الصراع السياسي يضرب نقابة المحامين: "أم الشرائع" بلا شرعية

تحوّل الصراع العلني في نقابة المحامين في طرابلس بين عدد من النقباء السابقين ومجلس النقابة الحالي على خلفية صدور نتائج امتحانات الانتساب الى النقابة إلى صراع سياسي، وهو يستمرّ بالتفاعل في ظل السجالات والاتهامات متبادلة بين الطرفين، والتي اتخذت شكل الإشتباك السياسي بين مناصري التيارات والاحزاب السياسية المتنافسة في طرابلس و الشمال.

وفق ما تؤكد مصادر "المدن" فإن المضمون السياسي لهذا الصراع، ناتج عن الخلاف بين تيار المستقبل، وخصومه في المدينة وعلى رأسهم تيار العزم التابع للرئيس نجيب ميقاتي، والذي اصدر بياناً باسم محامي العزم تضمن انتقاداً مبطناً للنتائج وطالب بضرورة الالتزام بمعايير الكفاءة والنزاهة تحت سقف القانون.

النقيب السابق فادي غنطوس المعترض على النتائج مع النقباء خلدون نجا، جورج طوق، حسن المرعبي، رأى لـ"المدن" أن نقابة المحامين ليست نقابة الاحزاب والعشائر، وما جرى في النقابة يصب في خانة الفضيحة الكبرى، وهو مخالف للقوانين المرعية الاجراء في نقابة الحق والعدالة".



واتهم غنطوس بعض القيادات والتيارات السياسية، بالشراكة مع النقيب فهد المقدم ومجلس النقابة، بتزوير النتائج واعتماد المحاصصة فيها بدلاً من الكفاءة، لوضع اليد عليها وتغيير المعادلة فيها تمهيداً لتشكيل قاعدة انتخابية كبيرة، لها لتخوض من خلالها اي انتخابات مقبلة، وكان غنطوس قد قدم طعناً مع عدد من النقباء بشرعية النتائج لدى قاضي الأمور المستعجلة الذي أصدر بدوره قرارا قضى بضبط المسابقات المعترض على نتائجها وختمها بالشمع الأحمر، وتعيين حارس قضائي عليها، وهذا الامر يحصل للمرة الاولى بتاريخ النقابة منذ تأسيسها في العام 1921.
 

 
من جهته شدّد المقدم لـ"المدن" على رفض المجلس بكامل أعضائه قرار قاضي الأمور المستعجلة شكلاً ومضموناً لمخالفته الأصول والاعراف القانونية، مطالبا بالرجوع عن القرار، ولفت الى ان خلفية تقديم الطعن ينبع من خلفية سياسية مبنية على حسابات شخصية وليست مهنية ونقابية بحتة، مؤكدا ان النقابة سترفض اي تسوية على حساب شؤونها الداخلية التي لا تراعي الاعراف والقوانين والمبادىء، مشددا على رفض تدخل القضاء بالشؤون النقابية، ومعتبراً ان بعض القضاة قد وقعوا بخطأ جسيم ادى الى ما وصلنا اليه."

وفي السياق، علمت "المدن" ان ثمة اتصالات بدأت منذ ليل امس ولا تزال مستمرة حتى الساعة، لايجاد مخرج يعيد الامور الى نصابها الطبيعي. ولكن يبدو ان الطريق ليس سالكاً امام التسوية المطروحة، لأن مسرح الصراعات السياسية في طرابلس والشمال انتقل الى نقابة المحامين، و قرار تعليق عضوية النقباء الأربعة السابقين الذي لم يعلن رسمياً حتى الساعة يعبّر عن عمق الخلاف السياسي بين الاطراف المتصارعة.

هي السياسة مرّة جديدة تعبث في عاصمة الشمال، وبعد خفوت أصوات الإشتباكات العسكرية والخلافات الأخرى، ها هو الصراع السياسي يعرقل عمل نقابة المحامين، ما يضع أحدى أبرز إمتيازات لبنان التاريخية الذي وصفت عاصمته بأم الشرائع في عين عاصفة السياسة.