السبت 2016/10/22

آخر تحديث: 09:41 (بيروت)

التغطية الصحية الشاملة: حرب باردة بين المستشفيات ووزارة الصحة

السبت 2016/10/22
التغطية الصحية الشاملة: حرب باردة بين المستشفيات ووزارة الصحة
تنفيذ التغطية الصحية الشاملة يبقى رهن قدرة الدولة على تحمل تبعاتها المالية (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease
تشير التقديرات إلى أن نسبة اللبنانيين غير المشمولين بأي تأمين صحي دائم ومستقر تفوق 50%، والنسبة الأكبر منهم ممن تجاوزوا سن 64. لكن إنطلاقاً من مبدأ "الصحة حق للجميع" أطلق وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور مشروع "التغطية الصحية الشاملة لمن هم فوق 64 عاماً"، الذي بدأ العمل به في الأول من أيلول الماضي.

تعول وزارة الصحة على زيارة الاعتمادات المخصصة للوزارة بنسبة 3% من موازنة 2017، وفق المدير العام للوزارة الدكتور وليد عمار. ووفق الأرقام التي يوردها عمار، فإن كلفة الاستشفاء العادي على نفقة الوزارة تقدر بنحو 349 مليار ليرة سنوياً، أي 55% من موازنة الوزارة، بينها 107 مليارات ليرة للذين هم فوق سن 64 أي 17% من موازنة الوزارة، فيما يدفع هؤلاء 17 مليار ليرة من جيبهم الخاص. "والهدف هو أن نغطي عن هؤلاء الـ17 ملياراً التي تشكل 2,7% من موازنة الوزارة".

في حين يشير الدكتور أحمد حجازي، المدير الطبي في مستشفى صيدا الحكومي، في حديث إلى "المدن"، إلى أنه "لا تأثير يذكر لهذا المشروع على المرضى الذين يقصدون المستشفيات الحكومية، إذ كان يحق لأي مريض من أي فئة عمرية دخول المستشفى على حساب الوزارة، التي تغطي الفاتورة بنسبة 95%". أما اليوم فـ"آلية العمل المتبعة لا تزال نفسها مع زيادة التغطية إلى مئة في المئة".

أما بالنسبة إلى المستشفيات الخاصة، حيث "السقوف المالية محدودة"، فيقول رئيس نقابة أصحاب المستشفيات سليمان هارون إنه "لا نقاش بأحقية القرار إذا ما تأمنت الأموال اللازمة لتنفيذه. لكن المشكلة تكمن في أن الوزارة واقعة في عجز مزمن، وهذا المشروع لا بدّ أن يزيد العجز". ويوضح هارون أن "هذا المشروع يزيد الكلفة التي يتوجب على وزارة الصحة دفعها للمستشفيات الخاصة في ظل عدم تغير السقوف المالية". ما يجعل المستشفيات تستنزف السقوف المالية في فترة أقصر، تمتنع بعدها عن استقبال المرضى على نفقة الوزارة، ما ينعكس سلباً على المرضى من الأعمار كلها.

ويشير مصدر طبي إلى أن "تغطية المئة في المئة غير واردة في المستشفيات الخاصة، خصوصاً أن هناك مستشفيات لا تستقبل مرضى على حساب وزارة الصحة، والأمثلة كثيرة"، بالإضافة إلى مشكلة السقوف المالية "وهي الحجة التاريخية للمستشفيات لعدم استقبال المرضى بعد انتهاء النصف الأول من الشهر".

ويفيد عمار أن الوزارة ستعمل على زيادة السقوف المالية للمستشفيات من مبلغ 7 مليار ليرة، الاعتماد الإضافي الذي سيخصص لوزارة الصحة من موازنة 2017. في موازاة ذلك ستعمل الوزارة على ترشيد الإنفاق لمعالجة العجز المزمن والتأخير في سداد مستحقات المستشفيات عبر نظام التدقيق في الفواتير الذي أطلقته الوزارة منذ نحو العام، بالإضافة إلى نظام تشديد الرقابة في المستشفيات، وفق عمار.

"مع التأكيد على أهمية هذه الخطوة وتأييدها من الناحية الإنسانية، إلا أن تنفيذها يبقى رهن قدرة الدولة على تحمل تبعاتها المالية"، يقول نقيب الأطباء الدكتور ريمون الصايغ، في حديث إلى "المدن". ويثير الصايغ جملة من التساؤلات التي يمكن أن تترتب عن قرار التغطية الصحية الشاملة لمن هم فوق 64 عاماً. أولها استنزاف السقوف المالية للمستشفيات بسرعة في حال عدم رفعها تماشياً مع هذا القرار. أما في حال رفعها، فيشير الصايغ إلى احتمال زيادة الضغط على المستشفيات الخاصة. ويشرح أن تسعيرة وزارة الصحة هي تسعيرة خاصة، وزيادة أعداد مرضى وزارة الصحة تفرض إنخفاض أعداد المرضى في الغرف الأخرى، "ما قد يحدّ من مدخول المستشفيات الخاصة، وبالتالي يزيد من أعبائها المالية".

ثانياً، عدم احتساب الوزارة أعداد المضمونين لدى شركات التأمين الخاصة ممن تخطوا سن 64 والذين قدّ يتخلون تماماً عن التأمين الخاص، سيزيد الأعباء على كاهل وزارة الصحة. وبالتالي، ستتخطى المبلغ المخصص لتغطية هذا المشروع.

أما في ما يخص الأطباء، فيقول الصايغ إن "أطباء المستشفيات الخاصة يستفيدون من مبلغ 15% الذي كان يدفعه المريض". أما اليوم فهذا المبلغ أصبح رهن اعتمادات وزارة الصحة التي تدفع بشكل دوري لا فوراً.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها