الأحد 2014/11/02

آخر تحديث: 12:02 (بيروت)

طلاب "اليسوعية" يسائلون جامعتهم بعد تعليق الانتخابات

الأحد 2014/11/02
طلاب "اليسوعية" يسائلون جامعتهم بعد تعليق الانتخابات
لم تقنع تبريرات الجامعة كل الطلاب في "اليسوعية" (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

علقت الانتخابات الطلابية في جميع فروع وكليات "جامعة القديس يوسف" لسنة 2014-2015، وذلك بناءاً على قرار صادر عن مجلس الجامعة، بعد اجتماعه الدوري في 29 الشهر الماضي. وبرر المجلس قراره بـ"الأوضاع الأمنية والسياسية في لبنان، والتي لها انعكاسات داخل الجامعة، غير مؤاتية لتنظيم هذه الانتخابات بأجواء صافية ولن تسمح للطلاب بممارسة ايجابية لقيم الديمقراطية والمواطنة". على أن ينظم "برنامج للتوعية على المواطنية يمتد على طول السنة الدراسية باشراف من دائرة الحياة الطلابية في الجامعة".

هذه التبريرات لم تقنع العديد من الطلاب، فاعتبروا انها مخالفة للحرية والديمقراطية اللتين تربوا عليهما في جامعتهم. وعملياً يعيد هذا القرار شل العمل الديمقراطي في الجامعة بعد ان أعيد تفعيله في العام 1999 على يد رئيس الجامعة، وقتها، الأب سليم عبو، واستمر رغم كل الأزمات السياسية والاضطرابات الأمنية التي عرفها لبنان منذ ذلك الحين.

والحال أن القرار الذي أثار استياء بعض الطلاب، لقي قبولاً عند آخرين. تقول يارا، طالبة الحقوق في السنة الثالثة: "فرحت بهذا القرار. وصراحة لم تكن الديمقراطية مطبقة فعلياً، وكنا قلقين جداً من يوم الانتخابات ومن المشاكل التي ستحصل كما في كل عام". ويضيف جوليان، طالب السنة الرابعة في الحقوق: "أؤيد هذا القرار فهو يعلق الانتخابات لمدة سنة فحسب ولا يلغيها بشكل دائم، كما أؤيد تدريب الطلاب على العمل الديمقراطي السليم، ذلك أن عدم تطبيق الديمقراطية أفضل بكثير من تطبيقها بشكل خاطىء كما حصل في السنوات السابقة". أما كريم، وهو طالب حقوق في السنة الأولى، فيقول: "ضد القرار ومعه في الوقت ذاته. فهو يحرمني من تجربتي الانتخابية الأولى، لكن أيضاً العمل السياسي في جامعتنا ليس ديمقراطياً. فمنذ بدء العام الدراسي يُصنف الطلاب من قبل الناشطين الحزبيين بحسب انتمائهم السياسي والطائفي والمذهبي، ويعاملون على هذا الأساس".

غير أن الأحزاب، ورغم اختلافاتها، اتفقت على معارضة هذا القرار والتحرك ضده. هكذا، أصدر "التيار الوطني الحر" بياناً رفض فيه القرار، معتبراً انه "يهدد الديمقراطية في الجامعة وان هذه الانتخابات تشكل حقاً من حقوق الطلاب التي لطالما أراد التيار المحافظة عليها". وهذا التعليق، بحسب البيان، يؤكد أن الجامعة أرادت حرمان طلابها "من حقهم بالحرية السياسية، وحقهم بالاختلاف في أرائهم والتعبير عنها. وهي باتخاذها هذا القرار لا تبدو نفسها الجامعة التي قاومت وعلمت طلابها المقاومة والحرية في زمن الوصاية السورية". ويضيف الطالب انطوني، في السياق نفسه، أن "هذا القرار يعارض مبادىء الحرية والديمقراطية التي تعلمناها في الجامعة، وكذلك المبادئ التي تربينا عليها في التيار". وقد وعد طلاب التيار وحلفاؤهم بمتابعة نشاطاتهم الطلابية ومضاعفة نشاطات الـsocial club في الجامعة.

ولا تبدو "القوات اللبنانية" راضية أيضاً عن هذا القرار. فتقول ماغالي، وهي طالبة ممثلة لـ"القوات": "اعتدنا أن تكون جامعتنا جامعة مقاومة ومكانا للحرية والتعايش. لكنها بهذا القرار تحرم الطلاب من حقوقهم الديمقراطية. وهي كانت تشكل رسالة وملجأ للشباب وخصوصا في كلية الحقوق والعلوم السياسية في هوفلان، وكانت أرضاً خصبة لمقاومة الاحتلال السوري". و"القوات" ترفض أن تكون الجامعة "صورة عن الوضع السياسي المتردي في لبنان، بل نريد ان يتمثل السياسيون بصورة جامعتنا. الغاء هذا الحق ليس حلا ولا انتصاراً كما اعتبره البعض. ونحن سنسعى لاعادة الحياة الديمقراطية الى الجامعة. وكخطوة أولى وجهنا رسالة الى ادارة الجامعة، وسنصعد بعدها تحركاتنا سلميا طبعا. فنحن لن نقبل أن تسكت هذه الجامعة التى خرّجت أشخاصاً كبشير الجميل، عن حقها في ممارسة الحرية".

اضافة الى ذلك أصدر الرؤساء السابقون للهيئات الطلابية في الجامعة بيانا عبروا فيه عن استيائهم من قرار تعليق الانتخابات. ذلك ان الانتخابات في الجامعة "لم تكن هي مصدر الاشكالات والخلافات بين الطلاب بل كانت ردا ديمقراطيا على كل الأزمات والاضطرابات التي كانت تهيمن على لبنان". وتعليق الانتخابات، وفقهم، ليس حلا لهذه الأزمات. كما أن "تخلي الجامعة منذ سنوات عن الدور الموكل إليها أدى الى تفاقم التوتر والمواجهات بين الطلاب. وكان يجدر بالجامعة اتخاذ العقوبات المناسبة بحق المسؤولين عن افتعالها". وكان بعض الطلاب قد أنشأوا صفحة على "فايسبوك" باسم "عريضة ضد الغاء الانتخابات الطلابية في الجامعة اليسوعية".

والحال أن الجامعة التي منحت طلابها الحق بممارسة حرية التعبير عن أرائهم في ظل قمع الحريات في لبنان تعلق اليوم انتخاباتها الطلابية، معللة ذلك بالأوضاع الأمنية والسياسية التي لم تكن يوماً أفضل مما هي عليه الآن. ومهما حاولنا تفهم هذه التبريرات تبقى أسئلة عديدة معلقة: لماذا لم يُستشر الطلاب والهيئات الطلابية وممثلو الأحزاب قبل اتخاذ هذا القرار؟ لماذا لم "تقرَر" توعية الطلاب على المواطنة والديمقراطية منذ السنة الماضية وخاصة بعد المواجهات العنيفة التي حصلت بين الطلاب؟ لماذا لم تنظم الجامعة نقاشا سياسيا ديمقراطيا بين طلابها؟ هكذا، يبدو الشلل المؤسساتي عدوى تصيب لبنان فلا انتخابات رئاسية ولا نيابية، وأخيرا لا انتخابات طلابية. كأن "حق الانتخاب" حق لا نعرفه الا في نصوص الدستور ومحاضرات الحقوق والحريات.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها