الثلاثاء 2014/04/29

آخر تحديث: 04:19 (بيروت)

مرشحو الرئاسة: فائض الصورة وعدمها

الثلاثاء 2014/04/29
مرشحو الرئاسة: فائض الصورة وعدمها
صورة عون السابقة تضمحلّ مقابل رمزيات يسوّق لها جعجع بصورته (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
 كأن رئيس الهيئة التنفيذية في حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، يستعيض عن الشعور بصعوبة وصوله إلى موقع رئاسة الجمهورية، بفائض الصورة. كثافة الرمزيات التي يستخدمها لتسويق لنفسه، تحيله إلى أدوار متعددة. فهو سجين سياسي وضحية محاولة اغتيال وصاحب مشروع سياسي خلاصي النزعة. إختلاط الأدوارعنده يتيح توسيع صورته تمهيداً لجعلها إمتداداً لحالة الحيرة التي تنتاب المرء حين يرغب في تقييم جعجع. وكأن معركة الرئاسة الإعلامية، كما يريدها "الحكيم"، تعتمد على خلق تشويش لدى الرأي العام ووضعه في أحوال مائعة، جوهرها التردد وعدم الحسم.
 
الصورة الثرية الخاضعة للتبدل، تفيد جعجع في تجاوز ماضيه، وتتركه حراً في بناء صورة جديدة عبر الإستناد الى مرجعيات مختلفة، بينها قيادته للقوات اللبنانية أثناء الحرب، وسجنه، ومحاولة اغتياله، وترشحه كرئيس... في ظل هذا التكنيك، يبدو جعجع وكأنه يسير في حقل ألغام. فالحقب التاريخية التي يستلهم منها مواد إعلامية لتكوين صورته كرئيس، تكتظ بالوقائع السلبية، ما يسمح لخصومه ببناء صورة مضادة تضرب تلك التي يشتغل جعجع على تلميعها بوصفه مرشحاً رئاسياً. 
 
هذا الفخ، يسعى رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون، المرشح أيضاً للرئاسة، إلى تلافيه عبر بناء صورة لحظية تنتمي إلى الراهن، رغم أن سجلّه أيام الحرب الأهلية ليس ناصعاً تماماً. ويحاول الآن مسح صورة الخطاب الأبويّ، التقريعيّ للصحافيين والخصوم. فلا نجد أثراً للجنرال العسكري في المقابلات التي يجريها الأخير مع وسائل الإعلام للحديث عن الرئاسة. الصورة السابقة التي بنى عون أمجاده عليها، تضمحلّ وتنعدم لصالح أخرى تضعه في موقع الحريص على جميع اللبنانيين والساعي إلى التوافق بينهم. إستلزم ذلك تراجع حدّة الغضب في ردود الجنرال على أسئلة الصحافيين. ثمة هدوء مفتعل يبذل عون جهداً كبيراً لعدم الإفلات منه كي ينجح في إكمال الصورة الجديدة الواجب ظهوره فيها. 
 
التبدلات العونية وتلك التي احترفها قائد القوات اللبنانية، لا تظهر عند رئيس حزب الكتائب أمين الجميل. فالرجل عمل خلال الفترة الماضية على تسويق صورة ابنه سامي على حساب صورته. أضحى الأب، مع اقتراب استحقاق الرئاسة، بلا مرجعيات مشهدية يمكن الإستفادة منها لتصنيع صورة له تلائم الحدث. لم يتحول الجميل في وعي جمهور الميديا إلى مرشح للرئاسة. بقي على حاله زعيماً مسيحياً ينتظر فرصة توافقية للوصول إلى بعبدا. المسار ذاته إتبعه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، مستقراً على صورته القديمة كحليف أبديّ للمقاومة.
 
هذا التدرج بين الثبات والتغيّر في المشهدية لدى مرشحي الرئاسة الأساسين، يقابله غموض في الصورة عند المرشحيين التوافقيين. إطلالات جان عبيد الإعلامية تكاد تنعدم. يكتفي الرجل بصفحة في "فايسبوك" عنوانها "مستقل إلا ... عن الحق"  ليسوّق لنفسه رئاسياً. اللجوء إلى الموقع الأزرق ليس سوى تعويض عن الصورة الغامضة التي أرادها عبيد لنفسه. مرد الإرادة هنا، فكرة التوافق التي يحيط عبيد نفسه بها. فالصورة غالباً ما تتعدد وتتمايز وتختلف في تكوينها، وهو ما يناقض فكرة التوافق التي تقوم على تدوير الأضداد والسعي إلى تذويبها. كما أن التوافق غالباً ما يجري نسجه بشكل سري بعيداً عن الكاميرات والصور والمقابلات التلفزيونية. 
 
وعليه، يمكننا أن نفهم كيف يمكن لمرشح كثيف في حضوره الإعلامي ورمزياته المشهدية، مثل سمير جعجع، أن يكون قليل الحظوظ للفوز بموقع رئيس البلاد. فيما مرشح آخر يكاد ينعدم وجوده إعلامياً، مثل جان عبيد، ترتفع حظوظه في الوصول إلى هذا الموقع. 
increase حجم الخط decrease