الخميس 2014/06/26

آخر تحديث: 15:33 (بيروت)

سياحة إرهابية

الخميس 2014/06/26
سياحة إرهابية
النيران تتصاعد من غرفة فندق "دي روي" مساء أمس الأربعاء (المدن)
increase حجم الخط decrease

فيما شيّعت بلدة البازورية عبد الكريم حدرج، المفتش الثاني في الأمن العام، والذي استشهد جراء التفجير الإرهابي في منطقة الطيونة قبل يومين، كانت قناة "المستقبل" تعرض تقريراً عن الموسم السياحي في لبنان وعن تحضيرات أصحاب المنتجعات السياحية في البترون لاستقبال السياح الوافدين، وعن تأثر الموسم السياحي بالوضع الأمني. 

لا أعرف ما اذا كان السياح الوافدون يحبون الملوخية. الشاب العشريني عبد الكريم حدرج أحب الملوخية وأشياء أخرى. ولربما أحب أن يتجه شمالاً صوب البترون برفقة حبيبته وأصدقائه. ولربما كان عليه أن يعي أهمية الموسم السياحي في لبنان، فيترك الإنتحاري الداعشي يكمل مشواره باتجاه فندق آخر يقضي فيه ليلة أو ليلتين إضافيتين، تنعش السياحة اللبنانية، إسوة "بزميليه" الداعشي-السعودي والداعشي-الفرنسي. فالأول كان نزيل فندق "دو روي" في الروشة، وفجّر نفسه أمس إثر مداهمة الأمن العام للفندق. أما الثاني فكان في "فندق نابليون" في الحمرا، وكان قد أقرّ قبل أيام بانتمائه الى تنظيم "داعش"، وبأنه قدم الى لبنان لتنفيذ عملية انتحارية ذات طابع سياحي. 

أيضاً، في تشرين الثاني 2013، كان منفذا تفجير إنتحاري استهدف السفارة الإيرانية، قد أقاما فور وصولهما، في فندق شيراتون "فور بوينتس" في منطقة فردان.
 

الإنتحاريون حدّدوا مكامن ضعفنا. السياحة. كيف لا وكان وزير السياحة اللبناني قد صرّح في تموز 2012 عن زيادة 150% بفضل "السياح السوريين"، مقارنة بالعام 2011، وأعلن أن "النقابات السياحية تعمل حالياً على تقديم أفضل الخدمات للزوار السوريين"؟ عرفوا أننا لا نفرّق بين نازح ووافد، بين من يسعى للتمتّع بالحياة على هذه الأرض، ومن يعتقد أن الحوريات سينتظرنه بعد عملية "التشيك إن". عرفوا أننا في أشد أزماتنا، وبعد كل تفجير، كنا نسارع إلى مناشدة السياح أن يقصدوا بلدنا لأننا شعبٌ محب للحياة. ولبّوا النداء، حجوزات فندقية، فانتعاش سياحي، فتفجير دموي. 

فهل نتكبّر على حجوزاتهم؟ هل نتكبّر على السياحة، وهي التي تؤمّن أكثر من 100 ألف وظيفة في لبنان وبلغت مساهمتها المباشرة حوالى 9% من الناتج المحلي العام 2013؟ طبعاً لا. 

لكن دعونا لا نكابر على الجرح، والدم، والموت. نعدكم بأن نحب الحياة. لن نغيّر شعاراتكم. لن نمانع تحويلنا بضائع استهلاكية محبة للحياة، تقفز في إعلانات وزارة السياحة على وقع "ليش في أحلى من لبنان؟". سنحبّ الحياة. لكن اليوم تحديداً، إسمحوا لنا أن ندفن الشاب العشريني الذي أحب الملوخية... وأشياء أخرى.

increase حجم الخط decrease