الأحد 2015/12/13

آخر تحديث: 06:37 (بيروت)

طرابلس: بروز الثنائية السنّية

الأحد 2015/12/13
طرابلس: بروز الثنائية السنّية
التنافس بين الحريري والميقاتي يتنامى (تصوير: أ ف ب)
increase حجم الخط decrease

يعلم كل الزعماء السنة في لبنان منذ ما قبل الاستقلال وحتى يومنا هذا، ان زعامتهم لا يمكن ان تتنامى الا من خلال المناطق الشمالية عامة وطرابلس خاصة التي شكلت مع بيروت عصب الشارع السني.

وكان للزعامة السنية في طرابلس دور بارز في الحياة السياسية في لبنان، ما دفع الرئيس سعد الحريري منذ استشهاد والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري الى السعي قدماً من اجل تعزيز زعامته في عاصمة الشمال، فاستطاع بلوغ مراده، رفعت صوره في كل حي وشارع ومنزل منذ العام 2005، ما سمح له بقيادة المكون السنِّي بشكل احادي تقريباً.

 ولكن هذا النفوذ تعرض في ما بعد للتراجع رويداً رويداً، بفعل التحديات الإقليمية والمحلية التي واجهته، ناهيك عن الاخطاء السياسية التي نسبت اليه، بدءاً بزيارته إلى سوريا مروراً بمجاراة حزب الله في موضوع السلاح وثلاثية الشعب والجيش والمقاومة والتنازلات المتتابعة، وصولاً الى ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية المقرب من الرئيس بشار الاسد  لتولي سدة الرئاسة الاولى.


 الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فازدادت الأمور تأزما بعد حالة الاحباط في صفوف التيار وبين كوادره، نتيجة ضعف الإمكانيات المالية وما تبعها من إقفال لباب الخدمات والمساعدات الاجتماعية والصحية والتربوية التي كانت تساهم في امتصاص الاحتقان، والتخفيف من معاناة أهالي المدينة، إضافة إلى لعب بعض القيادات السياسية على وتر حساس، وهو، أن طرابلس كان لها ثقلها التاريخي ضمن المعادلة السياسية اللبنانية، بحيث كان التنافس على مركز رئاسة الحكومة يدور بين طرابلس وبيروت منذ نشأة  لبنان الحديث.


 كل هذه العوامل والأخطاء ساهمت في تراجع حضور التيار الازرق في طرابلس في الوقت الذي كان فيه الرئيس نجيب ميقاتي مع حليفيه الوزيرين محمد الصفدي وفيصل كرامي، يعد العدة  و"يعبىء الفراغ " مستغلاً هبوط أسهم الحريري في المدينة، فعمل الميقاتي على إنشاء مؤسسات تعنى بتقديم الخدمات الاجتماعية، فضلا عن تقديمه حوافز مالية مغرية لبعض الكوادر الحريرية لتنتقل بعزم من القاعدة الزرقاء الى صفوف العزم والسعادة.

مؤسسة إحصائية شمالية اكدت لـ"المدن" أن  تيار المستقبل لا يزال الرقم الصعب على الساحة الطرابلسية، فهو يمثل الساحة السنية السياسية المتماهية مع المحيط العربي عبر البوابة السعودية التي تعكس التوازنات الاقليمية مع التوازنات الدولية"، يقابله في المرتبة الثانية في عاصمة الشمال تيار العزم والسعادة. ولفتت المؤسسة الإحصائية الى ان كل المؤشرات تدل على ان زمن "الجواريف والمحادل" الانتخابية قد ولّى، وان أحادية السيطرة على قرار المدينة واللوائح المعلبة باتت من الماضي.

الوزير السابق نقولا نحاس المقرب من ميقاتي، يرى عبر "المدن" ان الوضع في طرابلس قد تغير بشكل ملحوظ منذ عودة الحريري الى السلطة عبر حكومة الرئيس تمام سلام، ولفت الى ان شبكة التواصل ما بين ميقاتي وشرائح المجتمع الطرابلسي عبر مؤسساته في المدينة اعطته دفعا مميزا عن سائر الاطراف السياسية، مشيرا الى ان الحضور الشعبي لتيار المستقبل لايزال مستمراً في أحياء المدينة ولكن بفاعلية أقل من الماضي، مؤكداً ان نتائج انتخابات المهن الحرة وغيرها من الانتخابات النقابية الطرابلسية والشمالية اكبر دليل على تقدم تيار العزم في وجه  تيار المستقبل.

في المقابل للنائب سمير الجسر رأي اخر، إذ يؤكد لـ"المدن" ان شعبية التيار لم تتراجع في المدينة، انما عدم قدرة القيادات الميدانية على التواصل خدماتياً مع الشارع خلق حالة من التباعد، معتبراً ان تنامي حالة ميقاتي الشعبية لا يأتي على حساب تيار المستقبل انما على حساب قوى اخرى. لافتاً الى ان كل الاحصاءات تشير الى ان الشارع السني لا يزال بنسبة 70 بالمئة مؤيداً للتيار في طرابلس، كاشفاً عن تحركات مرتقبة للتيار من شأنها ان تعيد للتواصل بين الكوادر والانصار ديناميته.

من جهته، يؤكد سياسي شمالي مخضرم لـ"المدن" ان عوامل رئيسة عدة ساهمت في تراجع شعبية التيار منها: قلة خبرة الحريري في العمل السياسي، تفرده بالقرار السني من دون الرجوع الى القواعد والكوادر بشكل جدي وفعلي، ضعف مستشاريه السياسيين في حياكة اي قضية وطنية تصب في مصلحة بلده وشارعه، عدم قدرته على رفض اي قرار اقليمي مهما كانت انعكاساته سلبية عليه وعلى شعبيته، كل تلك المعطيات رسخت في ذهن الشارع الطرابلسي ان مرجعيتهم المولجة قيادة سفينتهم لا تملك القدرة على حماية حقوق المكون السني الوطنية وخياراته ومصالحه، وهذا ما أدى الى تحول المزاج الشعبي باتجاه مرجع سني اخر، فبدأت الثنائية السنية في طرابلس بالظهور.

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها