الثلاثاء 2014/01/28

آخر تحديث: 07:39 (بيروت)

السعودية تحدد مواصفات المفتي: المعركة بدأت

الثلاثاء 2014/01/28
السعودية تحدد مواصفات المفتي: المعركة بدأت
دار الفتوى ورقة أساسية في المعركة على الإرهاب (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
باكراً جداً افتتحت معركة الإفتاء. لن ينتظر الأفرقاء حتى أيلول المقبل (موعد إنتهاء ولاية المفتي الحالي محمد رشيد قباني) ليضعوا على الطاولة عدة مواجهة يبدو أنها ستخاض على أكثر من صعيد. السعودية، اللاعب الأوحد في الاستحقاق، بعد أن شاركتها سوريا ومصر فيه لعقود خلت، وضعت وعلى لسان سفيرها علي عواض العسيري، مواصفات "المفتي المقبل" ان صح التعبير. وبدأ العد العكسي.
 
تحتاج السعودية و"تيار المستقبل" اليوم وأكثر من أي وقت مضى إلى دار الفتوى ودورها. الحرب المعلنة من قبل الرياض وحلفاؤها في المنطقة على الإرهاب بشقيه: "القاعدي" والمستتر بـ"غطاء أسدي"، تدفع الى إستنفار كل الأوراق المساعدة. دار الفتوى في هذا الإطار ليست مجرد ورقة إنها "جوكر". 
 
خرج عسيري ليتحدث بإسهاب عن دور "الدار" في تثبيت الإعتدال السني. كان واضحاً في مقارنة دور الإفتاء بدور بكركي وطنياً. واختصر وإن لم يقل: هكذا نريد الدار في مواجهتنا مع الإرهاب، وفي لبنان.
 
تدرك السعودية و"المستقبل" أنهما لا يستطيعان الوقوف في وجه الإرهاب في لبنان من دون "سند" ديني. والخيارات المتاحة محصورة، خصوصاً أن علاقة "المستقبل" اليوم مع "هيئة العلماء المسلمين" (نشأت منذ عامين بتحالف سلفي – اخواني) ليست على خير ما يرام تحديداً منذ اعلان طرابلس الشهير وغياب الهيئة عنه. لا تتردد مصادر الهيئة في توجيه إنتقادات مباشرة لتعاطي "المستقبل" معها. تقول صراحة أنه في حربه على الإرهاب يحاول "ابعاد نفسه عن الحالة الإسلامية بمختلف انواعها".
 
قباني بدا بالأمس على دراية بهذه الحاجة، إلتقط اشادة عسيري الوحيدة في خطابه عندما قال إن "المفتي جيد ومؤهل ولكن يجب الا يكون هناك اي صبغة على الدار"، فتحدث بإسهاب عن دور دار الفتوى ومحاربة التطرف، مقتبساً الكثير من تعابير محور "الممانعة". حاول التوازن وانتقد "الحملات ضد الدار" وحصر مسببات التطرف السني بالموقوفين الإسلاميين! في غزل واضح للسلفين و"هيئة العلماء المسليمن" التي تعتبر هذه القضية، قضيتها، والتي حطت في الدار مؤخراً حاملة معها القضية، فشكل قباني لجنة لمتابعة حالات توقيف بعض العلماء والموقوفين بطريقة تعسفية.
 
في "المستقبل" تفهم واضح أيضاً لضرورات المرحلة، والحاجة الملحة لدور "الفتوى". مصادر التيار المطلعة على ملف الدار لا ترى في مواقف المفتي "جديداً" بل تعتبر أن الجديد يكمن في التوقيت. وتجزم أن المفتي يسعى إلى تمديد لنفسه "رغم أنه يكرر رفضه لذلك"، وتشير إلى "مشروع واضح في هذا الإطار وعناصره بدأت بالبروز وأولها البرباغاندا الإعلامية التي بدأت تظهر للرأي العام عبر تولي بعض الوسائل الإعلامية المقربة من 8 آذار مهمة التمهيد والتسويق لهذا الملف، فيما الجهة الضامنة له او الحاضنة لها مصلحة أساسية في ذلك طبعاً ليست خافية على أحد".
 
هل قول عسيري: "المفتي جيد ومؤهل"، قد تكون إشارة أولية لإحتمال لحظة إقليمية تؤدي الى التمديد للمفتي الحالي؟ تقول مصادر مطلعة على أجواء السعودية أن "الموقف لا يحتمل التأويل. وموقف (عسيري) يوضح الواقع الحقيقي لدار الفتوى والمرحلة التي وصلت اليها نتيجة أداء دار الفتوى التي يديرها المفتي وتدخل جهات اقليمية، أما العبارة فهي ضمن مفهوم العمل الدبلوماسي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، وليس لها أي خلفيات تمديدية كما أن المملكة تحاول حفظ هيبة الموقع وكرامته خصوصاً أنها تنظر اليه نظرة الحريص".
 
قبل شهر أو 15 يوماً من انتهاء ولاية المفتي الحالي في 14 أيلول ستجتمع الهيئة الناخبة التي تضم وفق المصادر 110 ناخبين. وتشير إلى أن "الدعوة لإنعقاد الهيئة توجه من قبل المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى بالتنسيق والإتفاق مع رئيس الحكومة العامل". في ظل وجود مجلسين شرعيين قد تخرج بعض العقد التي تحول دون انتخاب مفت جديد، إلا أن المصادر تذكر أنه "من الناحية القانونية هناك مجلس واحد ممدد لنفسه بسبب الظروف ومعترف به من قبل رئاسة الحكومة ونشر القرار في الجريدة الرسمية ومجلس شورى الدولة أصدر قراره في هذا السياق وابلغه للمفتي"، لذلك تستبعد بشكل قاطع إحتمال انعكاس الإنشقاق على عملية الإنتخاب.
 
تاريخياً، لعب السوري والمصري والسعودي دور العراب لإنتخاب مفتي الجمهورية. عند إنتخاب المفتي حسن خالد تذكر مصادر مطلعة بـ"نشوب خلاف مصري – سعودي فيما السوري لم يكن له دور يذكر. انتصر الخيار المصري المتمثل بخالد، على الشيخ شفيق يموت الذي دعمته السعودية آنذاك، إلا أن ذلك لم يمنع خالد في ما بعد من نسج علاقة قوية بالسعودية ليشكل في ما بعد قاسما مشتركا سعوديا – مصريا". وتذكر المصادر ايضاً أنه "عند انتخاب المفتي قباني لعب الدور الأساسي في اختياره السوري بوصفه متحكماً وعراباً للوضع اللبناني وابلغ رفيق الحريري آنذاك بالخيار السوري، فإنتخب".
 
اليوم، اللاعب الأوحد هي السعودية، تقول المصادر: "أكثرية الهيئة الناخبة تدور في فلك المستقبل فيما يمون الرئيس نجيب ميقاتي على عدد بسيط وكذلك فريق 8 آذار" بما أن الهيئة تضم رؤساء الحكومات: الحالي والسابقين، الوزراء الحاليين، النواب الحاليين، اعضاء المجلس الشرعي الحاليين، القضاة الشرعيين السابقين والحاليين، مفتو المناطق، اضافة الى 5 مقاعد لمديري الأوقاف والأمناء في الدار.
 
أما الدور المصري وتحديداً الأزهر، فلا يبدو أنه بعيد عن الفلك السعودي. المصادر تلفت الى أن "الأزهر متماه مع الموقف السعودي، في موقف واحد موحد ليس فقط بما يخص لبنان بل ايضاً على صعيد المنطقة في ظل الحكم المصري الجديد الذي تدعمه المملكة بسخاء". المصادر تلخص موقف "الأزهر" الذي اطلعت عليه مؤخراً بأنه "لم يقترح لا التمديد ولا العزل ولا الإعفاء بل يؤيد ما يتفق عليه المسلمون في لبنان" فقط.
 
لن ينتظر اللاعبون الرئيسيون في ملف انتخاب مفت جديد للجمهورية، قرب موعد "الإستحقاق الإنتخابي". العدة جاهزة اعلامياً وإدارياً وقانونياً. المعركة إنطلقت وإن صدق قباني في رفضه التمديد لنفسه، تبقى معركة إنتخاب مفت جديد قيد الإعداد، سيكون فيها قباني لاعباً رئيسياً بطبيعة الحال، خصوصاً أن التناقضات والأعراف السنية ليست إلا نموذجا آخر للتناقضات والأعراف اللبنانية: من سيحكم عائشة بكار؟
increase حجم الخط decrease