ذاكرة الثورة السورية في أرشيف مطبوعاتها

أخيراً، أصبح للدوريات السورية الصادرة بعيداً من سلطة النظام السوري، خلال السنوات الأربع من عمر الثورة، موقع إلكتروني يؤرشفها كلها، مسهلاً بذلك مهمة الباحث والمستقصي والصحافي، أو حتى القارئ العادي الراغب في مراجعة مقال أو خبر أو معلومة نُشرت في واحدة من تلك المطبوعات التي انتشرت كالفطر بعد شهور على اندلاع الثورة.

الموقع الذي انطلق رسمياً الشهر الفائت، اختار له القائمون عليه عنواناً دالاً وبسيطاً: "أرشيف المطبوعات السورية"، وهو يضم حتى وقت كتابة هذه السطور نحو 3900 عدداً وإصداراً من 127 دورية مختلفة، تتراوح في توجهاتها بين أسبوعية "سنا الشام" التي أصدرها تنظيم "داعش" في حلب، ومجلة "موالح" التي "تعنى بشؤون الميول الجنسية والهوية الجندرية"، مروراً بمجلات الأطفال "زورق" و"زيتون وزيتونة"... وليس أخيراً المجلات والصحف المحلية التي تعنى بأخبار مناطق وبلدات معينة مثل "أوكسجين" الزبدانية أو مجلة "صوت كفربطنا" وغيرها.

يضم فريق عمل المشروع سبعة أشخاص فقط. وبدأ العمل عليه فعلياً منذ ما يقارب العشرين شهراً، بهدف بعيد المدى هو "حفظ الذاكرة السورية في مرحلة الثورة-الحرب، التي تحمل المطبوعات السورية جزءاً كبيراً منها بصيغة الوثائق"، وفق ما يشرح المشرف على المشروع جواد شربجي لـ"المدن".

ويقول شربجي إن للمشروع "أهدافاً مباشرة وقصيرة المدى"، تتمثل في "التعريف بالمطبوعات السورية التي تزداد يوماً بعد يوم وتفقد قدرتها على الوصول والتأثير بسبب تشتتها في مواقع وصفحات ومنصات الكترونية مختلفة، وحفظ وأرشفة المطبوعات في مكان واحد يسهل عملية الإلمام بها والتنقل بينها وقراءتها أو تحميلها". ويزيد شربجي هدفين آخرين هما: "توفير المعلومات عن المطبوعات السورية للمهتمين من صحافيين وباحثين ومنظمات إعلامية لتسهيل عمليات التواصل والاتصال، والتسويق للمطبوعات السورية الجديدة، التي لم تنل حتى الآن نصيبها المنصف من اهتمام السوريين".

يظهر الموقع بتصميم بسيط وأنيق في آن، ويوفر للمتصفح أرقام الأعداد الصادرة حتى اللحظة من كل دورية، وعنوان البريد الإلكتروني الخاص بكل منها، وآلية للبحث في الموقع على الرغم من أنها لا تزال بحاجة إلى تطوير، إذ أنها تحيل الباحث إلى العدد الواردة فيه المعلومات المستقصى عنها لا إلى المقال المنشود، وهو ما يعني أن على المتصفح أن يراجع نسخة كاملة من مطبوعة ما حتى يجد المعلومات التي يبحث عنها.

يؤكد شربجي آن آلية البحث هي حالياً قيد التطوير، مشيراً إلى أن الميزات الحالية في الموقع "على محدوديتها، استغرقت الجهد الأكبر من البرمجة". ويوضح أن الأرشيف يوفر ميزة البحث عن المطبوعات ضمن نطاق زمني محدد، وهو ما قد يحتاجه الصحافي أو الباحث إذا ما رغب في معرفة أصداء بعض الأحداث البارزة خلال سنين الثورة في الدوريات المحلية أو طريقة تعاطيها هذه الصحف والمجلات معها.

أما لماذا يقتصر الأرشيف على الدوريات التي صدرت بمعزل عن إرادة النظام السوري وسلطته، ولا يضم أيضاً تلك التي ما تزال تصدرها أجهزة النظام الرسمية أو شبه الرسمية، يشدد شربجي على أن فريق العمل لا يغفل هذا الجانب منذ تأسيس المشروع، لافتاً إلى أن اسم الموقع لا يشير إلى أن المحتوى هو فقط لصحف الثورة أو الجهات المعارضة للنظام.

ويعرب المشرف على أرشيف المطبوعات السورية عن أمله بأن يتوسع المشروع ليشمل الصحف والمجلات التي تصدر تحت سلطة النظام "لأننا نعتقد أنها الجزء المكمل للوحة التي نحاول رسمها عن الذاكرة السورية من خلال المطبوعات"، مضيفاً أن ما يحول دون ذلك "أسباب تقنية وفنية لا أكثر، فمواقع تلك الصحف لا تنشر أرشيفها على الشبكة وإنما تكتفي بنشر النسخة اليومية من إصداراتها، وقد حاولنا مرارا الوصول إلى أرشيف الصحف الرسمية بطرق مختلفة، لكننا لم ننجح حتى الآن".