهواتف الذكية لأولاده ليس إلا سبباً لإضاعة الوقت. ويستدرك قائلاً: "حصلت على هاتف خلوي عندما تخرجت من الجامعة، واكتشفت بعد فترة أنه لم يزد معرفتي شيئاً". ويتابع: "بالرغم من ذلك وعدت ابني بأن أشتري له هاتفاً في حال نجح في امتحان الشهادة المتوسطة هذا العام، لأن غالبية رفاقه يمتلكون هواتفا".

أما الشاب أحمد، فوجد حلاً سهلاً تفادى من خلاله الصدام مع أهله. فاستفاد من الأعياد وجمع مبلغا كافياً من المال لشراء هاتف خلوي. وهو الآن أقرب إلى "طفله المدلّل". يقول محمد: "لا أتنفّس من دون هاتفي، لانه يشعرني بالاستقلالية"، يعلّق ساخراً: "أحبه أكثر من أمي وأبي. وأحرص على شحن بطاريته يومياً، وأملك حاليا 25 بيتا لحمايته".

من جانبها، أكدت الباحثة والأخصائية الاجتماعية غنوة يونس لـ"المدن": "أن الأجهزة الذكية تنمي بعض المهارات لدى الأطفال كالتفكير والإدراك والتركيز، ولكن الألعاب التي تتيحها هذه الأجهزة قد تلوّث بعض المفاهيم والسلوكيات لديهم". تضيف: "يوجد ألعاب تفاعلية على الهواتف تتيح للأطفال التواصل مع أفراد مجهولي الهوية، وفي ظل غياب الرقابة الأسرية عليهم قد يكتسبون سلوكيات خاطئة، فضلاً عن إعجاب الطفل أحياناً بالشخصيات الموجودة في اللعبة ومحاولته تقليد سلوكها".

وتوضح يونس أن "كثرة استخدام الأطفال لهذه الأجهزة، والانخراط في شبكات التواصل الاجتماعي، وغيرها من البرامج المتاحة، يقلل الحوار داخل الأسرة والإلفة بين أفرادها"، مشيرة إلى "ما يسببه الإدمان على استخدام الأجهزة الذكية من أمراض عضوية متعددة أثبتها العديد من الدراسات الطبية المتعلقة بخلايا الدماغ على سبيل المثال، كما ضعف النظر، وذلك يحتم علينا التحذير من الإفراط في استخدامها وتقنينه بأكبر قدر ممكن".


إدمان


وتشير الأخصائية في علم النفس العيادي مايا خطار في حديث لـ"المدن" إلى أن "استخدام الهواتف الذكية من قبل الأطفال والمراهقين سلاح ذو حدين، فمن الممكن استثمارها في مواكبة الثورة التكنولوجية والتعلم عن بعد، كاستخدام برامج مفيدة. إذ أصبح من الممكن تحميل الكتب الإلكترونية على الهاتف، وكثيرون الآن يستغنون عن حمل الكتب ويقرأون إلكترونياً"، مؤكدة أن ذلك "لا يسبب الإدمان وإنما يساعد على التطور الادراكي والتنمية الحركية الدقيقة، وتسهيل عملية الاستيعاب لدى الأطفال".

وتضيف: "لكن اذا استعملت الأدوات الالكترونية بشكل مفرط، وخصوصا أن الهاتف لا يفارق أيدي الأطفال والمراهقين هذه الأيام، فهذا يسبب إدماناً للألعاب الإلكترونية ويزيد من احتمال توجههم إلى المواقع الإباحية. لذا على كل أم وأب توعية أبنائهم ومراقبتهم من دون أن يشعروهم بذلك".

أما عن الأضرار النفسية والاجتماعية، فتلفت خطار إلى أن "الدراسات أثبتت أن الأطفال الذين يفرطون في استخدام الهواتف الذكية والأدوات التكنولوجية، يصابون بالادمان عليها". وعن تطبيق "دينر تايم بارنتل كونترول"، تقول: "إنه تطبيق مهم للأهل واستخدامه مفيد للتحكم بالوقت، وادارة الاستخدام، ويجب التعامل معه بجدية لأن العائلة تحتاجه، حتى يشعر الطفل بالاكتفاء الذاتي، ولكي لا نحرمه نهائياً من هذه التطبيقات، فلا يكون بعيدا عنها".

increase حجم الخط decrease