السبت 2015/08/01

آخر تحديث: 13:53 (بيروت)

لنهاجر حفاظاً على بلد يقتلنا

السبت 2015/08/01
لنهاجر حفاظاً على بلد يقتلنا
الخيانة في دولتنا مصيرها الصبير.. تقشير 5 كيلو صبير في ساعة (تصوير: فرح شقير)
increase حجم الخط decrease
من غير المقبول أن تشكّل أموال المغتربين 20 في المئة فقط من الناتج المحلي، وأن يكتفي لبنان بتبوء المركز الثامن من حيث حجم عائدات المغتربين (كنسبة من الناتج المحلي). وكيف سمحنا لزيمبابوي في لحظة تخلٍّ أن تحلّ في المركز الأول، بحسب آخر احصاء للبنك الدولي؟

عائدات المغتربين "ركيزة" اقتصادنا الذي صمد أمام كل الأزمات، السياسية والاقتصادية، وهو يشكل صمّام الأمان لقطاعنا المصرفي المشرّف والذي أيضا أثبت قدرته على الثبات ويتغنّي به المجتمع الدولي أحياناً. مصدر أرباح هذا القطاع تفصيل غير مهم أمام عظمة أبنتيه الفارهة وتصاميمها الحديثة المطعّمة بالحجر اللبناني.

وأمام قدسية رسالة لبنان، والمسيرة المشرقة لأبنائه في بلاد المهجر، لا بد لنا أن نوضّب أمتعتنا ونطرق أبواب السفارات لتقديم طلب هجرة، أو أن نبحث عن وظيفة في الخارج. وعندما تحلّ النعمة، علينا أن نكمل الواجب بأن نرسل أموالنا إلى مصارف تنهب أهالينا، وأن نعود في فصل الصيف لننعش السياحة، وعلى المقتدرين أن يقوموا بزيارة قصيرة خلال فترة الميلاد لنشهد معاً على إضاءة أكبر شجرة في وطن تعوّد سكانه على رومانسية الظلام.

الواجب الوطني عليه أن يتصدر لائحة أولوياتنا. لا يهم كيف يعيش من نتركه وراءنا. تفاصيل من المعيب التفكير بها.

امرأة في الثمانين لديها خمسة أولاد لبّوا نداء الوطن واستقرّوا في بلاد المهجر. أراها تمشي في الشارع مع عاملة من أثيوبيا أو الهند، تصطحبها في زيارة روتينية إلى الطبيب. عجوز ينتظر مكالمة ابنه الوحيد يومياً ليطمئن على أحواله، يقول له إن البلد بألف خير، وإنّ كل الأقارب يزورونه يومياً. كيف يخبره أنه لم يرَ أحداً منذ أربعة أيام، وأن كهرباء الدولة مزاجية والمصعد لا يعمل وهو لا يستطيع صعود درجات الطوابق الخمس ليؤنس وحدته؟

وجدّة في الستين قررت أن تتعرف على كافة وسائل تكنولوجيا الاتصالات من "فايبر" و"سكايب" و"تانغو" لتتعرّف على أحفادها وتلعب معهم. وطبعا، كل هذا حاصل في كنف دولة لا تؤمّن الحدّ الأدنى من الرعاية لكبار السن وتعتبر التغطية الصحية الشاملة رفاهية، لا بل عملت على اصدار قانون إيجارات جديد يبعدهم عن جيران أصبحوا ألفتهم الوحيدة.

هي تفاصيل من المعيب جداً التفكير فيها. خيانة عظمى، والخيانة في دولتنا مصيرها الصبير. تقشير 5 كيلو صبير في ساعة.

"ضبّو الشنط". لا تنسوا الزعتر والكشك والبرغل. تعرّفوا على لبنانيين في بلاد المهجر. تعلّموا صنع التبولة. بقدونس أو كزبرة. لا يهم. المهم أن تأكلوها بملفوف طعمه حلو وأن تشربوا زومها نخب الوطن. زوم حامض بطعم الوطن.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها