الأحد 2015/01/04

آخر تحديث: 15:15 (بيروت)

سوريا.. غلاء المواصلات يمنع طلاباً من الدراسة

الأحد 2015/01/04
سوريا.. غلاء المواصلات يمنع طلاباً من الدراسة
بلغت تعرفة النقل من اللاذقية إلى دمشق 3000 ليرة بعد أن كانت 350 ليرة (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease


يبدو أن الارتفاع المستمر في أسعار المحروقات، جعل من المواطن السوري بشكل عام ومن الموظفين والطلاب بشكل خاص، ضحية بورصة جديدة تقرّها "مزاجيات" أصحاب شركات النقل البري في سوريا. حيث بلغت زيادات أجور رحلات الباصات الكبيرة إلى المحافظات المختلفة، نحو تسعة أضعاف ما كانت عليه قبل عام 2011. الأمر الذي جعل من مهمة تأمين أجور النقل أمراً مستحيلاً على المواطن الذي يعيش أعباءً مالية كبيرة، جراء تدهور الاقتصاد السوري بعد الحرب.

ففي محافظة السويداء الواقعة على بعد 100 كيلومتر جنوب دمشق، بلغت تذكرة الانتقال إلى العاصمة 650 ليرة رغم أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، قد أقرت سعرها البالغ 175 ليرة فقط، إلا أن شركات البولمان لم تلتزم به. وذكر مواطنون في محافظة اللاذقية أن تعرفة النقل إلى دمشق قد بلغت 3000 ليرة بعد أن كانت 350 ليرة، الأمر الذي دفع العديد من الطلاب الى وقف تسجيلهم في جامعة دمشق، أو عدم استئناف تعليمهم فيها جراء الكلفة الباهظة التي يتكبدونها والتي لم يعد أهلهم يتمكنون من توفيرها لهم.
أمّا الموظفون فهمّهم احتساب ما سيتبقى من راتبهم الذي بات يساوي ربع القيمة التي كان عليها نتيجة ارتفاع الدولار وانخفاض قيمة الليرة أربعة أضعاف عمّا كانت عليه. والمشكلة الأكبر بالنسبة إلى الموظفين تبقى في التكاليف التي عليهم دفعها، كأجور المواصلات للذهاب إلى وظيفتهم، خصوصاً الموظفين الذين يحتاجون لأكثر من وسيلة نقل واحدة في اليوم، أو الذين ينتقلون إلى محافظة غير محافظتهم للعمل.


ارتفاع أجور النقل دفع العديد من طلاب الجامعات للقيام بحملة مقاطعة لشركات النقل، والدعوة لاعتماد باصات النقل العادية بدلاً منها، بالإضافة لقيامهم بمحاولات اعتصام أمام مقرات تلك الشركات كما حدث في السويداء مؤخرا، لكن تلك المحاولات باءت بالفشل نتيجة منع القوى الأمنية لها. وبالتوازي مع تحرك الطلاب قامت شركات النقل بإغلاق أبوابها خلال الأيام التي كانت مقررة للاعتصام.
والمعروف أن أصحاب شركات نقل الركاب تجمعهم علاقات وثيقة بالقيادات الأمنية، ويعتبر أصحابها من أعضاء خلية "إدارة الأزمة" في كل محافظة. ويبدو أن النهج الاقتصادي الذي اتبعته الحكومة السورية في زيادة أسعار الوقود أكثر من أربع مراتٍ متتالية خلال 2014، كان سبباً رئيسياً في ارتفاع أسعار النقل، وما ترتب عليها من فوضى ومزاجية خلقتا سوقاً سوداء جديدة تغذيها أهواء السائقين وشركات النقل البرية، أمّا ضحيتها فالمواطن السوري، لاسيما الموظفين والطلاب.
وقد عمدت حكومة النظام منذ بداية الصراع، إلى سحب السيولة النقدية من المواطنين من أجل تغذية خزينتها الموشكة على الانهيار. واستخدمت طرقاً متعددة لتحقيق ذلك، كان أهمها رفع الدعم عن المشتقات النفطية، كما تحولت من سلطة تنظّم الحياة العامة إلى راعية للسوق السوداء، تلك التي أوصلت أسعار المحروقات إلى مستويات جنونية. وتبين أن زعم الحكومة بمكافحة الفساد المالي والإداري ومكافحة السوق السوداء والمتاجرة بالمواد المدعومة كالمازوت، كان جزءاً من خطتها لكسب المال، والتي اتضح أنها السبب الرئيسي في انتعاش السوق السوداء في سوريا، خصوصاً في ظل عجز الحكومة عن تأمين مادة المازوت النادرة. وقد أدت الزيادة الأخيرة على مادة المازوت إلى جعل الليتر منه يباع بـ 250 ليرة أي بزيادة نحو 110 ليرات عن التسعيرة الجديدة المحددة بـ 140 ليرة. أمّا البنزين فيباع حالياً في محطات الوقود بسعر 150 ليرة لليتر الواحد. والجدير بالذكر أن أسعار النفط انخفضت نحو 50 في المئة، ما أدى إلى انخفاض أسعار المحروقات في مختلف أنحاء العالم، إلا سوريا.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها