الأربعاء 2014/06/11

آخر تحديث: 17:36 (بيروت)

قباني ـ المجلس الشرعي: المعركة الأخيرة

الأربعاء 2014/06/11
قباني ـ المجلس الشرعي: المعركة الأخيرة
من يرث دار الفتوى؟ (تصوير: علي علوش)
increase حجم الخط decrease

أكثر من ثلاثة أعوام على الحرب المستعرة في عائشة بكار شارفت على نهاية. أقل من 4 أشهر وتنتهي ولاية المفتي الحالي محمد رشيد قباني. إنها المعركة الأخيرة، بغض النظر عن النتيجة التي سترسو عليها بعد أيلول المقبل. معركة ستكون وفق دخانها المتصاعد، طاحنة. كل الأطراف استعدت. حضرت أسلحتها. تمترست وأضحت جاهزة لإطلاق النار.

 

إختار المفتي أن يبادر إلى الهجوم. ناور قليلاً على مدار شهر أو أكثر قبل أن  يفتتح المعركة عبر قرارات اتخذها المجلس الشرعي التابع له تسمح له بإنتخاب مفت جديد، وانتقل الى الأسلحة الخطابية التي أخرجته شكلاً ومضموناً من العباءة الدينية. بين  الهجوم الإداري واللفظي  في عائشة بكار، صمت مقابل. الكثير من التحفظات والكثير من التشاور والإتصالات والأسلحة التي عدت، وتنتظر يوم غد الخميس لإطلاقها. أسلحة يتوعد البعض ساكن عائشة بكار بأن تكون مؤلمة سياسياً وحاسمة إدارياً.

 

في السرايا الكبير، كان المناوئون للمفتي يجتمعون في الصباح الباكر للمواجهة. إستقبل رئيس الحكومة تمام سلام الأربعاء المجلس الشرعي ورؤساء الحكومة فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي. سقطت رهانات البعض على تمايز ميقاتي السياسي. بدا أو بالأحرى تأكد أن التمايز لم ولن ينسحب على ملف دار الفتوى. تشدد مصادر المجتمعين لـ"المدن" على أن الجو كان ايجابياً وتوافقياً بين كل الحاضرين وحتى غير الحاضرين اذ إن الرئيس عمر كرامي أبلغ سلام أنه يعتبر نفسه ممثلاً في الإجتماع بشخصه، والرئيس سعد الحريري مثله السنيورة، فيما تغيّب فقط الرئيس سليم الحص بداعي المرض وعدم القدرة على الحركة وليس اعتراضاً.

 

ما بحث بين جدران السراي بقي بينها. ترفض المصادر الحديث عما حصل. تكتفي بتأكيد التوافق، وتقول إنها قرارات سرية، لكنها لا تخفي ان المجتمعين عبروا عن امتعاضهم وغضبهم من قرارات المفتي وسياساته الصدامية، وتشير الى إجماع على اعتبار كل ما صدر وسيصدر عنه "معدوم الوجود".

 

تكشف مصادر المجتمعين عن جلسة طارئة يعقدها ظهر غد الخميس المجلس الشرعي لإتخاذ قرارات مهمة جداً ووضع آليات عمل على أن يبدأ تنفيذها في القريب العاجل، خصوصاً أن المسائل الآن دخلت في مرحلة حاسمة ودقيقة وتحتاج الى خطوات قوية وصادمة. تحفّظ البعض على ما دار في السرايا لا يمنع البعض الآخر من الإسرار أن القرارات ستصب حتماً في اتجاهين: إنتخاب مفت في أسرع وقت ممكن، واتخاذ كل الخطوات القانونية والإدارية اللازمة من أجل إفشال خطوات المفتي الحالي لجهة الدعوة الى إنتخاب مفت آخر.

 

قبل أسابيع، عقد أكثر من لقاء بين نجل المفتي راغب قباني ومستشار الرئيس سعد الحريري نادر الحريري. سرب المحسوبون على عائشة بكار الكثير من "الخبريات"، تفيد بإيجابيات، وحلحلة متوقعة، ومصالحة قريبة. بقيت مصادر "المستقبل" متمسكة برفض الكشف عما دار في اللقاءات، رغم بعض الهمس الذي يشير إلى أن قباني طلب المشاركة في قرار إختيار المفتي المقبل، والأهم عدم فتح ملفات الفساد المتعلقة به وبنجله والتي كان سرب الكثير منها في الفترة الماضية، وبعضها لا يزال ينتظر القضاء، خصوصاً أن الملف ووفق مصادر مطلعة كبير جداً وأكبر من أن يلملم بسهولة مع خروجه من حلقة المفتي ونجله وتفشيه ضمن الحلقة المحيطة بهما، وهو واضح لسكان بيروت وعائشة بكار، اذ إن أحد المقربين من المفتي يملك شقة يقدر ثمنها بمليوني دولار وسيارة حديثة لا تقل عن 150 ألف دولار.

 

رفض المستقبل التعليق على هذه اللقاءات لا يخفي أنه أدرك وفق مصادره أنها "مناورة في الوقت المتأخر" خصوصاً أنه ليس بحاجة اليوم الى صفقة أو مصالحة مع مفتي تنتهي ولايته بعد أشهر. حاول المفتي المقايضة بين ما يريد وبين عدم إنتخاب مفت آخر وإدخال عائشة بكار في صراع جديد. بينما كان قباني الإبن يعمل على خط، كان والده يعمل على تحضير الأسلحة.

 

قرر المفتي الإنتقال من "المناورة" كما تصفها مصادر "المستقبل" إلى الخطوة العملية الأولى. جمع المجلس الشرعي المؤيد له، واتخذ قرارين يسمحان له بإمساك أوراق مهمة في المعركة المقبلة. قرر سحب حق الدعوة الى انتخاب مفت من رئيس الحكومة ومنحها إلى مدير الأوقاف الاسلامية. والقرار الثاني كان يهدف الى ضرب الطائفة السنية بين بعضها البعض كما ترى مصادر "المستقبل". قرر المجلس أن يوسع الهيئة الناخبة بعد أن كانت محصورة بنحو 110 اعضاء منذ العام 1996 عندما انتخب قباني.

 

القرار الثاني بالنسبة لـ"المستقبل" هو قرار "فتنة". لا يعترض "المستقبل" على توسيع الهيئة الناخبة خوفاً. هو وفق مصادره وبعلم المفتي، له أرجحية الصوت في الساحة الإسلامية، ما يتحفظ عليه تحديداً هي محاولات انتخاب مفت ثان لن يكون له أي شرعية قانوينة أو دينية أو شعبية.

 

غداً الخميس، يرد المجلس الشرعي ورؤساء الحكومة على خطوات قباني. تنطلق رسمياً معركة لا يعلم أحد كيف ستنتهي. الثابت الوحيد أن قباني سيغادر في أيلول المقبل تاركاً خلفه وديعة ثقيلة جداً. داراً تتهاوى. خزينة خاوية. أعباء إدارية. شرذمة. مؤسسة مترهلة. وخلف أو خلفين.

increase حجم الخط decrease