الثلاثاء 2014/07/01

آخر تحديث: 15:40 (بيروت)

تحيا الصناديق الرئاسية

الثلاثاء 2014/07/01
تحيا الصناديق الرئاسية
increase حجم الخط decrease

 لن أسترسل، مشهدان يجب التوقف عندهما: الأول أستذكره، والثاني أتابعه عن كثب.

 المشهد الأول:

العام 2008، سألت اقتصادياً تونسياً صادفته في مؤتمر إقليمي عن الصندوق الوطني للتضامن 26-26، والذي أنشأه زين العابدين بن علي، العام 1992، لمحاربة الفقر ودعم الأسر الفقيرة عبر مشاريع تنموية في المناطق المهمّشة إقتصادياً وإجتماعياً، على أن تُجمع عائداته بشكل أساسي من تبرعات مواطنين تونسيين إضافة إلى منح مالية تقدّمها الدولة. وعلى مدار السنين كان يُنظر إلى "الصندوق" على أنه من أهم إنجازات بن علي، وساهم في تعزيز صورة "المعجزة التونسية" بحسب المؤسسات المالية الدولية. وكان بن علي يُصدر بيانات دورية عن الإستثمارات التي خصّصت لتزويد الأسر بالكهرباء والمسكن، وتكشف عدد المنتفعين من المراكز الصحية، وغيرها من الخدمات الإجتماعية.

 

المهم، حاولتُ الإستفسار أكثر في هذا المؤتمر عن فكرة الصندوق، والقائمة على التبرّع الطوعي من المواطنين. ضحك الإقتصادي التونسي وأخبرني أنه يتلقى شهرياً مكالمة هاتفية لتُذكره بضرورة قيامه "بالتبرّع الطوعي".

 

ورغم الثناء الدولي على  "صندوق التضامن 26ـ 26"، فإنه لم يخضع للمحاسبة، منذ نشأته. وعند سقوط بن علي، بدأت حقائق خفيّة تكشف الوجه السري لهذا الصندوق، ومنها التجاوزات التي كان يقوم بها بن علي باعتباره المتصرف الوحيد المخول له قانونياً التوقيع على الصكوك التي بموجبها كان يتم سحب الأموال المرصودة بالحساب الجاري تحت الرقم
26-26.

 

المشهد الثاني:

 

منذ أقل من أسبوع، أي في 24 حزيران/يونيو 2014، وبعد مرور حوالى ثلاث سنوات ونيف على سقوط بن علي، قرّر الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه لن يتقاضى سوى نصف راتبه، وسيتنازل عن نصف ممتلكاته لـ"مصلحة مصر". كما قرر الجيش المصري التبرع  بمليار جنيه (141 مليون دولار) ووضعه بتصرّف صندوق "تحيا مصر" الذي دعا السيسي إلى إنشائه لدعم الإقتصاد المصري. وأمام هاتين المبادرتين، إنطلقت المبادرات الفردية-الطوعية لتشمل رؤساء جامعات ورجال أعمال ورؤساء أحزاب سياسية وصحافيين وفنانين. وقد واكب البنك المركزي المصري هذه الإلتفاتة بأن قرّر فتح حساب رقم (37037)، وهو الحساب الذي سيتلقى تبرعات أبناء الشعب المصري لدعم الإقتصاد الوطني، والتي ستذهب لصالح صندوق ما زالت معالمه غير واضحة.

 

طبعاً لا يمكن لأحد أن يعيب على رئيس، التبرع لمصلحة بلده، لكن للرئيس صلاحيات أخرى تسمح له بالعمل لمصلحة البلد عبر الأطر الدستورية والمؤسساتية، ومنها الضريبة على الأرباح الرأسمالية في البورصة والتوزيعات النقدية، خصوصاً أن مشروع القانون ينتظر فقط توقيع رئيس البلاد.

increase حجم الخط decrease