السبت 2014/11/15

آخر تحديث: 12:01 (بيروت)

التطريز بالنسبة للنساء الفلسطينيات أكثر من مهنة

السبت 2014/11/15
increase حجم الخط decrease
تطوّر التطريز عبر التاريخ وتوارثته الأجيال الفلسطينية ليصبح من أهم الحرف اليدوية الفلسطينية وأبرزها من ناحية الإبداع الفني والتراثي، وهو يشكل بخيوطه ورسوماته حكاية تاريخية تحمل في طياتها الذاكرة التراثية لفلسطين. وقد اتخذت الكثير من النساء الفلسطينيات التطريز كمهنة تؤمن لهن مورداً مالياً. وبدا واضحاً، في السنوات الماضية، تزايد الإهتمام بتحديث أنماط التطريز والإنتقال به من شكله التقليدي الى أشكال تتناسب مع الأذواق العصرية في التصاميم والأزياء.

تتذكر شيخة سنوات عملها الست والثلاثين في التطريز، وتقول: "بدأت سنة 1982 العمل على تدريب النساء الفلسطينيات على التطريز والإشراف على تنظيم الإنتاج، من حيث تنسيق الألوان والأشكال. وهذا أمر ليس سهلاً أو بسيطاً، فبعض الرسومات تحتاج الى أشهر لإنجازها، بالإضافة الى الدقة من حيث حركة اليد وإتباع الأشكال الهندسية والخطوط بشكل صحيح". تضيف: "لكن الواقع حالياً إختلف وتراجع الإهتمام بتعلّم التطريز، وأصبح ينظر إليه كسلعة مرتفعة الثمن يقتصر شراؤها على فئة معينة، ما يلغي هوية التطريز الوطنية". هكذا، فإن شيخة ترى أنه من الضروري "إبقاء التطريز على شكله التقليدي، كما ورثناه عن أجدادنا، وإبعاده عن التطورات العصرية في الأزياء لكي يبقى حاملاً لرسالته، فهو أجمل ما يميز تراثنا".

أما حياة فقصتها مع التطريز مختلفة، حيث كان موت زوجها سبباً رئيسياً لتعلمها التطريز. تقول: "بعد موت زوجي وجدت نفسي وحيدة بلا وظيفة أو شهادة وأم لأربعة أولاد ما دفعني للتفكير بمهنة تلائم ظروفي، وكانت هناك جمعية اجتماعية في المخيم تقوم بدورات تدريبية. من هنا بدأت العمل في التطريز ومع الوقت إزدادت خبرتي وحبي له، ليس فقط كمورد رزق بل كجزء من التراث الفلسطيني".

وتشير سحر الى أن التطريز وجد في حياتها منذ الصغر. فبعد أن تركت المدرسة في عمر العشر سنوات إزدادت أوقات فراغها، وكانت صورة جدتها جالسة تطرز العباءات أمراً يثير فضولها. "جدتي هي سبب تعلمي التطريز وكان الأمر صدفة. بدأت تجاربي الأولى في تطريز فساتين صغيرة للدمى، وبعدها أزدادت معرفتي في أشكال التطريز المختلفة والتحقت بمجموعة من النساء لتبادل الخبرات والرسومات. لم يتعد الأمر في البداية الهواية ولكنني وجدت من خلال التطريز وسيلة لكسب الرزق وبيع الوسادات والعباءات التي أقوم بتفصيلها وتطريزها". وتضيف سحر: "أطرز اليوم على ملابس جاهزة كنوع من إعطاء التطريز طابعا عصريا، فالتطريز التقليدي على الرغم من جماليته ما عاد يرضي جميع الناس".

وفي حديث مع "المدن"، أشارت خديجة عبد العال منسقة مشروع "تطريز" الممول من الاتحاد الأوروبي، إلى أن التطريز "اعتبر منذ القدم مهنة تمتاز بها النساء الفلسطينيات ومورد رزق لهنّ، ووفقاً لذلك عمل المشروع، بعد دراسة ميدانية، على تنظيم دورات تدريبية للتطريز والتصميم بالإضافة إلى ورش عمل حول كيفية تسويق المنتوجات وتسعيرها".

وأضافت عبد العال أن "المشروع تنموي وإقتصادي وقد شمل ثلاثة مخيمات لللاجئين الفلسطينيين في لبنان (الرشيدية، عين الحلوة ونهر البارد). وهو يهدف الى تمكين النساء الفلسطينيات اللواتي يعانين من ظروف مادية ومعيشية صعبة ومستوى تعليمي متوسط. من أجل الإرتقاء بمستواهن الإقتصادي وزيادة الفرص المتاحة لهنّ من أجل إثبات الذات وإتخاذ القرارات".

ولفتت عبد العال إلى أن "النساء في المشروع يعملن على دمج التطريز التقليدي كما ورثناه بألوانه وقطبه ورسوماته، بالأساليب العصرية. صحيح أن التصاميم والإكسسوارات والحلي المطرزة ليست من تراثنا لكنها أنواع جديدة، بالإضافة الى ذلك ستسوق منتجات النساء إما عن طريق تعاونيات تابعة للمشروع أو من خلال معارض وجمعيات".


الصور من معرض أقيم، أول أمس، في مقهى "ة" في الحمرا لمشروع "تطريز".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها