الثلاثاء 2014/10/14

آخر تحديث: 13:08 (بيروت)

مشروبات الطاقة: هل طبّق حظر "الصحة"؟

الثلاثاء 2014/10/14
مشروبات الطاقة: هل طبّق حظر "الصحة"؟
يستهلك الذكور مشروبات الطاقة بما يفوق ثلاثة أضعاف استهلاك النساء لها (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
إستكمالا للقرار المشترك الصادر عن وزارتي الصحة والاقتصاد والتجارة، في أول شباط 2014، والقاضي بمنع استيراد وتصنيع وتسويق مشروب الطاقة الممزوج بالكحول والذي يحمل الرقم 1/1/أ ت، طالب وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور في 25 أيلول الماضي المؤسسات التجارية بالإلتزام بتطبيق القرار تحت طائلة الإجراءات القانونية الرادعة، وذلك في كتاب أرسله إلى وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم. كما طلب أبو فاعور من وزير الإعلام رمزي جريج "الإيعاز إلى المؤسسات الإعلامية المحلية المرئية والمسموعة والمكتوبة منع الإعلانات الخاصة بهذه المشروبات، التي تسبب اخطاراً كبيرة على الشباب اللبناني".

على أن صدور قرار رسمي لا يعني بالضرورة الالتزام به. لكن هذا ما ينفيه مدير حماية المستهلك بالإنابة المهندس طارق يونس في حديثه لـ"المدن". يقول يونس: "بعد زياراتنا المتكررة إلى الأسواق في أكثر من منطقة، ولأكثر من يوم، وبعد الحديث الإعلامي عن أن  هذه المشروبات ما تزال موجودة في الأسواق، تبين أنها لم تعد موجودة بنسبة 99 في المئة. والواقع أننا ضبطنا كميات قليلة جداً في دكانين إثنين في منطقتين مختلفتين، وتبين أن صاحبيهما لم يكونا على علم بالقرار. وهذا اللغط قد ينسحب على بضعة دكاكين أخرى لا تزال لديها كميات محدودة من هذه العبوات".

ويؤكد يونس أن دوريات حماية المستهلك "منتشرة على كامل الأراضي اللبنانية، ونحن مستمرون بعمليات المراقبة للتثبت من عدم وجود هذا المنتج المحظور في الأسواق، وحجز أي عبوة ممنوعة بموجب هذا القرار".

يضيف: "الوزارتان تقومان بضبط ومنع عملية الإستيراد في المرفأ أولاً وفي المطار ثانياً. نحن لم نمنع الشركات المعنية من القيام بالدعاية والإعلان للاسم التجاري لهذه المشروبات كـXXL والباز، والـبوم بوم وغيرها. هذا مسموح طالما أن هذا المنتج لا يحتوي على الكحول أو الكافيين، التورين، الجوارنا، وغيرها من المواد المنبهة".

بدورها تنصح الدكتورة ربيعة بحمدوني، مقرر لجنة المتممات الغذائية في وزارة الصحة، بـ"عدم شرب أي عبوة من هذا النوع لأن جميع مركباتها غير آمن". وهي تقول إن لهذه المشروبات مفعولين: "الأول يجعل المستهلك في حالة نشاط ويقظة، ما يدفعه إلى ممارسة نشاطات عادية كقيادة السيارة والذهاب إلى العمل. أما الثاني فيحصل عندما يستمر مفعول الكحول في الدم، وعندها يصبح الجسد، فجأة، في حالة ارتخاء، وسكر تام، ما يضعف التركيز والإنتباه. وهذا ما يزيد من إحتمال وقوع حادث، سواء حادث سير أو غيره".

وتشدد بحمدوني على أن هذا التقلب السريع قد "يؤدي أحياناً إلى أزمات قلبية مفاجئة". هذا فضلاً عن تداعيات إضافية لهذه المشروبات، "منها احتمال الإصابة بالسكري وأمراض في الكبد والأعصاب". ومن الأعراض الناتجة عن ارتفاع معدل مادة الكافيين في الدم عند هؤلاء المراهقين "ازدياد دقات القلب لتصل إلى 150 دقة في الدقيقة، وارتفاع ضغط الدم، وزيادة تدفقه الى العضلات".

وتشير بحمدوني إلى أن اللجنة استندت "إلى نتائج دراسات علمية عديدة صدرت في الآونة الأخيرة، ومنها دراسة أجريت في الولايات المتحدة كشفت أن مشروبات الطاقة يمكن أن تزيد من ضغط الدم. ونصحت الدراسة من يعانون من ارتفاع ضغط الدم بالابتعاد عن تناول هذه المشروبات"، مذكرة أن "مشروبات الطاقة ممنوعة في كل من كندا وأستراليا والنروج والدنمارك وماليزيا وتايلاند، وفي فرنسا لا تباع إلا في الصيدليات".

في المقابل توقفت رولا ص. (25 عاما)، وهي مدرسة، عن تناول مشروبات الطاقة، بعد أن تناولتها لسنتين تقريباً. "كانت تسبب لي بعض المضايقات الصحية. كان معدلي في الأسبوع 3 عبوات، واليوم أفضل أن أتناول مشروبات كحولية مع سفن آب وما شابه". وهي تبدي إستغرابها لإستمرار توافر هذه المشروبات في السوق. "وجدتها في أكثر من سوبرماركت فما الفائدة من قرار حظرها؟". لكن القرار، وفقها، "خطوة على الطريق الصحيحة لكن الأهم تطبيقه، وأن لا يتكرر ما حصل مع قانون منع التدخين الذي لم يطبق".

أما آدم ح. (29 سنة)، وهو يعمل كطاه، فيقول: "اعتدت على تناول مشروبات الطاقة يوميا، لكنني أصبحت مضطرا إلى شراء مشروب طاقة خال من الكحول وزجاجة فودكا لأقوم بخلطهما، وهذا يزعجني نوعاً ما، ويحتاج إلى وقت". وآدم لم يقتنع بالأسباب التي وردت في تفسير قرار الحظر، متمنياً "العودة عن هذا القرار، لأنني أجد أن الحظر غير موجود في الكثير من الدول العصرية".



تخلص دراسة "استهلاك مشروبات الطاقة عند الشباب اللبناني"، التي أجريت على عينة من 1500 شاب، من قبل فريق بحثي من كلية الصيدلة في الجامعة اللبنانية، ونشرت في مجلة "International Journal of high risk behaviors and addiction"، في أيلول 2014، إلى أن نسبة استهلاك مشروبات الطاقة في لبنان، بين الشباب، والتي تصل إلى 63.6 في المئة من مجموع العينة التي تتراوح أعمار مستجوبيها بين 13 الى 30 سنة، مرتفعة مقارنة بأبحاث ميدانية في دول أخرى.

ويبدو لافتاً في الدراسة أن الذكور يستهلكون هذه المشروبات بما يفوق ثلاثة أضعاف استهلاك النساء لها، وفي نسبة تصل إلى 75 في المئة. وفي الفئة العمرية بين 19 إلى 23 سنة تصل نسبة الاستهلاك إلى 67.9 في المئة، وهي الأعلى مقارنة بفئة 13 إلى 18 سنة
(60.7 في المئة) وفئة 24 إلى 30 سنة (67.1 في المئة). كما أن سكان بيروت يستهلكون هذه المشروبات (59.9 في المئة) أقل من سكان المناطق الأخرى (67.3 في المئة).

وتمزج هذه المشروبات مع الكحول بنسبة 50.5 في المئة، لكن بنسب متفاوتة بين المستجوبين. إذ يؤكد 24 في المئة منهم أنهم يضيفون الكحول دائماً. وفي الغالب (77.5 في المئة) يُستعان بالفودكا مع هذه المشروبات. وهذا المزج يؤدي في 25.3 في المئة من الحالات إلى الغثيان، وفي 20 في المئة من الحالات إلى عدم انتظام في دقات القلب. والحال أن 29.6 في المئة من متناولي هذه المشروبات شعروا مرة على الأقل بآثار سلبية، مثل عدم انتظام دقات القلب (21.1 في المئة) والأرق (14.4 في المئة) وغيرهما. وهذا الأثر السلبي يرتبط وجوده، وفق الدلائل الاحصائية للدراسة، بعدد العبوات المستهلكة ومزج هذا المشروب بمصادر أخرى للكافيين، وفترة الامتحانات.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها