الجمعة 2014/10/03

آخر تحديث: 13:38 (بيروت)

أضحى عاليه: السوق معطلة "كالدولة"

الجمعة 2014/10/03
increase حجم الخط decrease

لم تكن سوق مدينة عاليه بعيدة عن التأثيرات السياسية والأمنية التي عانى منها لبنان في السنوات الأخيرة. فقد بات بعض محالها التجارية مهددا بالإفلاس. وأغلقت محال أخرى أبوابها نهائياً، واكتفى أصحابها بالجلوس في منازلهم حتى لا تترتب عليهم المزيد من الخسائر. وهذا ما يرجع، أساساً، إلى عجزهم عن تأمين قيمة أيجار هذه المحال، وهي ايجارات تتناسب، في ارتفاع أسعارها، مع السمة السياحية للمدينة.

بضعة أيام تفصل مدينة عاليه عن عيد الأضحى، وسوق الألبسة فيها لم يتشح بعد بأي مظهر من مظاهر هذا العيد، رغم إعلان العديد من المحال عن تنزيلات بلغت الـ70 بالمئة، لكن هذه العروض التشجيعية لم تنجح في تحريك عجلة السوق المُعطلة "كالدولة اللبنانية"، حسب تعبير أحد التجار.


أراء ومعاناة
تعددت وجهات نظر تجار مدينة عاليه، الذين التقتهم "المدن"، حول أسباب الركود التجاري في المنطقة. إلا أن أكثرهم أجمع على أن للأسباب السياسية وتداعياتها الأمنية الدور الأكبر في الوصول إلى هذه الحال. فليس مستبعدا أن تُشل الحركة التجارية في لبنان بعد أن أصبح مصيره في مهب الريح، "خاصة بعد التهديدات الأمنية التي أرهبت الناس وعطلت العجلة السياحية التي هي أساس حركة سوق عاليه"، على حد قول نسيب العموري، صاحب محل للقطنيات. وهو يذكر أنه في بداية كل عام "يحصل ما يعكر الجو العام، مثل حدوث تفجيرات في مناطق مختلفة"، مضيفاً أن "سوق عاليه أصبحت راهنا مقصداً لأبناء المنطقة فحسب، وهم في معظمهم من ذوي الدخل المحدود. وقد باتت الحركة التسوقية مرتبطة بمواسم معينة، كموسم بداية المدارس وبحفلات الزفاف والراغبين بشراء ضروريات الحياة".


من جهتها ذكرت صاحبة محل "المنذر وكناكيت" أن 15 متجراً أغلقوا خلال هذا العام "نتيجة عجزهم عن دفع بدل الإيجار". وتلفت إلى أن "كل سنة تكون أسوأ من سابقتها، فهذا المحل كان، في الماضي، يعج بالزبائن حتى أننا كنا لا نجد مكاناً لنمر بينهم. أما الآن فيا دوب أقدر على تأمين أيجار المحل وراتب الموظف".

وأكد صاحب محل "مودي فاشن" أن "من يريد الاستمرار في مثل هذا الوضع الاقتصادي الصعب يجب أن يعمل دائماً على زيادة رأس ماله حتى يتناسب حجم الاستثمار مع الأرباح. فإذا كان أي مشروع تجاري يحتاج الى خمسين ألف دولار قبل سنوات، فعلى صاحبه الآن زيادة رأس المال أكثر من النصف ليتمكن من تحصيل أرباح تجنبه الخسارة".


التوافق بدل التنافس
من جهة أخرى يصف أحد الزبائن حال سوق عاليه بأنها "أشبه بديكور فخم في بيئة اجتماعية معظم سكانها من طبقة دون الوسط، وهم ينحدرون شيئاً فشيئاً إلى خط الفقر جراء ازدياد صعوبات تأمين المعيشة". على أنه، أيضاً، يرجع سبب احجام الناس عن التسوق في سوق عاليه للألبسة إلى "الاتفاق غير المعلن بين التجار، والذي يُغيِّب أي نوع من المنافسة بينهم على صعيدي الأسعار والجودة". وهذا برأيه جعل معظم الناس "يقصدون شركات الألبسة التي تعتمد أسلوب البيع الكثير والربح القليل".


السوريون لم يعودوا بديلاً سياحياً
شكل السوريون الوافدون إلى لبنان خلال العامين الماضيين بديلاً ساهم في تحريك عجلة الأسواق التجارية بعض الشيء. لكن مضي فترة من الزمن على وجودهم فيه، وانعدام أفق الحل في سوريا، عجّلا في وقوعهم في حال أقرب إلى الإفلاس، ما جعلهم يهتمون فقط بأمور معيشتهم. على أن هذه الفئة ليست من النازحين الفقراء، بل هم في الأصل ميسورون، وقد جاؤوا إلى لبنان جراء الأوضاع الأمنية السيئة في سوريا.

ويرى بعض أصحاب المحال التجارية أنه "لم يعد للسوريين أي تأثير إيجابي على الحركة التجارية وخاصة في سوق الملابس، فهذه الفئة يهمها الآن تأمين ما يسد رمق أطفالها الهاربين من الدمار"، حسب وصف أحد التجار.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها