الجمعة 2016/08/12

آخر تحديث: 01:43 (بيروت)

"الجماعة الإسلامية" بقيادتها الجديدة: "ورقة سنية" وطنية

الجمعة 2016/08/12
"الجماعة الإسلامية" بقيادتها الجديدة: "ورقة سنية" وطنية
تعمل الجماعة لتوحيد الصف السني (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

بعد غياب طويل عن "الفعل" السياسي، لأسباب تنظيمية وأخرى فرضتها الظروف التي مر بها لبنان في مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية عام 2009، لملمت "الجماعة الاسلامية" عناصر قوتها الداخلية، واخضعت نفسها إلى تجربة انتخابية في المحافظات فأفرزت قيادة جديدة على رأسها الأمين العام عزام الايوبي. واعطت نموذجاً متقدما في تحمل المسؤوليات عندما أقدم مسؤولها السياسي في طرابلس إيهاب نافع على الاستقالة بعد الانتخابات البلدية. وقد علمت "المدن" أن المؤتمر الفرعي الذي عقدته الجماعة منذ أسبوع أعاد تجديد الثقة بنافع وبالتالي سيعود لمزاولة مهماته قريباً.

لم يكن انتخاب الأيوبي أمراً يسيراً، فهو محسوب على التيار التجديدي، وانتخابه يعني دخول الجماعة في مسار سياسي واجتماعي جديدين، فيه كثير من المزج بين الاساسيات التي ينطلق منها "إخوان لبنان" والتطورات الحياتية والاجتماعية التي تفرض نفسها واقعاً لا يمكن إلا التعامل معه بمرونة.

لعبت شخصية الأيوبي الهادئة دوراً في طمأنة الرعيل المؤسس (يطلق عليه أيضاً لقب الحرس القديم) الذي ابدى تخوفاً من انتقال قيادة الجماعة مباشرة إلى أشخاص يعتبرهم مثالاً للتفريط بالمنطلقات الشرعية والسياسية والحزبية التي ينطلق منها "المبايع" للأخوان. ورغم ذلك لم يسلم الأيوبي المتأثر بمنطلقات "حركة النهضة" التونسية وأفكار الشيخ راشد الغنوشي، و"حزب العدالة والتنمية" التركي، والذي يدمج بين القديم والجديد لم يسلم من سهام "الأصوليين" داخل الجماعة الذين يعتبرونه "شذ" في بعض المحطات عن ثوابت الجماعة الشرعية. وهم لا ينتقدون اعتراضاً على شخصه، ويتوقفون عند كونه تلميذاً قريباً من الامين العام الراحل القاضي فيصل مولوي (صاحب الافكار الفقهية الحديثة التي جذبت التيار الشبابي في الجماعة ومن بينهم الأيوبي)، وإنما ينتقدون بعض السلوكيات التي فرط عبرها بالأساسيات.

تحاول الجماعة الانتقال من "الظل" إلى العلن بقيادة تجديدية، وتسعى لترجمة ذلك بمبادرات ورسائل إلى من يعنيهم الأمر مفادها أن "الجماعة لا تزال حاضرة سياسياً وفاعلة في الساحتين الوطنية والإسلامية". وآخر المبادرات "ورقة عمل سنية" حضرتها الجماعة بعدما أشرف مطبخها المؤلف من مسؤولي المناطق واعضاء الأمانة العامة على وضع المعايير الفضلى لضمان نجاح التسويق لها. وعلمت "المدن" أن المباركة الأولى لمضمون الورقة السنية أتت من السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري الذي رحب بمضمونها ودعا إلى عرضها على المفتي عبداللطيف دريان الذي ابدى أيضاً تأييده لها.

رؤية مشتركة
يعلل الأمين العام لـ"المدن" الهدف من الورقة: "تسعى الجماعة لترتيب البيت السني الداخلي، لأنه خطوة لا بد منها في سبيل ترتيب البيت الوطني. لذلك طرحنا هذه الورقة القائمة على بناء رؤية مشتركة في ما يتعلق بحقوق الساحة الإسلامية ودورها في المشروع الوطني العام، مع الإقرار بوجود التنوع داخل البيت الواحد". وإذ يفضل الأيوبي ألا يخوض أكثر في بنود الورقة، علمت "المدن" من مصادر مطلعة أن سقف المبادرة هو الحفاظ على إتفاق "الطائف" وتوحيد الصف السني في زمن يشهد تقارباً مسيحياً مسيحياً وثنائية شيعية، زمن الأولى "أن نكون موحدين كي لا يتم استفراد الساحة السنية كما جرى من قبل، ولقطع الطريق على أي طرح لمؤتمر تأسيسي يعيد النظر في اتفاق الطائف وتكون إعادة النظر على حساب طائفة دون غيرها".

ويعتبر الأيوبي "أن الطائف خُطف منذ لحظة إقراره، على أيدي النظام السوري الذي وضع يده عليه وعلى البلد، فطبق منه ما يناسبه حينها وعطل ما وجد أنه لا يناسبه بأي شكل من الاأكال". لذا، يرى أن طرح مسألة مجلس الشيوخ اليوم "هي صورة من صور اجتزاء اتفاق الطائف وتشويهه".

من هذا المنطلق يتناول الأيوبي طاولة الحوار التي يرأسها الرئيس نبيه بري وطرح "السلة الكاملة" بالقول: "السلة الكاملة بنظرنا ليست كاملة، بدليل أنها لم تشمل كل العناوين التي يختلف عليها اللبنانيون، وأبرز تلك العناوين سلاح حزب الله ومشاركته في حروب خارج الحدود اللبنانية. أما طاولة الحوار فهي عملية تمرير للوقت لا يستفيد منها إلا الطرف الأقوى الذي يفرض في النهاية رؤيته أو خياراته على الآخرين، ولو بصيغة الأمر الواقع". ويؤكد الأيوبي "أننا لا نرفض مبدأ الحوار، إنما نرفض الحوارات غير المجدية، خصوصاً إذا كان المستفيد منه أحد المتحاورين دون سواه"، في اشارة إلى "حزب الله".

ويرى الأيوبي أن "العلاقة مع تيار المستقبل محكومة بعملنا معاً في ساحة مشتركة على امتداد المناطق اللبنانية. ونحن نسعى على الدوام لتكون هذه العلاقة تكاملية وتشاركية، ما يجعل التنافس بهدف الإلغاء مقتلاً للفريقين".  لكنها "علاقة لم تصل حتى الآن إلى بناء أسس متينة، وهذا يحتاج إلى جهود صادقة من الفريقين ولا تكفي الأمنيات لتحقيق ذلك، ولا يصح أن تترك الأمور لما تنتجه الإستحقاقات الآنية، لأنها قد تفضي إلى ما لا يريده الفريقان".

انفتاح على الساحة المسيحية
المبادرات التي تقوم بها الجماعة لا تقتصر على الساحة السنية، بل تشمل الفريق المسيحي في لبنان. فقد زار وفد الجماعة برئاسة رئيس المكتب السياسي أسعد هرموش النائب سامي الجميل، والجنرال ميشال عون، وسيتكمل زياراته كل من: النائب سليمان فرنجية والدكتور سمير جعجع، ليختتمها عند البطريرك بشارة الراعي. والهدف من ذلك  هو "الحرص على تطبيق وتثبيت كلام البابا فرنسيس الأخير بعدم شيطنة طائفة بعينها وإلصاق تهمة الإرهاب بها دون غيرها. والتأكيد أن الخطر المحدق بالساحة اللبنانية يحتاج إلى تضافر كل الجهود، بعيداً من الإنقسامات الطائفية".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها