الجمعة 2013/09/20

آخر تحديث: 06:11 (بيروت)

"الشنططة" السورية

الجمعة 2013/09/20
"الشنططة" السورية
المشنططون: صفحة خدمات.. وسخرية أيضاً
increase حجم الخط decrease
 قد لا يكون أمراً نادراً أو استثنائياً أن تحوز صفحة "فايسبوك" سورية على أكثر 15 آلاف متابع خلال أسبوعين فقط. فلطالما نجحت صفحات سورية في استقطاب عشرات آلاف المهتمين في أوقات قياسية، كصفحة "كلنا الشهيد حمزة الخطيب" أو "الثورة الصينية ضد طاغية الصين" أو تلك الصفحات التي تخصصت في نقل الأخبار، سواء المعارضة للنظام السوري أو المؤيدة له. لكن أن تحوز صفحة سورية تسعى إلى أن تكون غير معنية بالشأن السياسي على هذا الكم من المتابعين، وخلال فترة قصيرة، فهو ما يستحق التوقف عنده.
 
إذ تجاوز عدد المعجبين بصفحة "المشنططون السوريون حول العالم"، 15 ألف متابع بعد أسبوعين على انطلاقها، وهو رقم يبدو مرشحاً للتزايد، خصوصاً أن الصفحة تقارب فئة سورية واسعة جداً، تشمل الهاربين من الجحيم السوري أو الراغبين في الهروب منه، على اختلاف انتماءاتهم وأعمارهم وطبقاتهم ومناطق استقرارهم المؤقتة، وأعداد هؤلاء تتضاعف، أما العودة إلى البلاد فلا تبدو أنها ستكون قريبة، إن كانت ثمة عودة.
 
و"المشنططون" مشتقة من كلمة "الشنططة" العامية، وقد يكون المعنى الأقرب لها هو الترحال الدائم وغياب الاستقرار، وهي بدورها مشتقة من "الشنطة" أي الحقيبة التي ترمز إلى السفر، ما يختصر اليوم حال ملايين السوريين المهجرين، داخل البلاد وخارجها.
 
ما قد يزيد من أهمية الصفحة، في حال نجح أصحابها في استغلال ذلك، هو أن "الشنططة" السورية حالياً لم تعد مجرد عمالة ضخمة في الخليج وجاليات متفاوتة الحجم في المهجر، ولا حتى مخيم "الزعتري" الأردني ذائع الصيت، أو مئات آلاف اللاجئين في لبنان وتركيا والعراق. الهاربون السوريون اليوم موجودون أيضاً في دول عديدة كالسودان واليمن والجزائر، بل وحتى في قطاع غزة!ومئات الآلاف منهم المتواجدون في مصر كانوا مؤخراً هدفاً لخطاب إعلامي عنصري وتحريضي.
 
تتواتر الأنباء في الإعلام الإيطالي عن مئات من المهاجرين السوريين غير الشرعيين، الذين إما غرقوا قبل بلوغ الشواطئ، أو أنقذهم خفر السواحل، أو وصلوا "سالمين" بعد معاناة، فيما تنقل وكالة أنباء الأناضول خبراً عن سفر دفعة أولى من 4000 لاجئ سوري وجدت طريقها إلى ألمانيا عبر بيروت، وتتوالى أنباء أخرى عن إعادة توطين لسوريين في كندا والولايات المتحدة ودول أوروبية تنتشر بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وغالبيتها مجرد شائعات تلعب على وتر الحلم الغربي، فيما آلاف آخرون سبق أن وصلوا إلى أوروبا بتأشيرة سياحية وفضلوا البقاء هناك، ولو مخالفين لشروط الإقامة. وتسعى الصفحة إلى الإجابة على أسئلة قد تعني هؤلاء جميعاً أو من يرغب في الالتحاق بهم.
 
كما أن لشرق آسيا نصيبه من "الشنططة" السورية، فأسواق تايلاند كانت ملجأ بورجوازيين سوريين لإطلاق شركات وأعمال متوسطة الحجم بهدف تعويض ما أغلقوه في بلدهم، أما نسبة الطلاب السوريين في الجامعات الماليزية فبلغت أرقاماً غير مسبوقة، ما دفع القائمين على الصفحة إلى تخصيص منشور لشرح شروط الإقامة في البلد الذي لا يطلب تأشيرة دخول من السوريين.
 
اعتمد القائمون على الصفحة على السخرية في منشوراتهم (posts)، حتى إن كانت هذه المنشورات تقدم معلومات مفيدة. واتخذ المشرفون عليها أسماء مستعارة ساخرة منها، "أبو الفِيَز" و"أدمن ختم نهائي"، فيما وجدت كاريكاتيرات ورسوم ساخرة وغرافيكية طريقها إلى جدران الصفحة، كما نُظمت مسابقات افتراضية لأحسن صورة التقطها "مشنطط" سوري في دول الاغتراب.
 
يرى سامر، مؤسس الصفحة وأحد المشرفين عليها أن "الاستهزاء بالواقع المرير الذي نعيشه والأسلوب الساخر هو ما دفع عدداً هائلاً إلى الإعجاب بالصفحة خلال فترة قياسية"، مشيراً إلى أن "الأسلوب التهكمي هو الشيء الوحيد الذي يجمع الشباب السوريين". ويضيف في حديث لـ"المدن" أن "الهدف الأول من إنشاء الصفحة، مساعدة السوريين في الخارج من خلال طرح تجارب سابقة لشباب سوريين لتوضيح الطريقة الأمثل لإيجاد عمل وطريقة استخراج الأوراق الثبوتية المطلوبة مثل التأشيرات والإقامات وما إلى ذلك".
 
قد تنجح الصفحة لاحقاً في لعب أدوار إضافية وأكثر تأثيراً، ما قد يحتاج إلى جهد استثنائي من القائمين عليها، يضمن أن لا تتحول إلى مجرد منبر آخر، يسارع سوريون كثر إلى الضغط على زر الإعجاب به، قبل أن يتجاهلوه مع مرور الوقت.
 
increase حجم الخط decrease