الثلاثاء 2014/10/28

آخر تحديث: 14:01 (بيروت)

سكان مخيم شاتيلا يتمنون أن لا تمطر أبدا

الثلاثاء 2014/10/28
سكان مخيم شاتيلا يتمنون أن لا تمطر أبدا
يصبح التنقل في الشتاء في مخيم شاتيلا صعباً (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

مرت موجة المطر الأولى، هذا العام، منبئة بمجيء شتاء عاصف وقاس. وبدأ معها المواطنون الاستعداد لما قد يصيبهم في الأشهر المقبلة، اذ أن ذكرى سنوات سابقة لا تزال حاضرة. وملاحظة القلق من هذه المسألة في مخيم شاتيلا ليس صعباً. ذلك أن أكثر ما يزعج سكانه البنية التحتية والأبنية الآيلة للسقوط، وما تنتجه من رطوبة تسبب لهم أمراضاً صدرية وخصوصاً عند المسنين والأطفال.

"ما إن يحل الشتاء على مخيم شاتيلا حتى نصاب بالخيبة. فعند أول هطول للأمطار تتحول شوارعنا الفرعية الى أنهر تعطل حركتنا". هذا ما تتذكر به نوال الشتاء الفائت. وهذه الأمطار تُغرق البيوت "لانخفاضها عن مستوى الشارع فتدخل المياه غزيرة الى الدار". وغياب شبكة لتصريف المياه يجعل من محاولة تفريغ المياه المتسربة بلا جدوى. إذ انها "تعود بعد دقائق الى داخل بيوتنا"، وفقها. هكذا، يبدو الشتاء كارثة في شاتيلا، على ما يقول مدحت. "منطقتنا تعاني منذ سنوات عديدة من انسداد المجاري في الصيف. ومن ثم يكون موسم الأمطار مشكلة جديدة تُضاف الى مجموعة المشاكل الموسمية كانقطاع الكهرباء والمياه، وخاصة عندما تملأ مياه المجاري الشوارع والبيوت، ما يجبرنا على ترك بيوتنا والسكن عند أقارب لنا في أحياء أخرى".

"مشكلتنا أصبحت ظاهرة سنوية، فمع أول هطول للأمطار يصعب على الأهالي التنقل، ولا سيما أنّ معظم الشوارع طينية"، وفق فراس، الذي يبدو مهموماً بتخيل كيفية تنقل التلاميذ الصغار داخل هذه الأمكنة. الشكوى عند عمر، وهو صاحب محل لبيع الثياب، شخصية أكثر. "يوجد في سقف محلي فجوة كبيرة تدخل المياه منها. أغلقتها بلوح خشبي لكن ذلك لم ينفع". ويبدو مفارقاً ومدعاة للسخرية، على ما تقول فادية، أن الناس "تتابع معدل سقوط الامطار كل سنة، وكمية تساقط الثلوج لتعرف اذا كان في امكانها الاستمتاع بممارسة رياضة التزلج، في حين نرجو الله هنا أن لا تمطر أبداً".

"معاناة المواطنين من ظاهرة الفيضانات وتسرب مياه الصرف الصحي المستمرة في كل شتاء ناتجة من قدم شبكات الصرف الصحي"، وفق أمين سر فصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" في المخيم كاظم بدوي حسن. "هذا فضلاً عن التجاوزات الحاصلة على شبكات المياه والربط غير النظامي لبعض البيوت والمحال، والتي ينتج منها تسرب مياه المجاري. ومشكلتا البناء العشوائي وزيادة عدد السكان".

ويعود تاريخ انشاء هذه البنى التحتية، وفق حسن، الى العام 1948. ويقول: "عند اللجوء القسري الى لبنان في هذا العام قامت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بتوفير الخدمات للفلسطينيين ومنها السكن، بإنشاء مخيمات موزعة في محافظات لبنان، ولقد تحول هذا السكن مع مرور الزمن الى استثمار عقاري من دون ملكية قانونية. فسعت الأونروا الى تأمين الخدمات التعليمية، الصحية والبيئية، والبنية التحتية". وقد كان عدد السكان، وقتها، لا يتعدى الـ 15 ألف لاجئ فلسطيني، و"بسبب تزايد عدد الولادات وحركة النزوح الى المخيمات في منتصف السبعينات، وانتقال عدد كبير من الفلسطينيين السوريين الى المخيم، في السنوات الثلاث الماضية، تأثرت سلباً البنى التحتية من كهرباء، مياه، وصرف صحي، مما أدى الى تفاقم الأزمة المعيشية".

على أن المشكلة تبقى في محدودية ميزانية "الأونروا"، على ما يشير حسن. "وهذا ما أثر على الخدمات الموجودة في المخيم. اذ لم تهتم الوكالة، منذ زمن، باجراء أي تغيرات جذرية على شبكة الصرف الصحي، باستثناء تغيير وصيانة بعض الأنابيب والقساطل، وبناء الريكارات وتركيب أغطية لها، بالاضافة الى محاولة عمالها تنظيف الأنابيب المسدودة". إذا الشبكات ما عادت قادرة على استيعاب المياه المبتذلة، مما سبب "انسداداً دائماً في الشبكة وبانبعاث الروائح الكريهة". هكذا، لجأت المفوضية الأوروبية الى تقديم مساعدات مالية للمخيمات الفلسطينية في العام 2010 بقيمة مليوني دولار لانشاء شبكات للصرف الصحي ومياه الأمطار. "لكن هذا المشروع فشل بسبب عدم التزام المعنيين بالشروط المطلوبة، وانعدام التخطيط والنظام، وغياب الرقابة. لذا يبدو أي تحسين في الوقت الحالي غير مجد، فالاساسات خاطئة والحل هو بإعادة بناء البنى التحتية وتنظيم السكن من جديد".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها