الإثنين 2016/09/26

آخر تحديث: 04:22 (بيروت)

محادثة تلغرام أوصلتهم إلى السجن

الإثنين 2016/09/26
محادثة تلغرام أوصلتهم إلى السجن
الشباب من سكان باب التبانة في طرابلس (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

بعد سنة ونصف السنة من الاعتقال لشبهة المحادثة الواتسآبية مع شاب ادعى أنه داعشي الهوية والسلوك وأنه يريد تأسيس خلية تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في باب التبانة، أخلي سبيل الشباب الخمسة الذين عُرفوا بـ"القاصرين"، بعدما تيقن القاضي أن ملفهم "فارغ" وأن لا اثباتات تدينهم، بل كل ما في الأمر أنهم وجدوا في "مجموعة واتس آب" يكثر فيها الكلام عن استهداف الدولة وعناصر الجيش اللبناني من دون أن يدلي أي منهم بأي كلمة في هذه المجموعة "اللعنة"، التي ساقتهم إلى السجن والتعذيب والضرب، ومن ثم اخلاء سبيلهم لحين البت بشكل نهائي في القضية في 13 تشرين الأول.

ما قصة هؤلاء الشباب؟ ولماذا اعتقلوا؟ وما التهم التي وجهت إليهم؟

في اليوم الذي قتل فيه أسامة منصور في طريق المئتين في طرابلس، انتشر عبر واتس آب كلام يتناول الجيش اللبناني وقائده، وطفت على السطح ظاهرة دخول بعض الشباب، على خط مهاجمة الجيش انتقاماً لمنصور. ومن بين هؤلاء شاب عشريني يدعى ع. كيلاني.

والكيلاني من سكان باب التبانة، ورفيق بحكم الجيرة لـيونس.ج، سافر إلى البرازيل بعد موت منصور بمدة قصيرة، وأسس هناك مجموعة تواصل على تلغرام، وبدأ يحرض على الدولة والجيش، على خلفية الانتفاضات التي قادها بعض الشباب الإسلامي المعتقل في سجن رومية المبنى ب وتعاملت القوى الأمنية معها بعنف.

لم يدرك أحد أن الكيلاني طلق مزحه الذي كان يكثر منه، ما يجعله محط استهزاء الشباب في الحارة، وصار مقاتلاً يضع خططاً عسكرية لمهاجمة الجيش عبر تلغرام ويحث الشباب على التدريب و"الانغماس" بعناصر الجيش.

لم يأخذ أحد الكيلاني على محمل الجد، يقول يونس.ج، في حديث إلى "المدن". فهو "ليس ملتزماً دينياً ولا يعرف عنه إلا حبه البيرة، وكنت بحكم رفقتي القديمة أنصحه دائماً وكل هذا موجود عبر محادثات واتس آب معه ألا يتحدث بهكذا كلام فلا مصلحة له بذلك، إلى أن وجه مرة إلي السؤال الآتي: هل أنت مستعد للانغماس بحاجز الجيش؟ أصابتني نوبة من الضحك"، يقول يونس. "أجبت بالنفي طبعاً، فحاول اغرائي بالمال. ثم قال لي دعك من الانغماس، هل أنت جاهز لاطلاق النار؟ أيضا أجبته بالنفي. ولما أحبط من أجوبتي قال لي: سأرسل لك قناصة أصعد بها إلى منطقة النخلة في الكورة وتقنص على الجيش من هناك.. فضحكت كثيراً".

ما لم يعرفه يونس.ج أن مجموعة تلغرام هذه، والتي أدخله الكيلاني فيها والشباب الأربعة: عبد الرحمن ك، محمد ر، عمر ق، وعبد ط، كانت تضم اسميين خطرين ومطلوبين للدولة اللبنانية: الفلسطيني بلال بدر، وشادي المولوي.. و"ربما لذلك اعتقلنا".

كيفية الاعتقال؟
"كنت مع أخي المعوق على اوتستراد التبانة- عكار أعمل على تصليح كرسيه حين جاءني رجل المخابرات وسألني عن اسمي، وحينما أجبته طلب مني الصعود في الآلية العسكرية، لم أقاوم أبداً"، يقول يونس، "إنما طلبت منه أن أوصل أخي المقعد إلى المنزل، ثم أذهب معه، لكني تلقيت ضربة على وجهي لم أشعر بعدها بشيء سوى أنني في مركز المخابرات في منطقة القبة. أدركت حينها أنني معتقل. لكن لماذا؟ لم أجد جواباً".

في هذا الوقت كانت القوى الامنية قد قبضت على الكيلاني في المطار، وهو عائد من البرازيل حيث تبين أن عليه وثيقة اتصال. وما إن باشر القضاء المختص التحقيق معه حتى اعترف على كل من كان معه في مجموعة تلغرام، وعددهم نحو 45 شاباً.

كل مسار التحقيق في القبة وبعدها في وزارة الدفاع ثم في المحكمة العسكرية كان يرتكز على محادثات واتس آب بين الكيلاني والشباب. واللافت أن لا أحد من القاصرين الخمسة يعرف الآخر، باستثناء يونس الذي يسكن في مبنى مجاور لسكن الكيلاني ويعرفه منذ الطفولة.

في سجن رومية وضع الشباب الخمسة مع تجار المخدرات ومرتكبي السرقات على مدى سنة ونصف السنة، وليس في سجن الأحداث كما ينص القانون. وهناك، يقولون لـ"المدن"، "بدأت الحملات ضدنا، من تعذيب وضرب وصل إلى حد كسر أنف عبد الرحمن م، الذي راح ينزف دماً". وحينما نقل إلى صيدلية السجن "ضربوني مرة أخرى وقالوا لي أنفك يعود إلى مكانه الطبيعي لوحده بعد مدة". وهناك رضوض في كل أنحاء الجسد عند محمد ل وعمر ق وعبد الرحمن ط. أما يونس فتلقى ضربة على كليته، "وصرت أتبول دماً ولم يأخذوني لاجراء اللازم من صور وفحوصات. وبالأمس، أجريت الصورة بعد خروجي من السجن وانتظر النتيجة". وعن سبب ضربه يقول: "طلب مني أحد الضباط أن أقبل الرنجر الخاص به، وعندما رفضت لبطني وإلى اليوم لا تزال اللكمات ظاهرة على أجسادنا، بالإضافة إلى الاساءات المعنوية التي وجهت إلينا".

مصدر أمني قال لـ"المدن" إن كلام الشباب غير دقيق. فهم "حاولوا القيام بانتفاضة داخل السجن واعتدوا على العناصر. ما إضطرهم إلى الرد بعد تلقيهم الضربات بالعصي على أجسادهم. ورغم ذلك شكلت لجنة تحقيق عملت على التحقيق بالموضوع مع الشباب وتمت تسوية الموضوع بالقانون".

مصير المجموعة
حكم الكيلاني ثلاث سنوات بجرم تأليف خلية تهدد الأمن اللبناني. أما الشباب الخمسة فأخلى سبيلهم القاضي حسن منيمنة إلى حين البت بالقضية في جلسة 13 تشرين الأول. ويؤكد فريق المحامين الذي يتابع قضية هؤلاء أن "ملفهم فارغ، والقضية منتهية، ونحن في انتظار الحكم النهائي الذي سيعلن براءة الشباب".

مجموعة تلغرام جرت الشباب إلى السجن وحرمتهم من سنتين دراسيتين. وبعد صدور الحكم أياً يكن مضمونه سيحتاجون إلى ثلاث سنوات ليتمكنوا من الحصول على سجل عدلي "نظيف".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها