الأحد 2014/10/12

آخر تحديث: 17:17 (بيروت)

"الهاشتاغ" السعودي: الشارع.. شوارع في البيوت

الأحد 2014/10/12
"الهاشتاغ" السعودي: الشارع.. شوارع في البيوت
increase حجم الخط decrease

حَجَب "يوتيوب" فيديو تعذيب الرضيعة على يد والدتها. هذه المرة، إستجاب الموقع لنداءات شعبية سعودية غاضبة، إلى جانب وعد السلطات بالقبض على المسؤولين (والديها) ومعاقبتهما. لكن، لا يمكن الجزم بأن الفيديو وحده، كان كافياً لاتخاذ قرارات على أعلى المستويات للتحرك قضائياً، إذ تثبت الوقائع الأخيرة أن السلطات تتحرك إستجابة لمطالب شعبية، يعبر عنها مستخدمو "تويتر" الذين يتفاعلون مع خبر إجتماعي تحت وسوم مختلفة. ونشطت الظاهرة قبل اشهر قليلة.

والواضح أن التفاعل الإلكتروني تحت وسوم (هاشتاغ) غاضبة أو منتقدة، بات يحفز السلطات في السعودية على التحرك. تصل المطالب الشعبية الى أعلى المستويات، نتيجة تفاعل يُعد بعشرات ومئات الآلاف. فلا يمكن تجاهل نقاشات إنسانية ومطالب إجتماعية في موقع للتواصل، لا يخفي مشكلة يضج بها البلد. وعليه، يمكن القول إنه منذ العام 2011، اصبح الناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي بمثابة نواب في "برلمان شعبي"، يراقب ويؤثر في القرارات الحكومية السعودية، لا سيما بعدما بلغ عدد الناشطين في "تويتر" من السعودية، أكثر من خمسة ملايين شخص، وتحول منصة اجتماعية لمناقشة موضوعات كانت تعتبر من المحرمات، رغم أن ذلك ترافق مع اعتقال عدد كبير من الناشطين، واغلاق العديد من المنتديات بينها "الشبكة الليبرالية السعودية".

الإنتقاد الأخير، انصبّ على مقطع الفيديو تم تداوله بشكلٍ واسع في السعودية ويظهر تعذيب طفلة رضيعة بضربها بعصا على راحتي قدميها المثبتتين بعلاّقة ملابس، وهي تبكي بصوت مرتفع. حجب "يوتيوب" المقطع، وتم حذف نسخته الأصلية من الموقع بعد وصوله إلى الجهات المتخصصة التي بدأت في البحث والتحري عن الفاعلين، وبعدما أغضب تعذيب الرضيعة السعوديين بشكلٍ كبير. ورغم أنه لا تأكيد بعد على هوية الفاعلين، إلا أن الفيديو دفع بالناشطين السعوديين الى مطالبة السلطات بمعاقبة الفاعلين على سلوكهما غير الإنساني، واعتبار الوالدين مسؤولين في كل الأحوال.

والفيديو، إتسع انتشاره الى وسائل الإعلام. بثت "أم بي سي" تقريراً عنه، حاكت فيه لغة الغاضبين الذين تشاركوا الفيديو والتعليقات تحت هاشتاغ #امرأة_تجلد_رضيعة. قالت مصادر سعودية إن السلطات في البلاد "تبحث عن امرأة تورطت في تعذيب رضيعة بتقييد قدميها في علّاقة ملابس، لتقوم بعد ذلك بضربها على قدميها".

هذا التحرك، ليس الأول من نوعه في البلاد، على خلفية تعليقات وردت تحت وسوم في "تويتر". فقد تداول ناشطون  سعوديون الشهر الماضي مقطع فيديو حصد اكثر من 500 ألف مشاهدة ، يظهر رجلاً من هيئة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" وهو يقفز من سيارة، ويسدد ضربة لمقيم بريطاني على رأسه، أمام زوجته سعودية الجنسية، مقابل أحد المجمعات التجارية في الرياض. حاولت زوجة البريطاني الدفاع عن زوجها الذي أخذ يصيح بالإنكليزية "ارفع يدك عن زوجتي، إنها زوجتي كيف تجرؤ على فعل ذلك".

إستفزّ الاعتداء آلاف الناشطين، فنددوا بكثير من الاستهجان بممارسات الهيئة، مطالبين بتحجيم عملها وتقليصه، فاستخدموا هاشتاغ #الهيئة_تعتدي_على_بريطاني  و كف_عبير_يمثلني، للتعبير عن غضبهم. وكتب الدكتورعبد الرحمن الشلاش: "المطر كشف سوء بنيتنا التحتية والهيئة كشفت عن مستورنا كمجتمع ومواقفنا المتباينة منها".

وبعدما تفاعل اكثر من 350 ألف مغرد مع الهاشتاغ، اعترفت الهيئة باعتداء أربعة من منتسبيها على الزوجين "لفظياً وجسديا". فقدمت الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الرياض اعتذاراً رسمياً للمقيم البريطاني وزوجته السعودية. وقبل هذه الحادثة، غصت مواقع التواصل الاجتماعي بصورة تظهر طالباً مستغرقاً في النوم أمام بوابة مدرسته في المدينة المنورة، بعد الانصراف ومغادرة جميع طلاب ومعلمي المدرسة. فقد تفاعل العديد من الناشطين مع الصورة، وطالبوا إدارة التعليم بفتح تحقيق عاجل، واتخاذ إجراءات صارمة مع إدارة المدرسة. وفور انتشار الصورة، شكلت الإدارة لجنة للتحقيق في القضية فاستجوبت مدير المدرسة لمدة 4 ساعات، واطلعت على سجل المناوبة اليومي لمعلمي المدرسة لمحاسبة كل من يثبت تقصيره، وفقاً للمتحدث الرسمي لتعليم المدينة المنورة، عمر برناوي، مدير عام التربية والتعليم  بالمنطقة.

تفاعل المؤسسات الحكومية مع تعليقات الناشطين، والإستجابة لهم، لا يعني أنها لا تراقب ما يرد. وتعمل السلطات السعودية، على تطبيق نظام تقني رقابي، يعطي إشارات تنبيه للجهاز الأمني الحكومي كلما تم رصد "خطر" معين في مواقع التواصل الاجتماعي (أي ما قد يتعلق بالعائلة الحاكمة أو أجهزة الأمن أو نظام الحكم أو المسّ المباشر بالدين الإسلامي، في حين أن نقد أداء الحكومة و"هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" يتم التعاطي معه بتسامح أكبر بل وغالباً ما تتم الاستجابة له). وبموجب "إشارات الخطر"، يُعتقل "المسيئون" ويحاكمون. كما يمكن للنظام التقني نفسه قراءة 13 لغة، مع تزايدها باستمرار، و570 لهجة عربية و278 لهجة سعودية، إضافة الى تطبيق يصنف كل ما يطرح عبر هذه الشبكات سواء كان سلبيا أم إيجابياً. وبناء على التصنيف يمكن للجهات المعنية، التفاعل ورصد ردود الأفعال، واتخاذ الإجراء الذي تراه مناسباً. واعتبر بعض الناشطين هذا النظام "خطوة للحد من حرية الرأي والتعبير وايقاف التفاعل عبر هذه الشبكات التي أصبحت جزءاً مهماً من حياتهم".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها